كارثة الطائرة الأوكرانية ـ هل سقطت أم أُسقِطت فوق طهران؟
٩ يناير ٢٠٢٠تزامن الهجوم الإيراني على قاعدتين عسكريتين تستخدمهما القوات الأمريكية في العراق مع سقوط الطائرة المدنية الأوكرانية بالقرب من طهران بعد دقيقتين من إقلاعها من مطار الخميني، ما أثار الكثير من التساؤلات والتكهنات عما إذا كانت هناك علاقة بشكل ما بين الواقعتين.
مصادر إعلامية أمريكية تتناول فرضية قيام إيران بإسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ من منظومتها الدفاعية الجوية. وتقول هذه المصادر إن مسؤولين في الحكومة الأمريكية يعتبرون هذه الفرضية "مرجحة" بشكل كبير، حسب ما ذكرت قناة "سي بي اس" التلفزيونية.
من جانبها، ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية نقلا عن موظفين اثنين في البنتاغون، لم تذكر أسميهما أو وظيفتيهما، أن إسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ إيراني جاء عن طريق الخطأ.
وتعتمد الفرضية الأمريكية بشأن سقوط الطائرة الأوكرانية بفعل صاروخ دفاعي إيراني على حقيقة أن منظومة الدفاع الجوي كانت متأهبة في تلك الليلة التي شهدت إطلاق صواريخ على قاعدتين تتواجد فيها قوات أمريكية في العراق.
من جانبه، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس (التاسع من كانون ثاني/يناير 2020) عن "شكوك" بشأن أسباب تحطم طائرة الركاب الأوكرانية بعد إقلاعها من طهران فجر الأربعاء. وقال ترامب ردا على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض حول حادث التحطم الذي أوقع 176 قتيلا قرب طهران "لدي شكوكي". وأضاف "لدي شعور بأن شيئا رهيبا حدث". وقال ترامب إن الطائرة "كانت تحلق في أجواء صعبة للغاية وكان من الممكن أن يرتكب شخص ما خطأ"، مضيفا "يقول البعض إنه كان (عطلاً) ميكانيكيا. أنا شخصيا لا أعتقد أن هذا أصلاً ممكن". وقال ترامب "سيسلمون الصندوقين الأسودين في مرحلة ما لشركة بوينغ في أفضل الحالات، لكن إذا سلموهما لفرنسا أو دول أخرى، سيكون الأمر على ما يرام أيضا"
ونقلت مجلة نيوزويك ومحطتا سي بي إس وسي إن إن عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم قولهم إنهم يزدادون ثقة بأن أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية أسقطت الطائرة بطريق الخطأ، بناءً على بيانات الأقمار الاصطناعية والرادار والبيانات الإلكترونية.
إلى ذلك قال رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو اليوم خلال مؤتمر صحفي في أوتاوا "لدينا معلومات استخبارية من مصادر متعددة، بما في ذلك حلفاؤنا ومخابراتنا. تشير الأدلة إلى أن الطائرة أسقطت بصاروخ سطح /جو إيراني." مضيفا أن هذا العمل ربما لم يكن متعمدا، حسب ما أوردت هيئة الإذاعة الكندية. يشار إلى أن 63 كنديا كانوا من بين الضحايا.
رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون قال في بيان "هناك الآن معلومات تفيد بأن الطائرة أسقطت بصاروخ إيراني. قد يكون هذا غير مقصود... تواصل بريطانيا دعوة جميع الأطراف بشكل عاجل إلى خفض التوتر في المنطقة". ومن بين الضحايا أربعة بريطانيين.
من جهتها أعلنت السلطات الإيرانية الخميس أن الطائرة كانت في طريق العودة إلى المطار بعد مواجهتها "مشكلة"، قبل أن تسقط قرب بلدة شهريار غرب العاصمة.
وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن رئيس هيئة الطيران المدني بالبلاد نفى اليوم الخميس "الشائعات غير المنطقية" التي تقول إن الطائرة أسقطت بصاروخ. ونقلت الوكالة عن علي عابد زادة قوله "من الناحية العلمية، من المستحيل أن يضرب صاروخ الطائرة الأوكرانية ومثل هذه الشائعات غير منطقية".
المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي نفى في بيان نشره التلفزيون الرسمي أن تكون الطائرة قد أصيبت بصاروخ، وقال "كل هذه التقارير حرب نفسية ضد إيران... بإمكان كل تلك الدول التي كان لها مواطنون على الطائرة إيفاد ممثلين وندعو بوينج لإيفاد ممثلها للانضمام إلى عملية فحص الصندوق الأسود".
مجموعة التحقيقات الاستقصائية المتخصصة في تحليل المعلومات نشرت مقطع فيديو يظهر ما يبدو أنه انفجار وقع في الجو وموقعا مفترضا لمكان إطلاق صاروخ في من ، لكن المجموعة قالت إنها ما تزال تحلل ببيانات الفيديو الذي يبدو ـ وفق التقديرات الأولية ـ أنه لمنطقة شرق مدينة برد مقاطة كريم التابعة لمحافظة طهران.
في غضون ذلك، طلب مساعد وزير الخارجية الأوكراني سيرغي كيسليتسيا أمام مجلس الأمن الدولي الخميس "دعما غير مشروط" للخبراء المكلفين التحقيق حول تحطم طائرة الركاب الأوكرانية فجر الأربعاء في طهران. وقال كيسليتسيا خلال اجتماع حول موضوع الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، "أُزهقت 176 روحا بريئة"، مضيفا أن "ظروف هذه الكارثة لم تتضح بعد. يعود الآن للخبراء أن يحققوا ويجدوا أجوبة حول مسألة معرفة من تسبب بحادث التحطم. يجب من أجل ذلك أن يتلقى خبراؤنا دعما غير مشروط في تحقيقهم".
وقال مسؤول أمني أوكراني إن المحققين ينظرون في سبع فرضيات محتملة بشأن الحادث، تشمل اصطداما بجسم آخر في الجو وصاروخا من منظومة إيران الدفاعية وانفجار محرّك ناجم عن عطل تقني وانفجارا على متن الطائرة جرّاء "عمل إرهابي".
ووصل حوالى خمسين خبيرا في مجال الطيران ومسؤولا أمنيا أوكرانيا إلى طهران صباح الخميس للمشاركة في التحقيق، بما في ذلك قراءة بيانات الصندوقين الأسودين اللذين عثرت السلطات الإيرانية عليهما في موقع الكارثة.
ويسود غموض حول مصير الصندوقين الأسودين اللذين يعتبران أساسيين في التحقيقات إذ نقلت وكالة مهر للأنباء القريبة من المحافظين المتشددين عن رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية علي عابد زاده قوله "لن نعطي الصندوقين الأسودين للمصنّع (بوينغ) والأميركيين". لكن وزارة النقل الإيرانية رفضت الخميس "الشائعات حول تمنع إيران عن تسليم الصندوقين الأسودين (...) للولايات المتحدة".
ح.ع.ح/ع.ج.م(د.ب.ا/أ.ف.ب)