قراءة الهواتف المحمولة.. جدل وتشكيك في قانونية الإجراء
٢٥ فبراير ٢٠١٧"أنا حقا مصدوم" هكذا أجاب محمود أرديم في حواره لموقع DW، يعمل إرديم محاميا منذ 20 عاما. وهو ينوب عن العديد من اللاجئين في القضايا المتعلقة بقانون الأجانب. ويعتبر إدريم أن قراءة البيانات من الهواتف النقالة وذاكرة التخزين (يو أس بي) قانونيا هو غير مسؤول "ويتعارض مع الحقوق الشخصية".
ومن المفترض أن يسمح مشروع القانون الجديد للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF)، بتفتيش وقراءة محتويات أجهزة الهاتف المحمول لطالبي اللجوء دون إذن مسبق. وهو أمر ما كان مسموحا به لرجال الشرطة ومكاتب دائرة شؤون الأجانب إلا في إطار قانوي ضيق جدا.
قانونيا يطبق تدخل كهذا وفق شروط صارمة. فوفقا لقانون الإقامة لا يسمح بذلك إلا إذا كان من غير الممكن التحقق من هوية الشخص"بطرق عادية". وينتقد إدريم المشروع الجديد بقوله "ينبغي مراعاة حسن التقدير، وهوما تم المساس به بشكل كبير" فاستخدام البيانات محظور تماما، في حال العثورعلى معلومات شخصية. وهذه المعلومات ينبغي حذفها ولا يسمح بقرائتها.
بعضهم أيد المشروع وبعضهم عارض
يهدف مشروع القانون الجديد إلى تفتيش وقراءة بيانات الهواتف المحمولة، في حالة الشك بهوية طالب اللجوء ولإتاحة إمكانية أفضل لتحديد هوية وجنسيات طالبي اللجوء، لكن ذلك لم يقنع إدريم "لم أر في كل هذه السنوات لاجئا كشف عن هويته عبر أجهزة المحمول". ويعتبر المحامي المتخصص بشؤون اللاجئين أن مشروع القانون الجديد "خطوة صاروخية"، فيها ثغرات ويضيف بالقول "أنا على اتصال جيد مع زملائي ونحن متفقون في حال تضرر وكلاؤنا سنقوم برفع دعوى". وبحسب إدريم فإن هذا المشروع يدفع المعنين بالأمر بالتلاعب بهواتفهم المحمولة، ما يمنع إمكانية قراءة بيانات الهوية الأصلية.
وفي حواره لموقع مهاجر نيوز، رأى رافائيل وهو يعمل في مكتب استعلامات إحدى المؤسسات الإعلامية الألمانية أن مشروع هذا القانون أمر سلبي ويضيف بالقول: إنه تعدي على الخصوصيات وهذا يتعارض مع حقوق الإنسان" ويشير رافائيل إلى أن تحديد هوية الأشخاص كان ينبغي أن يكون منذ البداية ويستطرد بالقول"برأيي، أن وجود أشخاص بهويات مختلفة في ألمانيا هو خطأ كبير وكان ينبغي على السلطات الألمانية مراقبة ذلك بدقة منذ البداية". أما إيريس فترى أن التفتيش ضروري وخاصة في حالات الشك بطالبي اللجوء ولكن ما يقلقها هو "استغلال هذه البيانات سلبيا".
أما سيف الدين وهوشاب تونسي وصل إلى ألمانيا منذ سنتين فيرى أن القانون جيد في حالات الشك بهوية طالبي اللجوء فهذا يساعدعلى حماية المواطنين من وقوع اعتداءات، لكن سيف الدين يرفض بشكل قاطع تفتيش الهواتف المحمولة بدون إذنه ويعتبر ذلك "خرقا للخصوصيات".
وأيدت بروين، وهي شابة سورية قدمت إلى ألمانيا منذ عامين، فكرة المشروع وبررت ذلك بقولها "بالتأكيد أن الحكومة الألمانية تفتش عن شيء معين يخص أمن دولتها وهذا من حق الحكومة الألمانية، ونحن ضيوفهم".
محمد وهوشاب سوري وصل إلى ألمانيا منذ عام تقريبا، يرى أن هذه القرار ضروري لتحديد الهوية وخاصة أن الكثير من الأعمال الإرهابية ارتبطت بالهوية السورية ويضيف بالقول "هذا يضر بسمعة السوريين بشكل خاص واللاجئين بشكل عام".
حدود التكنولوجيا
من جانب أخر يرى فابيان شيرشيل المحرر التقني في المجلة المختصة بالإعلاميات "سي تي"، أن ترك الآثار أمر محتمُ، فجميع الحسابات الموجودة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، هي بمثابة كتاب مفتوح". ويرى شيرشيل "أن استعمال برامج التواصل مع الأقارب من شأنه تسريب معلومات (عن المستخدم) أيضا".
تسمح تطبيقات مثل خرائط غوغل وغيرها الحصول على معلومات حول مكان تواجد الأشخاص. ومع ذلك، فإن الأمر غير ممكن عند إيقاف تشغيل هذه الميزة "لايمكن لغوغل تحديد المكان في حال عدم وجود تسجيل رقمي في المكان الذي يوجد فيه الشخص"
ومن الممكن إخفاء بيانات نظام تحديد الموقع في الصور المأخوذة عبرالهاتف المحمول، وتبقى بذلك البيانات الهاتفية حصرا والتي تعطي معلومات عن أرقام الهواتف المستخدمة بدون الكشف عن المحتوى.
معظم الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد أو أبل تقوم بتشفير هذه البيانات. وعن ذلك يقول شيرشيل "بدون كلمة السر تكون الامكانيات التقنية ضئيلة نسبيا، حتى بالنسبة للحكومات، في الحصول على البيانات". بالطبع يمكن فكّ تشفير هذه البيانات عبر برامج خاصة، ومن المفترض توفرها لدى السلطات وتدريب جميع الموظفين على استعمالها. وإذا لم تتمكن هذه التقنيات المتطورة من فك تشفير هذه البيانات، لايبقى عندها سوى الاستعانة بطالب اللجوء للكشف عنها. وإذا ما تمّ تطبيق ضغط غير قانوني عليه، فهذا سوف يطرح إشكالية قانونية.
مشروع يذكر بـ"هجوم تجسسي كبير"
أما بيرند ميزوفيتش مدير قسم سياسة حقوق الإنسان في منظمة "برو أزول" يرى: "أن تفتيش بيانات الهاتف المحمول، للكشف عن هوية شخص ما لن تطبق في جميع الحالات بشكل متماثل. حتى المكالمات الهاتفية فهي لا تعطي سوى معلومات أولية ولاتكشف عن الجنسية التي يحملها اللاجئ".
ويوافق ميزوفيتش المحامي إدريم برأيه ، أن مشروع هذا القانون "خطوة صاروخية"، مشيرا إلى أن منظمة برو أزول ترى أن هذا المشروع تراجعا مؤسفا عن ثقافة الترحيب التي عرفتها ألمانيا في السنوات الأخيرة.
ولكن الانتقاد الحقيقي برأي ميزوفيتش هو أن قراءة وتحليل البيانات الأجهزة المحمولة، يتشابه كثيرا مع قانون سابق مثيرا للجدل وهو "ما أدانته المحكمة الدستورية الاتحادية بـ"هجوم تجسسي كبير" عام 2004".
وعلاوة على ذلك فإنّ من غير الواضح من سيحصل في النهاية على البيانات التي سيتم جمعها "هل تخرج هذه المعلومات من نطاق مؤسسات طالبي اللجوء إلى نطاق مكاتب الاستخبارات أو حتى إلى الخارج".
ويرى ميزوفيتش أن هذا المشروع حتى لو لم يصوّت عليه بعد من قبل البرلمان الألماني، فإن المحكمة الإدارية العليا في ألمانيا هي التي ستبت في النهاية في القضية.
فولفغانغ ديك/دالين صلاحية