قمة العمل بين شرودر والمعارضه تخرج بنتائج متواضعة
بعد الرسالة الشهيرة التي وجهتها المعارضة البرلمانية الألمانية إلى المستشار الألماني حول ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من البطالة، وذلك بعد أن كشف "المكتب الاتحادي للعمل" عن أن أعداد العاطلين عن العمل بلغت 5.2 مليون شخص، سارع المستشار الالماني غيرهارد شرودر الى دعوة زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي أنجيلا ميركل وحليفها زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي ادموند شتويبر الى اجتماع قمة في مقر المستشارية في برلين أمس الخميس. وقد خصص اللقاء لتدارس امكانية اتخاذ اجراءات مشتركة بين الحكومة والمعارضة من أجل ألمانيا. وقد سبق اللقاء بعدة أيام خطاب ناري للرئيس الالماني هورست كولر، المقرب من الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض، حث فيه جميع الاطراف على تجاوز التكتيكات والمناورات الحزبية ومحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من أجل مصلحة المواطنين، موجها ضمنا بعض الانتقادات للمستشار الألماني بسبب عدم ذهابه بعيدا في اجراء اصلاحات حقيقية للنظامين الاقتصادي والاجتماعي في الدولة. ولم يتوانى اعضاء الحزب الحاكم في توجيه اشد الانتقادات الى الرئيس الالماني، مشيرين الى عدم حياديته ونزاهته في عرض الاسباب والمسببات للاوضاع الحالية. يذكر أن دور الرئيس الالماني هو دور شرفي بحت، ولا يحق له اتخاذ قرارات او التدخل في رسم السياسات الحكومية. تحت وابل هذه التصريحات والانتقادات من هذه الجهة أو تلك، توجه كل من شتويبر وميركل الى اللقاء وفي جعبتهما اكثر من 31 مطلبا واقتراحا للخروج من الازمة.
القمة فشلت في تحقيق اختراقة حقيقية
لم يكن احد من المراقبين يتوقع أن يحدث لقاء القمة بين شرودر واقطاب المعارضة اختراقة حقيقية أو أن يقود الى نتائج مفاجئه. فبغض النظر عن مدى صدقية واهتمام المعارضة بالفعل في انقاذ الاوضاع، لا يمكن الاعتقاد انها ستقدم بسهولة قارب النجاة الى شرودر وتساعده ربما في حسم نتائج الانتخابات العامة السنة القادمة لمصلحته، ناهيك عن المنافسه المحتدة بين ميركل وشتوبير حول أحقية وكفاءة كل منهما في منافسة شرودر على منصب المستشارية في الانتخابات القادمة. وقد قلل المستشار الالماني من الامال المعقودة على لقاء القمة باعلانه امام البرلمان عن أهم الخطوات التي ستتخذها حكومته في سبيل الحد من البطالة في البلاد. شرودر أعلن أمام الصحافيين عن "رضاه" عن نتائج القمة، مشيرا الى ان المحادثات كانت "واقعية وهادئة"، الا أنه اشار الى وجود اختلافات لم يتمكن الطرفان من تجاوزها. من جهتها رحبت ميركل بحذر بنتائج القمة حيث قالت:"ربما نتمكن من تحقيق بعض النتائج الطيبة، مشيرة الى ان اللقاء "كان مفيدا من منطلق ان الضغط الذي مارسناه على الحكومة اسفر عن تحقيق بعض المطالب التي نادينا بها دوما." أما شتويبر فقد اعتبر أن اللقاء جلب معه "تحسنا بسيطا في بعض القضايا ومتوسطا في قضايا أخرى."
تبادل الاتهامات بين المعارضة والحكومة
استبق المستشار الالماني شرودراللقاء مع أقطاب المعارضه بالقاء بيان حكومي في البرلمان الالماني عرض فيه تصوراته لسبل وآليات خفض نسبة البطالة في سوق العمل وانتشال الاقتصاد الألماني من الركود وهو ما تم التوصل اليه بالفعل في لقاءه مع المعارضة مساء أمس. فقد اعلن شرودر في في خطابه ان حكومته ستعمل على خفض الضرائب على أرباح الشركات من 25 بالمائة إلى 19 بالمائة شريطة أن تقوم بخلق فرص عمل لديها، وعن نيتها استثمار المليارات في البنية التحتية اضافة الى دعم الشركات متوسطة الحجم. وردت رئيسة المعارضة أنجيلا ميركل على خطاب المستشار شرودر بالقول إن شرودر تطرق إلى كثير من التفاصيل دون الحديث عن جوهر المشاكل في ألمانيا. واتهمته بعدم المقدرة على تقديم حلول للمعضلات التي يعاني منها الاقتصاد الألماني، مشيرة الى أن ما ينقص البلاد هو نهج سياسي صحيح. أما رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري المعارض إدموند شتويبر فقد أعرب عن خيبة أمله من سياسة الحكومة الألمانية، واصفا البيان الحكومي بأنه "مخيب للآمال".
وجاءت ردود فعل الخبراء الاقتصاديين، سواء المقربين من الحزب الاشتراكي الديمقراطي أو من أحزاب المعارضة ممزوجة بين التحفظ والرفض لخطط شرودر التي عرضها في خطابه. وأعرب ميشائيل هوتر مدير معهد البحوث الاقتصادية ( إي. أف) الذي يتخذ من مدينة كولون مقرا له هو أيضا عن خيبة أمله من خطاب شرودر، ولكنه رحب في الوقت ذاته بإعلان شرودر عن نيته في خفض ضريبة الارباح من 25 بالمائة إلى 19 بالمائة. أما رئيس معهد (إيفو) للبحوث الاقتصادية هانس فيرنر زن فقد وقف فور انتهاء خطاب شرودر إلى جانب المعارضة، قائلا إن برنامجها "يضع اليد على الجرح" أكثر من برنامج الحكومة وان شرودر لم يقدم في بيانه مقترحات بعيدة التأثير وقادرة على حل المشاكل التي يعاني منها سوق العمل.
الرأي العام
وعلى الصعيد الشعبي، جاءت ردود فعل المواطنين حسب استطلاع قام به معهد البحوث الاقتصادية "ديماب" لتشير إلى أن غالبية المواطنين الألمان لا يعتقدون أن الخطط الحكومية وقمة العمل بين الحكومة والمعارضة ستساعد على خفض نسبة البطالة في سوق العمل. ووفقا للاستطلاع فإن 82 بالمائة من الأشخاص الذين شملهم المسح ينظرون بعيون الشكك إلى النتائج التي تمخضت عنها قمة العمل. ويقول الاستطلاع إن 17 بالمائة منهم فقط يعتقدون أن القمة ستعمل على تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد الألمانية.