فشل جديد يهدد مقترحات إصلاح قوانين التجارة العالمية
كلنا نتذكر مهزلة المؤتمر الوزاري الخامس لمنظمة التجارة العالمية الذي نظم خريف عام 2003 في كانكون المكسيكية، فقد كان المؤتمر مسرحا لفشل الدول الغنية من جهة والدول الفقيرة من جهة أخرى في تسوية خلافاتها بشأن قوانين التجارة العالمية. غير أنه جاء أيضا ليقدم أكبر الدلائل على عجز الدول الغنية في التخلي عن أنانيتها لصالح الدول الفقيرة الساعية إلى تغيير قوانين التجارة العالمية بحيث يمكنها تصدير منتجاتها الزراعية دون قيود إلى أسواق الدول الصناعية. تجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر يفشل للمرة الثانية، إذ أنه سبق له وأن مني بالفشل عام 1999 في سياتل، الأمر الذي فجر موجة غضب في الأوساط المؤيدة للقيام بتسهيلات تساعد الدول الفقيرة على تجاوز محنها الاقتصادية. وبهذا تبقى برامج مؤتمر الدوحة للتنمية حبرا على ورق وكلمات الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في إطار حوار الطرشان.
كرة جديدة في جنيف
والآن تستضيف جنيف السويسرية مؤتمراً يستمر ثلاثة أيام ويعتبر الفرصة قبل الأخيرة لإنقاذ توصيات ومقترحات مؤتمر الدوحة. ووفقا للمراقبين فإن المتحمسين لفتح الأسواق الغربية أمام منتجات الدول الفقيرة وعلى رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان يسعون إلى إقناع ممثلي الدول الغنية بتقليص المساعدات الحكومية التي تحصل عليها قطاعاتها الزراعية ورفع الحظر عن قوانين الواردات الصارمة التي تحول تصدير منتجات البلدان الفقيرة. وجاءت انتقادات شديدة اللهجة وجهها عنان في منتدى دافوس الاقتصادي الأخير إلى ممثلي الدول الصناعية لتؤكد إن المساعدات التي تحصل عليها قطاعات الزراعة فيها "تحد من قوة السوق بشكل كبير وتضر بالبيئة ... وتقطع أرزاق مزارعي وفلاحي الدول الفقيرة"، وهو الأمر الذي يعني زيادة اعتمادهم على المساعدات الخارجية على حد قول الأمين العام.
الجانبان مطالبان بتقديم تنازلات
في حين أعربت الدول الغنية نظريا عن استعدادها لفتح أسواقها أمام المنتجات الزراعية لدول العالم الثالث، تطالب هذه الدول بأن تكون الدول الفقيرة مستعدة أيضا لفتح أسواقها أمام المنتجات الصناعية من الدول الغنية وكذلك أمام قطاع الخدمات. وهنا تجدر الإشارة إلى أن مزارعي سويسرا والنرويج يتصدرون مزارعي الدول الغنية بخصوص المطالبة بالحفاظ على مساعدات القطاع الزراعي. ويطالب قطاعا الزراعة في البلدين الأوروبيين بتوفير حماية أكبر لمنتجاتهما الزراعية. ويعزي مزارعو هاتين الدولتين وكذلك مزارعو كافة الدول الغنية هذه المطالب إلى إن منتجاتهم الزراعية أفضل من منتجات الدول الفقيرة وجودتها أعلى.
هونغ كونغ .... الفرصة الأخيرة
بينما تواصل الدول الغنية من جهة والدول الفقيرة وممثلو المنظمات الدولية من جهة أخرى مناقشاتهم الحادة بخصوص تخفيض الجمارك المساعدات الحكومية لقطاعات الزراعة في الدول الغنية هناك احتمال بفشل المؤتمر القادم لمنظمة التجارة العالمية المزمع تنظيمه في ديسمبر/ كانون الأول المقبل في هونغ كونغ. وسيكون لفشله عواقب وخيمة على الدول الفقيرة وقطاعاتها الزراعية لأنه سيوسع دائة الفقر فيها وسيزيد من اعتمادها على المساعدات الخارجية. الجدير بالذكر أن بعد فشل مؤتمر كانكون بدأ الجانبان بالتفكير والبحث عن حلول أخرى، فالولايات المتحدة على سبيل المثال تؤيد توقيع اتفاقيات تجارية ثنائية، بدلا من السعي إلى الاتفاق على قوانين تلزم جميع الدول بفتح أسواقها أمام منتجات الدول الأخرى.
دويتشه فيله