قضايا المرأة والربيع العربي تهيمن على أسبوع الفيلم الوطني في موريتانيا
٣١ أكتوبر ٢٠١١عاشت العاصمة الموريتانية نواكشوط في الفترة الممتدة بين 23 و29 أكتوبر/ تشرين أول، على إيقاع الفن السابع وذلك من خلال تنظيم مهرجان أسبوع الفيلم بموريتانيا في دورته السادسة. ويتحدث محمد ولد إدومو مدير المهرجان في حوار مع دويتشه فيله عن الأفلام التي شاركت في نسخة هذا العام، وعن واقع السينما الموريتانية، بالإضافة إلى تطرق المهرجان للثورات في العالم العربي عبر نقاشات وندوات نظمت على هامش المعرض.
وفيما يلي نص الحوار:
دويتشه فيله: الأستاذ محمد ولد إدومو، ما الذي ميز مهرجان الأسبوع الوطني للفيلم الذي اختتم مؤخرا في نواكشوط؟
محمد ولد إدومو: أعتقد أن ما ميز مهرجان الفيلم الوطني هذه السنة، هو الحضور القوي للمرأة الموريتانية في فعاليات المهرجان سواء كمخرجة أو كممثلة أو كمساهمة في التحضير وبرمجة المهرجان.
هل كانت هناك أفلام للمرأة الموريتانية في هذا المهرجان؟
فعلا كانت هناك سبعة أفلام من إخراج نساء موريتانيات تتنزع بين أفلام قصيرة وطويلة وأخرى وثائقية.
ماهي القضايا التي تعالجها هذه الأفلام؟
أهم المواضيع التي عولجت من طرف المخرجات الموريتانيات هي موضوع العنف ضد المرأة وموضوع المساواة وكذلك موضوع الطلاق الذي ينتشر بشكل رهيب في المجتمع الموريتاني. ومن أبرز الأعمال السينمائية التي عرضت في المهرجان، أولا فيلم الافتتاح الذي يتناول حياة الفنانة الموريتانية الراحلة "ديمي بنت آبه". وأخرجت هذا الفيلم شابة موريتانية في أول عمل سينمائي لها. هناك فيلم آخر إسمه "ما في الأرحام" وهو يتعلق أساسا بمسألة التهميش ومحاولة المساواة بين المرأة والرجل في المجتمع الموريتاني وهو أيضا من إخراج فتاة موريتانية، بالإضافة إلى فيلم تمثيلي قصير تحت عنوان "مصاصة" لمخرجة موريتانية. ويعالج هذا الفيلم ظاهرة مصاصي الدماء في المجتمع الموريتاني التقليدي، حيث ينتشر اعتقاد بأن هناك عجوز تقوم بمص دماء الأطفال. فالمخرجة استطاعت أن تتناول هذا الموضوع الاجتماعي البحث في فيلمها القصير والذي فاز بجائزة الهواة. ايضا هناك فيلم آخر اسمه "طلاق" وهو يعرض مشكلة الطلاق في المجتمع الموريتاني، وهي مشكلة منتشرة بشكل كبير في موريتانيا، إذ أن تسعين في المائة من الموريتانيات مطلقات أومتزوجات للمرة الرابعة أو الخامسة. إذن فكل المواضيع التي تم التطرق لها في هذه الأفلام كانت تأخذ طابعا محليا.
إلى جانب المشاركات المحلية، هل كانت هناك مشاركة لدول أجنبية في هذا المهرجان؟
نعم كان هناك حضور لثلاثة عشرة دولة، سواء من خلال أفلام أو من خلال استضافة مخرجين. ومن بين هذه الدول هناك بلدان مغاربية بالإضافة إلى فرنسا والكاميرون وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا والبرازيل.
وماذا عن المسابقات التي نظمت على هامش هذا المهرجان؟
كانت هناك ثلاث مسابقات؛ المسابقة الدولية التي كانت مخصصة للأفلام الدولية والمحترفة، والمسابقة الوطنية المخصصة للمخرجين الوطنيين سواء كانوا محترفين أو هواة، بالإضافة إلى مسابقة أخرى مخصصة لأولئك الذين يخرجون أفلامهم للمرة الأولى وأطلقنا عليها اسم مسابقة "هل تتكلم لغة الصورة". و قد فاز فيلم موريتاني اسمه جرح العبودية بالمسابقة الدولية، وهو فيلم وثائقي طويل لمخرجه الشاب عثمان جدنا ويتطرق هذا الفيلم لظاهرة العبودية في المجتمع الموريتاني القديم ومدى استمرارها في المجتمع الموريتاني الحديث. أما الجائزة الثانية في هذه المسابقة فقد عادت لفيلم جزائري بعنوان "الساحة" لمخرجه دحمان بوزيد. في حين كانت الجائزة الثالثة من نصيب فيلم "الصوفية نور القلب" وهو فيلم من إخراج فرنسي موريتاني.
هناك حديث عن حضور الربيع العربي كمادة في هذا المهرجان، أين تجلى هذا الحضور؟
حضور الربيع العربي تجلى أولا في عرضنا للفيلم العالمي المشهور والذي يعرض في أكثر من مهرجان عالمي وهو "ثقافة المقاومة" لمخرجته البرازيلية إيار . ويتطرق هذا الفيلم لكل أنواع المقاومة، ضد العنف وضد الاستعباد وضد الديكتاتوريات. وأردنا من خلال هذا الفيلم والنقاشات والندوات التي نظمت عنه، معرفة أنواع المقاومة بكل أشكالها سواء الثقافية أو المسلحة وأيضا المقاومة الحديثة في المجتمع العربي التي كانت قامت بالأساس ضد الحيف وضد الظلم وضد الديكتاتورية. وكانت كل أيام المهرجان حافلة بهذه النقاشات.
بشكل عام ماهي الاستفادة التي تجنيها السينما الموريتانية من تنظيم مثل هذه المهرجانات؟
نحن في موريتانيا مازلنا في بداية اهتمامنا بالفن السابع، فلحد الآن لا توجد في موريتانيا دورعرض. تصور معي في مدينة كبيرة مثل نواكشوط التي يسكنها حوالي مليون شخص لا توجد قاعة سينمائية واحدة، ولا توجد كلية للفنون الجميلة ولا معهد لتعليم السينما. ففي جو كهذا، يظل اهتمام الشباب الموريتاني بالفن السابع منحصرا في الرغبة والهواية بشكل كبير دون الاحتراف بمفهومه الحقيقي، باستثناء الذين أتيحت لهم فرصة السفر إلى فرنسا أو إلى ألمانيا أو إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو إلى دول عربية مثل المغرب أو مصر لدراسة الإخراج أو التمثيل أو غيرها من الدراسات المرتبطة بالسينما. فمن خلال هذا المهرجان نحاول التغلب على هذا المشكل بتنظيم عروض سينمائية في الهواء الطلق، وداخل الأحياء الشعبية والساحات العمومية. فهذا هو الأسلوب المتاح حاليا في موريتانيا لمشاهدة الأفلام في فضلا عن التلفزيون. ففي واقع مثل هذا، حيث تغيب كل أنواع الثقافة السينمائية، يظل تنظيم مهرجان للسينما تحد كبير لنا ونحن ننظم الدورة السادسة.
وأعتقد أن احتكاكنا بتجارب الآخرين واستضافتنا كل سنة لدولة ذات خبرة في المجال السينمائي مثل الجزائر التي كانت ضيف شرف هذا العام وقبلها السينما المغربية والتونسية والفرنسية والسنغالية، وفي الدورة المقبلة السينما اللبنانية، كل هذا الاحتكاك وكل هذا التواصل والورشات والدورات التكوينية التي تصاحب المهرجان هي فضاءات تستفيد منها السينما الموريتانية والمجتمع الموريتاني بشكل عام.
أجرى الحوار: هشام الدريوش
مراجعة: منصف السليمي