فريدلاند
٢٦ أغسطس ٢٠١٥
تصل مجموعة من اللاجئين السوريين إلى مطار هانوفر متعبةً ولكن سعيدةً يملأها الأمل بعد سنوات من النزوح والإقامة في مخيمات في لبنان. من هنا يُنقلون بالحافلات إلى محطتهم الأولى: معسكر فريدلاند.
نرافق في هذا الفيلم هذه العائلات أثناء إقامتها في المعسكر، وهنا يتحدث الناس عن رحلة لجؤهم وعن الأسباب التي دفعتهم لذلك، وعن الخسائر الجمة التي تكبدونها، وعن الأوضاع في وطنهم المدمر. هنا يتعلمون أسس اللغة الألمانية ويلتحقون بدورات يتعرفون فيها على أهم المعطيات في ألمانيا. وغالبًا ما يُفاجئون بالدستور الألماني الذي ينص على أن "كرامة الإنسان لا تُمس"، أمرٌ لا يعرفونه في وطنهم أبدًا. وجلهم قلق على أفراد عائلته الذين ما زالوا في لبنان أو سوريا.
إضافة إلى مواكبتنا طالبي لجوء من سوريا سوف نواكب آخرين من إريتريا وأفغانستان وباكستان ممن يعيشون في معسكر فريدلاند على أمل أن يحصلوا على حق الإقامة في ألمانيا. ولطالما أتوا إلى هنا بمساعدة مهربين في ظل ظروف خطرة على حياتهم، حيث عبروا المتوسط أو أنهارًا جارفة بقوارب مطاطية، وشاهدوا كيف يغرق أصدقاؤهم، ولكنهم قبلوا التحدي لأن حياتهم في خطرٍ أكبر في أوطانهم. يتحدث هؤلاء عن معايشاتهم المأساوية وعن عنائهم، وعن خوفهم من أن يُرحَّلوا إلى ديارهم أو إلى أول دولة أوروبية دخلوها وبصَّموا فيها، وغالبًا ما يكونوا قد تعرضوا هناك لسوء أو سُجنوا، وبخاصة في بلغاريا واليونان ومالطا. أحد الفلسطينيين اللاجئين تدمع عيناه لمجرد تذكر ما ألمَّ به في مالطا. وشابة أفغانية تقول إنها سوف تتعرض للرجم في بلدها لأنها هجرت الرجل المسن الذي أجبرت على الزواج به.
هذا الفيلم يصور حياة اللاجئين اليومية في معسكر فريدلاند: دورات اللغة، والمشورة، الرحلات إلى مدينة غوتنغن القريبة، بيت الأطفال والمدرسة، ساحات اللعب والرياضة حيث يلتقي الجميع. هنا يعيش مسلمون ومسيحيون ويهود بجانب بعضهم البعض، هنا تنشأ صداقات وقصص حب. وفاء تقول بهذا الصدد الوضع هنا يشبه وضعنا في دمشق سابقا، قبل أن يُجن الجميع، حيث كنا نعيش مع بعضنا البعض دون أن نهتم إن كان الجيران مسلمين أو مسيحيين.
يربط الفيلم بين قصص اليوم وحكايات الماضي، حيث يتحدث ألمان عاشوا في معسكر فريدلاند في الماضي، مثل أنيلي كيل التي لجأت سنة 1947 طفلةً من بولونيا إلى فريدلاند، وهي تقول إنها تعرف أهمية مثل هذا الموقع للتوقف وأخذ استراحة في مأمن من الحرب، لأنها عايشت الأمر بنفسها. الفيلم عبارة عن ثغرةٍ في "أوروبا الحصن". ولكنه يتناول أيضًا الفترة الزمنية التي كان الألمان فيها لاجئين معوزين وفي نفس الوقت مذنبين لأنهم تسببوا بحرب مهيبة.
فيلم وثائقي من إعداد فراوكه زانديغ، 85 د.، بالتعاون مع دويتشه فيلله وإذاعة شمال ألمانيا.