قضية جورج فلويد: شركات أمريكية تتضامن، لكن ما الهدف؟
٧ يونيو ٢٠٢٠المظاهرات التي اندلعت بسبب قتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد بطريقة عنيفة على يد شرطي أبيض البشرة لا تنقطع، ففي منتصف الأسبوع نزل الآلاف من الناس مجددا في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الشوارع للاحتجاج ضد عنف الشرطة والعنصرية. ومنذ مدة لم يعد الأمر يتعلق فقط بأفراد يرفعون أصواتهم من أجل عدالة أكبر، فحتى الكثير من الشركات الأمريكية تتضامن مع المتظاهرين.
"العنصرية ماتزال أصل الكثير من الألم والقبح في مجتمعنا ـ من شوارع مينابوليس إلى التفاوتات التي حصلت بسبب كوفيد 19"، كما كتب مارك مازون، المدير المالي لمجموعة سيتي في مدونته بالشركة. وهذا الرجل البالغ من العمر 50 عاما هو من السود القلائل الذين نجحوا في الوصول إلى قمة شركة عالمية. وثلاث من بين 500 شركة أمريكية كبرى يقودها أمريكيون من أصل افريقي، بينهم كنيث فريزي الذي يترأس منذ تسع سنوات أعمال شركة الصيدلة العملاقة "ميرك". "مجتمعنا منقسم أكثر من ذي قبل"، يقول كنيث في مقابلة مع سي ان بي سي.
مازون وفريزي ليسا لوحدهما من رجال الأعمال الذين اتخذوا موقفا مما يجري. فقائمة الذين أخذوا الكلمة عقب وفاة فلويد طويلة. فإلى جانب سلسلة متاجر القهوة ستاربوك وشركة نايكه للمستلزمات الرياضية ومصرف مورغان الأمريكي توجد أيضا شركة ديزني المحافظة من بين الداعمين للاحتجاجات. "نحن نقف إلى جنب موظفينا السود والروائيين والفنانين والجالية السوداء برمتها"، كما تعلن الشركة مضيفة: "يجب علينا التكاتف ورفع صوتنا".
عندما يرتدي طائر تويتر اللون الأسود
وحتى شركة إنتاج الأحذية ريبوك وموقع تويتر الاجتماعي وخدمة نيتفليكس تكشف عن مواقفها. فتويتر غيَر لون شعاره من الأزرق إلى الأسود. ونيتفليكس كتبت:" البقاء في صمت يعني التواطئ" إلى جانب ذلك الاعلان بأن هناك التزاما تجاه الموظفين السود باتخاذ موقف. أما ريبوك فناشدت مباشرة الزبائن. "نحن لا ندعوكم لشراء أحذيتنا"، كما كتبت الشركة على تويتر. "نحن ندعوكم إلى المشيء في أحذية آخرين". وشركة جنرال موتورز التزمت حتى نهاية الربع الحالي من السنة بإنشاء مجلس ادماج استشاري من موظفين وخبرات من خارج الشركة لدعم التنوع داخل الشركة. وداخل شركة الأسطوانات يونيفرزل ميوزيك ستقوم لجنة عمل بالبحث عن مواضع الضعف التي تحفز على التفاوت داخل الشركة.
وحقيقة أن ينخرط هذا العدد الكبير من الشركات الأمريكية في النقاش حول العنصرية وعنف الشرطة لها سبب، كما تقول فيندي مليلو. فأستاذة الصحافة بالجامعة الأمريكية في واشنطن تقوم منذ سنوات ببحوث حول التواصل الاستراتيجي. ليست سمعة الشركة فقط هي المستفيدة من النهوض ضد الظلم. فالكثير من الزبائن يتوقعون اليوم المسؤولية الاجتماعية للشركات التي يتبضعون عندها.
المسؤولية كجزء من استراتيجية الشركة
" داخل المجتمع الأمريكي نلحظ للتو تغيرا هاما"، تقول مليلو التي تعني بالأساس المستهلكين الشباب الذين لدى معظمهم تطلعات للعدالة الاجتماعية. فبعض الشركات مثل كيلوغس أو أبل تصدر منذ سنوات إضافة إلى حصيلة الشركة تقارير حول مسؤولية الشركة. "غالبية الشركات طورت منذ مدة استراتيجية تكشف عن كيفية ارضاء حاجيات الزبائن".
والوضع الحالي يبين أيضا أن محاولات التضامن للشركات لا تلقى ترحيبا. مدير شركة لوي فيتون، فيرجيل أبلو مثلا تبرع في خضم الاحتجاجات بـ 50 دولارا فقط لمنظمة ضد العنصرية وجنى بذلك موجة غضب. وفي المواقع الاجتماعية لشركة الموضة لم تظهر لمدة طويلة كلمة واحدة حول الأحداث الأخيرة.
المال للتنصل من المسؤولية؟
وإلى جانب الكلمات تستخدم شركات أمريكا هذه الأيام صندوقها المالي. فمصرف أمريكا مثلا أعلن الثلاثاء عن تخصيص مليار دولار في السنوات الأربع المقبلة لمساعدة السود في أحيائهم للحصول على الصحة والاستقلالية ووظائف ومساكن أحسن. ورئيس فيسبوك، مارك زوكيربيرغ تعهد بصرف عشرة ملايين دولار لصالح منظمات تكافح ضد التمييز العنصري. وماركة التجميل "سيفورا" تبرعت بأكثر من مليون دولار للمنظمة الحقوقية ناكب/ NAACP.
ويعتبر مراقبون بأن هذه المبادرات من قبل شركات أمريكية عملاقة ما هي إلا محاولة لركب موجة الغضب الجماهيري ضد العنصرية للاستفادة منها. ويقول كيني تاكر، الخبير في الإعلان والعلاقات العامة بأن "كل هذه الأموال والحملات وإعلانات التضامن لن تغير المجتمع، فقد فات الأوان "، معتبرا أن العنصرية متجدرة في الولايات المتحدة منذ قرون، وليس المال هو من سيغير شيئا في ذلك، والسود تعرضوا دوما للإهانة والتهميش.
ولو نظرنا إلى أقسام الإدارة في هذا العالم يتبين نفاق هذا النقاش. فعوض أخذ المبادرة تبقى شركات أمريكا متقاعسة. يجب أن يحصل شيء ما لتتحرك الشركات والناس. ولذلك فإن الشركات تتحمل قسطها في الوضع القائم. ويريد الكثير منها فجأة التألق بتبرعاته. لكن هناك حالات استثنائية لشركات مثل نايكه التي نبدت في الماضي العنصرية.
زبرينا كيسلر/ م.أ.م