فريق دورتموند - وصفة النجاح السحرية
٢٢ أبريل ٢٠١١بفوزه الأسبوع الماضي على فرايبورغ بثلاثة أهداف دون مقابل وخسارة المطارد المباشر ليفركوزن أمام بايرن ميونيخ بخمسة أهداف لهدف، أصبح فريق دورتموند قاب قوسين أو أدنى من الفوز بلقب الدوري الألماني لكرة القدم. وإذا تحقق ذلك فإن الأمر لن يشكل مفاجئة بالنظر إلى المستوى الرائع الذي قدمه فريق دورتموند هذا الموسم، فبالإضافة إلى تحقيقه للفوز في أغلب المباريات فإنه تمكن أيضاً من تحطيم أرقاماً قياسية كثيرة منها عدد المرات التي يفوز فيها بشكل متتالي. بالإضافة إلى قهره لفريق بايرن ميونيخ العتيد في عقر داره وبثلاثة أهداف لهدف وهو إنجاز لم يحققه دورتموند منذ عشرات السنين.
الآن وقبل أربع مباريات عن نهاية الدوري الألماني لكرة القدم، بدأت التهاني تنهال على فريق دورتموند، وتبارك له الفوز بدرع الدوري، غير أن مدرب دورتموند، يورغن كلوب، الذي يرجع إليه الكثير من الفضل في المستوى الجيد الذي ظهر به الفريق هذا الموسم، مازال حذراً في قبول هذه التهاني، وأكد في أحد حواراته الصحفية أنه "مادامت هناك أربع مباريات متبقية في هذا الموسم ومادام فارق النقاط مع أقرب المطاردين لا يتجاوز خمسة نقاط، فإن كل شيء ممكن".
ومازال كلوب يتذكر المرارة التي تجرعها فريقه قبل عامين عندما كان قريباً من التتويج بلقب الدوري الألماني، لكنه في نهاية الموسم انزلق إلى مركز لم يؤهله حتى للمشاركة في الدوري الأوروبي. لكن وبغض النظر عن تحفظات كلوب فإن معظم المتتبعين للشأن الكروي الألماني يجمعون على أن دورتموند ظاهرة هذا الموسم بامتياز. فأين يا ترى يكمن سر نجاح فريق دورتموند ومدربه؟
الجمع بين الإمتاع في اللعب والظفر بنقاط المباراة
منذ أن تولى كلوب مسؤولية تدريب دورتموند تغير أسلوب لعب الفريق بشكل كبير، فالفريق أصبح ينهج أسلوباً هجومياً وكرة جماعية تعتمد على الفرجة والتصميم على تسجيل الأهداف. ويرجع ذلك إلى قدرة كلوب الكبيرة على تحفيز اللاعبين وإشعار كل واحد منهم بالمسؤولية وهو ما يشجعهم ويرفع من معنوياتهم ويجعل منهم فريقاً متماسكاً تصعب هزيمته.
ويسوق كلوب مثالاً على تحفيزه للاعبين في حوار أجراه مع صحيفة "شبورت بيلد " الرياضية الألمانية، أنه بعد انتهاء فريقه من التدريب وتمدد كل اللاعبين على الأرض من شدة التعب، يطلب منهم كلوب بشكل تطوعي جري مسافة كيلو متر إضافية، ويقول لهم "عليكم أن تعلموا بأن هذا الكيلومتر هو الذي يمكنه أن يحسم الكثير من المباريات هذا الموسم". وهو ما يمتثل له كل اللاعبين دون استثناء. وسرعان ما تظهر قوة العزيمة وروح الانتصار التي تميز فريق دورتموند على أرض الملعب. ففي مباراتهم أمام هامبورغ ضمن الجولة 29 من الدوري الألماني تلقى دورتموند هدفاً في الدقيقة 90، لكن رغم ذلك سارع كل اللاعبين إلى الكرة وحملوها إلى نصف الملعب بغية الإسراع إلى تعديل النتيجة، وهو ما تأتى لهم بالفعل وتمكنوا من إحراز هدف التعادل والظفر بنقطة ثمينة قد تكون حاسمة في الفوز باللقب.
الاستثمار في اللاعبين الشباب
وإضافة إلى عمل كلوب داخل الملعب، تساهم إدارة النادي أيضاً بشكل كبير في النجاح الذي يقدمه الفريق هذا الموسم، فالمشرفون على الفريق اعتمدوا سياسة بث الدماء الجديدة في الفريق بدل شراء اللاعبين الجاهزين والمكلِفين، وهو ما أعطى أكله بشكل كبير. فالفريق يملك معدل أعمار قد يكون الأصغر ضمن فرق الدوري الألماني، ورغم ذلك يقدم هؤلاء اللاعبين مستويات رائعة ويُطلب بعضهم أيضاً للعب في المنتخب الألماني للشباب وحتى منتخب الكبار، أمثال كفين غروس كرويتس وماريو غوتسه.
ولا ننسى هنا أيضاً الصفقات الناجحة التي وقعها مسؤولو النادي مع بعض اللاعبين أمثال الياباني شنجي كيغاو والذي لم يتجاوز مبلغ انتقاله لدورتموند 250 ألف يورو. ورغم ذلك استطاع هذا اللاعب تسجيل عدد كبير من الأهداف، فاق ما سجله لاعبون آخرون في الدوري الألماني تم جلبهم بملايين من اليورو.
وفي هذا السياق أكد كلوب بأنه لا ينوي بتاتا تعزيز الفريق الموسم المقبل بلاعبين ذوي شهرة عالمية للمشاركة في مسابقة دوري أبطال أوروبا، وأنه سيعتمد على نفس اللاعبين الشباب الذين ابهروا في الدوري الألماني. وأضاف كلوب في حوار مع صحيفة "شبورت بيلد" بأن هؤلاء الشباب سيقدمون صورة إيجابية عن اللاعب الألماني الذي بإمكانه التألق في مختلف المسابقات وتقديم مستويات عالية.
ثاني أفضل جمهور في العالم
لكن نجاح إدارة دورتموند ومدربه في الإشراف على الفريق، لا يقل أهمية عن دور الجمهور أو ما يطلق عليه باللاعب رقم 12. فالمراقبون يصنفون جمهور دورتموند كواحد من أفضل الجماهير في العالم، ويتوقعون بأن يصل عدد الجماهير التي تحضر مباريات الفريق على ملعب "سينيال إدونا بارك"، أكبر ملعب في ألمانيا، إلى مليون متفرج على امتداد مباريات الدوري الألماني لهذا الموسم. وهو ما يجعل جماهير دورتموند تأتي في المرتبة الثانية في نسبة الحضور الجماهيري على مستوى الأندية الأوروبية، خلف جماهير فريق برشلونة، ومتفوقة على جماهير ريال مدريد ومانشستر يونايتد الإنجليزي.
ولا يقتصر الأمر على الحضور الجماهيري الهائل وإنما يتجاوزه إلى المؤازرة الكبيرة للفريق في السراء والضراء وكمثال على ذلك مباراة دورتموند أمام ليفركوزن والتي ظل جمهور دورتموند يصفق للفريق ولمدة طويلة بعد انتهاء المباراة رغم هزيمة فريقه بهدفين دون مقابل، وهو دعم نادراً ما تلاقيه الأندية خاصة عند هزيمتها على أرضها وأمام جمهورها.
ولعل أكبر هدية يمكن لدورتموند تقديمها لجمهوره الوفي هي الفوز بدرع الدوري الألماني لكرة القدم هذا الموسم، وهو أمر أصبح قريب المنال. ففوز دورتموند على مونشنغلادباخ في المباراة المقبلة وانهزام ليفركوزن أمام هوفنهايم يعني احتفال فريق دورتموند وجمهوره بلقب البونديسليغا لموسم 2010/ 2011.
هشام الدريوش
مراجعة: عماد م. غانم