Colour blindness incurable, but manageable
١٩ نوفمبر ٢٠٠٨يستطيع الطفل ليو ابن الرابعة أن يميز من الألوان بوضوح الأسود والأبيض والأزرق والأصفر، لكنه غالباً ما يواجه مشكلة في تمييز ما عداها من ألوان. وأوصت ممرضات دار الحضانة التي يتعلم فيها، بأن يجرى له فحص على يد طبيب عيون. فعرض الطبيب على الطفل الصغير لوحات مرسومة بنقاط صغيرة ملونة، ولم يتمكن ليو من التعرف على الأشكال الموجودة في تلك اللوحات. فجاء تشخيص الطبيب أنه مصاب بعمى الأخضر والأحمر.
وليو ليس وحده في هذه الحال، حيث يشير البروفيسور هيرمان كراستل، المتخصص في طب وجراحة العيون في مدينة هايلدبيرغ الألمانية، إلى أن نحو 8 بالمائة من الذكور و0.4 من الإناث يولدون بعمى الأحمر والأخضر. ويوضح الطبيب الألماني أن عيباً جينياً صغيراً يتسبب في قيام مستقبلات الصورة في قرنية العين بإرسال معلومات ناقصة عن اللون من خلال العصب البصري إلى المخ.
العمى الدالتوني
ويعد عمى اللونين الأحمر والأخضر من الأمراض المعروفة منذ زمن طويل، ويسمى أيضا بـ "الدالتونية" نسبة إلى الكيميائي والطبيب الإنجليزي جون دالتون الذي كان هو نفسه مصابا بهذا الخلل وكان من أوائل من وصفوا حالة القصور في رؤية الألوان. وكان دالتون، الذي توفي عام 1844، يرى البرتقالي والأصفر والأخضر على أنها ظلال مختلفة للون الأصفر.
وتمكن العلماء من إثبات أن دالتون يعاني من عمى ألوان بعد 150 عاما من وفاته حسبما ذكر مدير معمل دراسات الجينات الجزيئية في مستشفى العيون بجامعة توبنغن بيرند فيسينغر، الذي يجرى أبحاثا على الأسباب الوراثية لعمى الألوان. وتم رصد المورثة المشوهة عند دالتون في حمض نووي (دي..إن.إيه) من نسيج محفوظ من عينه.
التمييز بين ظلال الألوان
أما أخصائي البصريات في مدينة أولتن السويسرية فريتس بوسر، فيقول واصفاً إصابته بعمى الأحمر والأخضر: "إننا لا نرى كل شيء باللون الرمادي، لكننا فقط نرى بصورة مختلفة". بوسر يقوم بتدريب مختصين في الإعاقة البصرية ومدرسي ضعاف البصر في ألمانيا. ويضيف بوسر معلقاً على تعايشه مع المرض: "حينما أقوم بجمع ثمار التوت مع ابني فإنه يجمع كميات أكبر من التوت الأحمر، بينما أجد أنا على التوت الأسود بصورة أفضل".
ويشير طبيب وجراح العيون كراستل إلى أن بعض المصابين بعمى الألوان يميزون بين ظلال الأصفر البني والأصفر الرمادي والبني أفضل من الذين يتمتعون بإبصار طبيعي. ويوضح بوسر أن تأثير مشكلات الألوان قليل على حياته اليومية، مضيفا: "أكبر ما تشكله من قيود هو اختيار الوظيفة". فالمصابون بعمى الألوان لا يناسبهم العمل كطيارين أو سائقي قطارات لأنها مهن تحتاج إلى التعرف على الإشارات اللونية.
مرض لا شفاء منه
وعلى الرغم من أن عمى الألوان لا شفاء منه وليس قابلا للتصحيح، إلا أن المصابين به ممن يتطلعون إلى "وسيلة مساعدة" يمكنهم أن يجدوا بسهولة عروضا عبر الانترنت عن عدسات خاصة ذات مصافي ألوان يفترض أنها قادرة على تصحيح عمى الأحمر والأخضر.
ويشير كراستل إلى أن العدسات تغير بالفعل رؤية الألوان وربما تمكن الشخص المصاب بعمى الأحمر والأخضر من اجتياز اختبارات جدول الألوان. ومع هذا فإنها تضعف من رؤية الألوان بطرق لا تشملها هذه الجداول. وفي هذا السياق يقول كراستل موضحاً: "ببساطة يحدث تحول في المشكلة". وينصح الخبراء هؤلاء المصابين بعمى الألوان بتقبل المرض.
وينصح الخبراء بإخضاع الأطفال لفحوص عمى الألوان مع بدء حياتهم المدرسية على أقصى تقدير حتى وإن لم تظهر عليهم أعراضه، لتجنب صعوبات التعليم. ويشير كراستل إلى أن "المواد المرتبطة بالألوان مثل الخرائط تستخدم باستمرار في المدارس"، وإذا ما أظهر التشخيص إصابة الطفل بعمى الألوان فإنه يتعين إبلاغ المدرسين. ويجب كذلك أن يكون الطفل على وعي بالمشكلة.