قمة إسطنبول.. دور تركي يتعاظم في سوريا بغياب آخرين!
٢٥ أكتوبر ٢٠١٨لا يتوقع خبراء أن تسفر قمة إسطنبول المرتقبة بين أردوغان وميركل وبوتين وماكرون عن نتائج مؤثرة على المشهد السوري، لكن الرئيس التركي سيعتبرها فرصة سانحة ليضع نفسه في موقع الشريك الضروري الذي لا يمكن الاستغناء عنه. كما ستزيد من فرص تقارب أنقرة مع عواصم أوروبية فعالة كباريس وبرلين بعد فترات توتر سابقة.
ويقول مارك بيريني، باحث زائر بمركز كارنيغي بأوروبا في مقابلة مع DW عربية، إن مجرد عقد قمة بحضور هذه الأطراف هو انتصار كبير للسياسة التركية، "فللمرة الأولى يتم عقد لقاء هام بهذا المستوى خارج مظلة الاتحاد الأوروبي بعد قمة جنيف وتحضره دولتان بوزن ألمانيا وفرنسا".
ويرى بيريني أن الرئيس التركي سيعمل على تصدير صورة مختلفة عن نفسه وعن بلاده للخارج ليغطي ذلك على عدد من المشاكل التي يعاني منها في الداخل فلديه أزمة اقتصادية خانقة ولديه قمع مجتمعي شديد في أعقاب فشل محاولة الانقلاب في 2016 ولديه حوالي 80 ألف معتقل في السجون وانقسام في التحالفات السياسية.
ويضيف بيريني قائلا إن أردوغان يحاول تسويق كلمته بأن بلاده قائدة الضمير الإنساني في ظل قضية خاشقجي "هذا في الوقت الذي تحتل فيه تركيا المركز الأول في سجن الصحفيين على مستوى العالم وهو ما يجعل جهوده في إطار تحسين صورته عالمياً صعبة للغاية".
غائبون حاضرون.. وتركيا تملأ الفراغ
أكد كل من الكرملين وقصر الإليزيه ومكتب المستشارة ميركل حضور القمة المزمع عقدها في 27 تشرين الأول/أكتوبر في إسطنبول. لكن يغيب عن القمة ثلاثة أطراف هامة اثنان منهما لديه بالفعل قوات على الأرض هي النظام السوري وإيران والولايات المتحدة.
في هذا السياق يرى طه عودة أوغلو، الكاتب والمحلل السياسي التركي، أنه وإن كان عدم تواجد النظام السوري قد يعوضه التواجد الروسي، إلا أن هناك إشارة واضحة للغاية بأن الولايات المتحدة لديها دخل كبير في تغييب إيران بالتحديد عن المشهد ما يعني تعاظم الدور التركي بالتبعية وهو ما قبلته أمريكا، خاصة بعد انتهاء الأزمة بين البلدين بتسليم القس الأمريكي لبلاده وتحسن العلاقات تدريجياً.
ويرى عودة أوغلو أن أردوغان يريد وبشدة أن يؤكد على فكرة أن أي حل مستقبلي أو أي مفاوضات لا يمكن أن تمر دون أن تعبر من البوابة التركية.
أما مارك بيريني، الباحث الزائر بمركز كارنيغي بأوروبا، فيرى أن روسيا تعول كثيراً على الدور التركي في القمة المرتقبة "لمساندتها في الضغط على الاتحاد الأوروبي للدخول كشريك في عملية إعادة إعمار سوريا والتي لن تستطيع روسيا وحدها أن تتحمل تكلفتها، ما يضفي على الدور التركي في الملف السوري أهمية متزايدة، ويبدو أن هناك توافقاً دولياً على السماح بتعاظم هذا الدور".
قضية خاشقي .. ملف ملتهب حاضر في القمة
على مدى الأيام الماضية كانت تركيا محور حديث العالم بعد الإعلان عن مقتل الصحفي السعودي المرموق جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. ويؤكد مراقبون أن القضية لابد وأنها ستطرح على مائدة النقاش خلال قمة إسطنبول.
ويرى مارك بيريني أن مقتل خاشقجي سيتم مناقشته بالتأكيد مع فرنسا وألمانيا لكنه لا يعتقد أنه سيأخذ حجماً أكبر من اللازم. ويتفق الكاتب التركي طه عودة أوغلو مع هذا الطرح ويشير إلى أن أردوغان، وإن كان يدرك مدى أهمية ملف جمال خاشقجي، إلا أنه يرى أن القمة وما قد ينتج عنها من تزايد المساحة التركية في الملف السوري أمر أكثر أهمية.
خلافات بين الحلفاء
شهدت القمة الثلاثية، التي عقدت بين تركيا وروسيا وإيران حول سوريا، خلافات ظهرت إلى العلن. فتركيا تدعم عدة جماعات معارضة داخل سوريا وأكثرها في إدلب وكانت أنقرة تخشى من اندلاع حرب في المدينة ينتج عنها موجات نزوح هائلة تصل إلى حدودها الجنوبية، فيما رأت روسيا وإيران ومعهما بالطبع النظام السوري ضرورة القضاء على تلك الجماعات. لكن تركيا نجحت في فرض وجهة نظرها ونزعت فتيل الحرب.
وكان بهرام قاسمي، المتحدث بسم الخارجية الإيرانية، قد صرح بأن "إيران ستبقى متواجدة في سوريا مادامت الحكومة السورية تريد ذلك وطالما بقي هناك إرهاب" وزاد على ذلك بأن قال "إن من ينبغي أن يخرج هو من دخل من دون إذن الحكومة السورية".
ويرى المحلل السياسي طه عودة أوغلو أن نتائج هذا الخلاف ظهرت في إبعاد إيران عن القمة خوفاً من حدوث تعقيدات في المشهد، بجانب وجود اتفاق شبه ضمني بين الحاضرين على التقليل من حجم الدور الإيراني خاصة مع اقتراب موعد بدء فرض العقوبات الأمريكية على طهران في الرابع من نوفمبر لكن روسيا من الواضح أنها ترفض الأمر.
وأضاف بأن هذا ما لوحظ من تصريحات وزير الخارجية الروسي لافروف عندما قال إنه تم الاتفاق على عقد قمة مشابهة لقمة أستانا في موسكو قريباً بين تركيا وإيران وروسيا وكأن لافروف يؤكد للعالم بأن بلاده لا تقبل بإبعاد ايران عن الملف والتأكيد على أنها شريكة في أي عملية سياسية داخل سوريا رغم الرفض العالمي الكبير.
عماد حسن