قمة المناخ المرتقبة في غلاسكو "كوب 26".. حذار من الفشل!
٢٧ أكتوبر ٢٠٢١ستشهد مدينة غلاسكو الاسكتلندية مطلع الشهر المقبل عقد الدورة السادسة والعشرين لقمة المناخ التي تعرف اختصارا بـ "كوب 26" إذ سيجتمع زعماء العالم في محاولة يراها خبراء المناخ الأخيرة لإبقاء الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية خلال القرن الجاري.
وتأجل عقد القمة جراء جائحة كورونا إذ كان من المفترض أن تعقد العام الماضي فيما يُنظر إليها باعتبارها التجمع الأمثل حيث سيتفاوض القادة والدبلوماسيون حول إبرام المعاهدات الرامية إلى إبطاء وتيرة ظاهرة التغير المناخي ومحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ففي عام 2015، وقع المشاركون على "اتفاقية باريس" للمناخ التي تقضي بوضع حد لارتفاع متوسط درجات الحرارة لا يتجاوز درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية؛ وهو الأمر الذي لم يكن ملزما لذا استمرت الدول في استخدام وحرق الوقود الأحفوري وقطع الأشجار بمعدلات تتناقض مع تحقيق هذا الهدف.
بيد أنه ومع تفاقم تداعيات ظاهرة التغير المناخي من فيضانات عارمة وحرائق للغابات ومواسم جفاف حارقة في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، يرى المراقبون أن قمة غلاسكو ستكون الحدث المناخي الأكثر أهمية منذ قمة باريس. فقد باتت قضايا المناخ تتصدر الأجندات السياسية في العديد من الدول ووسط احتجاجات كبيرة للضغط لاتخاذ تدابير صارمة لحماية الأرض.
الجديد بالذكر أن العديد من قادة البلدان الملوثة للتلوث قد تعهدوا بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الجاري.
وحذرت شيخا باسين - كبيرة المحللين في مجلس الطاقة والبيئة والمياه ومقره نيودلهي ـ من خطورة الأمر إذ ذكرت أنه خلال العقدين الماضيين، "انتقلنا من مواجهة التحديات المناخية إلى العيش في ظل حالة طوارئ مناخية".
وقالت إن هذا السبب وراء أن قمة المناخ في غلاسكو ستكون "في غاية الأهمية".
أجندة القمة؟
وفقا لاتفاقية باريس، اختار قادة العالم المدى والسرعة التي سيتعين على بلادهم خفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بالإضافة إلى اتفاقهم على تحديث الخطط المناخية كل خمس سنوات. بيد أنه وقبل عقد قمة غلاسكو، يبدو أن البلدان التي تعد أكبر مصدر للانبعاثات في العالم مثل الصين والهند والسعودية قد أخفقت في تقديم خطط جديدة.
وفي هذا الصدد، ذكر تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن الخطط المناخية التي طرأت عليها تحديثات لا تمثل سوى نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم.
من جانبها، تعمل المملكة المتحدة التي تستضيف قمة المناخ بالشراكة مع إيطاليا، على الضغط على الدول من أجل دفعها إلى تقديم خطط جديدة وأيضا إبرام اتفاقيات حقيقية للمساعدة على تحقيق الأهداف التي سوف يتفق عليها.
يتزامن ذلك مع دعوة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون زعماء العالم إلى الوفاء بتطبيق وتنفيذ التزامات جريئة تتمثل في وقف استخدام الفحم والسيارات التي تعمل بالبنزين والديزل، وإنهاء القطع الجائر للأشجار بالإضافة إلى المساهمة في دفع تكاليف التحول إلى الطاقة النظيفة.
وفي هذا السياق، تضغط الحكومة البريطانية من أجل إبرام اتفاق لإنهاء استخدام الفحم بشكل نهائي كذلك اقترحت وقف استخدام السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2040 فضلا عن دعوتها لتخصيص أموال لوضع حد لانحسار مساحات كبيرة من الغابات حول العالم.
من سيتحمل التكلفة؟
وإزاء كل ذلك، ستتصدر جدول أعمال قمة المناخ قضية الأموال التي سيتعين على الدول الغنية - التي تعد المسؤولة الأكبر على تلوث المناخ - دفعها إلى الدول الفقيرة التي تضررت بشدة جراء ظاهرة التغير المناخي.
لكن يبدو أن الدول الغنية قد تقاعست في هذا الأمر، وفقا لأحدث تقديرات صدرت عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تُعرف اختصارا بـ "OECD".
وقالت المنظمة إنه في عام 2009 وافقت الدول الغنية على دفع مئة مليار دولار بشكل سنوي بهدف التكيف مع آثار تغير المناخ بحلول عام 2020، لكن في عام 2019 تخلفت الدول عن الوفاء بهذا التمويل بنحو عشرين مليار دولار بعد أن تم جمع قرابة 79.6 مليار دولار فقط.
ويأتي ذلك رغم ارتفاع درجة الاحترار كثيرا خلال السنوات العشر الماضي ما جعل العقد الماضي الأكثر سخونة على الإطلاق.
الدول الفقيرة تطلب المساعدة
وتعاني الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا من صعوبات في مواجهة تداعيات ظاهرة التغير المناخي ما دفع الدول الأكثر عرضة لظاهرة الاحتباس الحراري إلى طلب المساعدة. ويتعلق الأمر بشكل خاص بالدعم المالي للتكيف مع الآثار الكارثية لظاهرة التغير المناخي.
ويضاف إلى كل هذا قضايا فنية خاصة باتفاقية باريس يتعين حسمها قبل دخولها حيز التنفيذ وأبرزها القواعد المتعلقة بسوق الكربون العالمي. والمقصود هنا أمران: الأول دفع الدول المسببة لغازات الاحتباس الحراري صوب استثمارات تقلل التلوث والأمر الثاني يتعلق بالطريقة التي يتعين على الدول الإبلاغ رسميا عن معدل خفض انبعاثاتها.
وخلال قمة المناخ التي ستعقد على مدار أسبوعين، ستعقد لقاءات ومحادثات بين زعماء العالم وعلماء ورجال أعمال وممثلين عن منظمات المجتمع المدني. في المقابل حذر ممثلو الدول الفقيرة من أن قيود السفر ونقص لقاحات كورونا فضلا عن تكاليف الإقامة، ستجعل من الصعب عليهم حضور القمة وهو الأمر الذي من شأنه أن يعيق إمكانية محاسبة الدول الغنية الملوثة للبيئة على مر التاريخ.
يشار إلى أنه خلال قمة المناخ الماضية في عام 2019 التي استضافتها مدريد، سعى المفاوضون على مدار يومين من المباحثات إلى التوصل إلى حل وسط حيال رفع الطموحات لكن محاولتهم باءت بالفشل إذ لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أسواق الكربون.
بدورها ترى شيخا باسين - كبيرة المحللين في مجلس الطاقة والبيئة والمياه ومقره نيودلهي ـ أنه على الرغم من فشل قمم المناخ السابقة في محاسبة الدول الغنية، إلا أن قمة المناخ في غلاسكو قد تكون فرصة لتقليل فجوة عدم الثقة.
وفي ذلك، أضافت "هذا الأمر ما يمكننا تحقيقه لذا علينا أن نجد الطريق لإنجاحه."
أجيت نيرانجان / م ع