غذاء الطيور في فصل الشتاء يؤثر على تركيبة جيناتها الوراثية
٢٨ ديسمبر ٢٠٠٩كشفت دراسة ألمانية أن التركيبة الجينية للطيور المهاجرة التي تزور الحدائق الأوروبية شهدت تطورات، إذ تعرضت أجنحتها ومناقيرها لتغييرات، خلال ثلاثين جيلا إلى درجة أنها تحولت إلى كائنات لها مواصفات خاصة جديدة. وأفادت الدراسة التي قام بها فريق من الباحثين في جامعة فرايبورغ الألمانية، أن الطيور كانت تتكاثر جنبا إلى جنب في نفس غابات وسط أوروبا، ولكنها بدأت في اتخاذ مسارات هجرة شتوية مغايرة بعد أن لاحظت بعضها توافر فضلات فتات طعام غنية للبشر في بريطانيا. ثم انقسمت هذه الطيور إلى مجموعتين منفصلتين من حيث عملية التكاثر.
الطيور المهاجرة إلى الشمال تعرضت لتطورات أكبر
ففي الوقت الذي هاجرت فيه إحدى المجموعتين في الشتاء إلى الجنوب والتحديد إلى إسبانيا لتقتات على الزيتون وضروب من الفاكهة، فضلت المجموعة الثانية مسار أقصرا في الهجرة. ذلك أنها هاجرت إلى الشمال الغربي وبالتحديد إلى بريطانيا، حيث تجد ما يكفي من الطعام على أيدي محبي الطيور. ورغم أن المسار القصير نحو بريطانيا قد رافقه البرد الشديد، إلا أنه يتمتع بميزة لا يمكن تجاهلها وهي الغذاء الجاهز من موائد الحدائق وعشاق الطيور، ما يعني أن الرحلة أصبحت أسرع. ففي سياق متصل يشير الدكتور مارتن شيفر من جامعة فرايبورغ الألمانية، والذي يترأس فريق البحث،: "إن الطيور التي تختار مسار الهجرة الأقصر تقتات على ما يقدمه البشر بدلا من الفاكهة التي تبحث عنها الطيور التي تتخذ مسار الهجرة نحو الجنوب الغربي". ويوضح شيفر أن "نتيجة لذلك نجد أن الطيور، التي تهاجر نحو الشمال الغربي لها أجنحة أكثر استدارة، وهو ما يساعدها على المناورة بشكل أفضل، لكنها تجعلها أقل قدرة على الهجرة لمسافات طويلة". ولفت الباحث الألماني إلى أن مناقيرها أصبحت أكثر طولا وتحدبا لتحاكي الطيور التي اعتادت أن تقتات على الطعام الذي توفره متاجر الحيوانات الأليفة، لكنها لا تصلح لتناول الفاكهة.
الإنسان يؤثر على تركيبة جينات الطيور الوراثية من خلال الغذاء
على صعيد آخر، يقول شيفر إن الدراسة، التي أجراها فريقه ونشرت نتائجها في مجاة "علم الأحياء المعاصر"، توثق التأثير الكبير للنشاطات البشرية على مسارات التطور في السلالات، لافتا إلى أن البشر "لا يؤثرون على الطيور النادرة والمعرضة لخطر الانقراض فحسب، بل أيضا على الطيور الأخرى التي تحلق حولنا ونشاهدها في الحياة اليومية". ويستعرض شيفر مثال طائر "أبو القلنسوة"، الذي وعلى الرغم من أنه من المستبعد أن ينفصل إلى مجموعتي طيور منفصلة جينيا، إلا أن النتائج قد أظهرت أن الخطوات الأولى للتحور والتنوع السلالي حدثت وبسرعة شديدة في الطيور المهاجرة. يشار في هذا السياق إلى أن طائر "أبو القلنسوة"، واسمه العلمي"سيلفيا أتريكابيلا"، يعتبر طائرا صداحا يتميز بريش أسود أو أحمر ضارب للون البني على الرأس وهو أصغر قليلا من عصفور المنزل. وتحوم طيور "أبو القلنسوة" خلال مواسم التكاثر حول الشجيرات والأشجار بحثا عن الحشرات والعناكب والديدان، لكنها في العادة تقتات على الفاكهة . وبرغم أن هذا النوع من الطيور يقوم بمعظم رحلاته خلال فصل الصيف، فإن أعدادا متزايدة منها تقضي شتاءها في الشمال الأوروبي وبريطانيا.
(ش.ع / د.ب.أ)
مراجعة: حسن زنيند