غونتر غراس يعترف بعضويته في فرقة الوحدات النازية الخاصة
١٥ أغسطس ٢٠٠٦فَجَر الأديب الألماني العالمي غونتر غراس قنبلة أدبية ـ إعلامية حين أفصح لأول مرة عن أنه كان في صباه عضوا لفترة محدودة في فرقة الوحدات النازية الخاصة اس اس (SS). وذكر غراس في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورته الجماينة تسايتونغ" بأنه التحق طواعية في سن الخامسة عشر بشبيبة هتلر. وفي سن السابعة عشر أستدعي للعمل ضمن فرقة الوحدات النازية الخاصة وارتدى زيها. يذكر أن هذه الوحدات كانت بمثابة جهاز الحرس الخاص الذي يتولى حماية أدولف هتلر وكذا الحزب النازي ونسبت لها إعمال وحشية. وقد تم حظرها بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية وسقوط النازية كما أدينت رسميا بأنها "منظمة إجرامية" وذلك في ما عرف بمحاكمات "نورنبيرغ".
الاعتراف في "أثناء تقشير البصل"
وبرر غراس تطوعه في الوحدات النازية الخاصة في رغبته آنذاك بالتحرر من القيود الاجتماعية والخروج من دائرة الأسرة الضيقة إلى الفضاء الرحب. ولم يخف اعتباره لما قام به بمثابة فضيحة ما كان ينبغي عليه فعلها. غير أنه لم يعتبر الأمر كذلك أثناء فترة الخدمة حسب قوله. وأضاف بأنه لم يكن يدرك في ذلك العمر المبكر ما يقوم به. وبرر غراس الذي يبلغ من العمر 78 عاما صمته طوال أكثر من ستين عاما بالقول بأن المناسبة هي كتابه الجديد بعنوان "أثناء تقشير البصل". ويتناول في الكتاب ذكرياته منذ سنوات شبابه المبكر بما في ذلك عضويته في الوحدات النازية الخاصة. ومن المتوقع أن يصدر الكتاب في سبتمبر القادم. وأضاف غراس بأن اعترافه الآن يمثل أحد الأسباب التي دفعته إلى إعداده مشيرا إلى أنه لم يستطع الصمت أكثر. وذكر بأنه لم يعلم أحد بتلك الحقبة قبل اعترافه سوى زوجته وقلة قلية من أصدقائه المقربين. واعتبر كتابه الجديد بمثابة فرصة للحديث عن عضويته في الوحدة النازية وكذلك عن طريقة التحاق الشباب بتلك الفرقة. كما اعتبر نفسه ساذجا حينها كونه انجر وراء شعارات ألايدولوجيا النازية. وأوضح بأنه لم يعد يتذكر تصرفاته آنذاك في تلك السنوات المبكرة من عمرة، لكنه أكد بأنه لم يرتكب أي أعمال إجرامية ولم يطلق الرصاص على قط.
مصداقية غراس موضع تساؤل
اعتراف غراس أحدث صدمة في الأوساط الأدبية والثقافية والسياسية وتسبب في ردود أفعال كثيرة على جميع الأصعدة والمستويات الداخلية الألمانية والعالمية كونه من الشخصيات الأدبية المعروفة عالميا. فهو لا يعد فقط أحد رواد الأدب الألماني الخديث الذين حملوا على عاتقهم إعادة صياغته وأوصلوه إلى العالمية، بل إنه أيضا أديبا ملتزما وناقداً للأوضاع السياسية في ألمانيا وفي العالم ويؤمن بأن الأدباء هم "ضمير الأمة". هذا وقد أثارت تصريحات غراس موجة من الانتقادات وصلت إلى حد المطالبة بسحب جائزة نوبل للآداب التي حصل عليها عام 1999 عن دوره في إثراء الأدب العالمي وخصوصا في ثلاثيته الشهيرة "ثلاثية دانتسيغ". وفي الوقت الذي قلل أصدقاء غراس من أهمية عضويته في الوحدات النازية، انتقد آخرون تأخره عن الاعتراف كل هذه السنوات وحملوه المسئولية الأخلاقية على ذلك، لاسيما وقد عرف عنه مواقفه الناقدة للحقبة النازية. ويعتقد البعض من المراقبين بأن اعتراف غراس سوف يؤثر على مصداقيته ويهز صورته. يذكر أن بعض المسئولين التربويين في ألمانيا دعوا إلى تغيير الكتب المدرسية وإعادة النظر في تعريف التلاميذ بشخصية غراس بعد اعترافاته.