قطر تواجه اتهامات متزايدة بالتشغيل القسري للعمال الوافدين
١٩ أكتوبر ٢٠١٣"وعدوني بالعمل في ورشة لإصلاح السيارات، إلا أنه بعد وصولي إلى قطر استأجرتنا شركة بناء. يرغموننا على العمل هناك. أحيانا يتعين عليّ العمل في ورش على ارتفاع مائة أو مائتين متر، عمل خطير. لكن رؤسائنا يقولون، إننا المسؤولون عن سلامتنا". هكذا يصف العامل الوافد من النيبال، بيدا ماياكوتي عمله الخطير أمام وفد للاتحاد الدولي للنقابات.
سافر ماياكوتي إلى قطر سعيا للربح السريع، إلا أن العكس هو الذي حصل "أخذت قرضا بأسعار فائدة عالية حتى أتمكن من السفر إلى قطر. إلا أن أجرتي لن تمكنني من تسديد ديني. كما أنني في حاجة لإجراء عملية جراحية لابنتي، اضطررت أن أبيع أرضي في النيبال. والآن أنا في أزمة". يقول العمل النيبالي.
عبودية عصرية
تفجر الجدل حول وضع العمال في قطر شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد نشر صحيفة غارديان البريطانية تقريرا أشار إلى وفاة 44 عاملا نيباليا أثناء عملهم. وندد الاتحاد الدولي للنقابات بالرد "الضعيف والمخيب للآمل" من قبل السلطات القطرية إزاء التقارير الإعلامية حول وفاة العمال النيباليين. وكان الوفد النقابي قد قرر زيارة قطر قبل نشر صحيفة غارديان البريطانية تقريرها المثير للجدل، والذي أثار موجة شك حول ظروف حياة مئات آلاف العمال الوافدين العاملين في قطاع الإنشاءات في هذا البلد، الذي سيستضيف كاس العالم لكرة القدم عام 2022.
تبدأ مأساة هؤلاء العمال قبل وصولهم إلى الإمارة الخليجية، مدفوعين بالفقر وغياب فرص العمل في بلدانهم الأصلية. يبيعون كل ممتلكاتهم لتسديد الأموال اللازم دفعها لعملاء الوكالات المحلية الوسيطة، والتي تتراوح قيمتها بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف دولار أمريكي. وتقوم تلك الوكالات بإغراء الوافدين الجدد بوعود كاذبة.
وتتعرض قطر لضغط متزايد من اجل وضع حد لما وصفته منظمات حقوقية بأنه "استغلال" للعمال الوافدين العاملين في المشاريع الإنشائية الضخمة، التي تحضر لاستضافة كاس العالم في 2022، خصوصا مع تكاثر المؤشرات على النقص في ظروف العمل الملائمة وكذلك الخوف المنتشر على نطاق واسع بين العمال. وحسب بيان للاتحاد الدولي للنقابات فأن "الخطط والإصلاحات التي تقدمها السلطات تفتقر للطابع العاجل المطلوب في هذه الحالة". وقدم الوفد سلسلة من التوصيات أبرزها السماح بالعمل النقابي وإلغاء نظام الكفالة وإلغاء تأشيرة الخروج المفروضة على الوافدين من قبل أرباب العمل، بحسب البيان الذي وصفها بـ "سلطة مطلقة لمنع العامل من مغادرة البلاد".
تنامي الانتقادات ضد قطر
يكرس نظام "الكفالة" استغلال العمال ونهب حقوقهم، لأنه يمنعهم من تغيير العمل أو مغادرة البلد دون إذن رب العمل. ورغم أن قانون العمل في قطر يحدد ساعات العمل ويلزم أرباب العمل بأجور معقولة وبظروف إقامة كريمة، إضافة إلى الرعاية الصحية للعمال، إلا أن هذه القوانين لا تُحترم ولا تتم مراقبة تطبيقها من قبل السلطات إلا نادرا على حد تعبير الخبراء.
من جهتها دعت منظمة العفو الدولية قطر إلى وضع حد لممارسات "الاستغلال" التي تطال العمال الوافدين عبر تعزيز حمايتهم وتطوير قوانين العمل. وقال جيمس لينش الباحث في المنظمة لشؤون العمال الوافدين في الخليج إن القوانين الحالية التي تنص على حماية حقوق العمال لا يتم تطبيقها، فيما هناك حاجة إلى إصلاحات في القوانين. وقال لينش "نرى أن اجتماع عدة أشكال من الاستغلال في بعض الحالات التي قمنا بتوثيقها، يرقى إلى التشغيل القسري". وذكر لينش أن نتائج التحقيقات التي أجرتها منظمة العفو الدولية من خلال قضاء عدة أسابيع في قطر، سيتم نشرها في تقرير خاص ينشر في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
ويرى الخبراء أن استغلال العمال الوافدين لا يقتصر على قطر، وإنما يشمل أيضا السعودية والإمارات والكويت وماليزيا، وبالتالي فإن تغييرا جذريا في أنظمة استقبال العمال وظروف عملهم في تلك البلدان بات ضروريا. ومن المتوقع أن تستقبل قطر لوحدها خلال العام المقبل، ما لا يقل عن مليون عامل إضافي لبناء المنشئات الخاصة باستقبال نهائيات كأس العالم.