علي النمر في الطريق ليصبح رائف بدوي جديد
٢٤ سبتمبر ٢٠١٥يعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أول زعيم غربي يطلب رسميا من الرياض عدم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق الشاب السعودي الشيعي علي النمر الذي اعتقل وهو قاصر، إثر مشاركته في مظاهرات طالبت بإصلاحات في المملكة. وفي السياق نفسه طالب خبراء مستقلون في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السلطات السعودية بإلغاء هذا الحكم خصوصاً وأن علي النمر كان قاصرا وقت اعتقاله.
وفي حوار مع DW عربية، قال فينزل ميشائلتسكي مدير مكتب منظمة "هيومان رايتس ووتش" في برلين إن المنظمة الحقوقية "تعرب عن غضبها وإدانتها للحكم على الشاب السعودي علي النمر لمجرد تعبيره بشكل سلمي عن رأيه. كما أن الاتهامات الموجهة إليه المتعلقة بالدعوة للعنف جاءت بعد تعرضه للتعذيب.
ويذكر أن الشاب علي النمر هو ابن شقيق نمر النمر، وهو رجل دين شيعي محكوم عليه بالإعدام أيضا، ويعتبره المراقبون الشخصية المحركة للاحتجاجات التي بدأت قبل أربع سنوات في المنطقة الشرقية، حيث تتركز الأقلية الشيعية في خضم زخم ما يسمى بالربيع العربي.
تجاهل الرياض للضغوط الدولية
أعدمت السعودية منذ بداية العام الحالي 133 مواطناً سعودياً وأجنبياً مقابل 87 في العام 2014. وسبق لجو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن أكد بدوره أن "السعودية شهدت فورة في الإعدامات في 2015، ولكن قطع رأس متهم طفل كانت محاكمته غير عادلة سيكون تدهوراً مروعاً جديداً".
وبشأن فعالية الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي على الريا ض أوضح ميشائلتسكي أن "السعودية تواجه الضغوط الدولية بأذان صماء، وتقول إنها ترفض التدخل في نظامها القضائي، ولكن هذا النظام اعتباطي بمقاييس القانون الدولي، وليست له علاقة بدولة الحق والقانون، وبالتالي من الضروري أن يضغط المجتمع الدولي على السعودية إلى حين تحسين حقوق الإنسان في هذا البلد".
وأوضح ممثل المنظمة الحقوقية في برلين أن لا مبالاة السعودية بالضغوط تجد نفسها في الرسائل المتفاوتة التي يرسلها الغرب للرياض، فهو :"من جهة ينتقد حالات معينة (لانتهاكات حقوق الإنسان)، كما فعل فرانسوا أولاند"، ومن جهة أخرى "يبيع السعودية السلاح ويبرم معها صفقات مختلفة".
نمر وبدوي.. حالتان ومعركة واحدة
على غرار حالة رائف بدوي بدأ التضامن مع علي نمر يأخذ زخماً دولياً، فقد طالب خبراء مستقلون في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سلطات الرياض بإلغاء حكم الإعدام بحق الشاب السعودي. وقال الخبراء في بيان إن علي محمد النمر كان طالبا في الثانوية عام 2012 حين شارك في تظاهرات في القطيف بالمنطقة الشرقية.
وأكد بيان الخبراء أيضا أن محاكمة الاستئناف في هذه القضية تمت "بدون إشعار مسبق وفي تجاهل تام للمعايير الدولية". وشدد البيان على أن "أي عقوبة بالإعدام تصدر بحق أشخاص كانوا قاصرين لدى ارتكابهم الأفعال المنسوبة إليهم، وكذلك تنفيذ هذه العقوبة، يتعارضان مع الالتزامات الدولية للسعودية". وذهب البيان إلى أن "علي النمر لم يكن يتعدى 17 عاماً وقت اعتقاله بمعنى أنه كان طفلا قاصراً، وبالتالي لا يمكن اتهامه بما اتهم به وفرض أقصى العقوبات عليه".
ورغم عدم التفاعل الايجابي للرياض مع المنظمات الحقوقية الدولية فإن ميشائلتسكي أكد أنه "من المفيد جداً حينما يضغط المجتمع الدولي على دولة تنتهك حقوق الإنسان والتركيز على حالة معينة كما هو الشأن بالنسبة لبدوي. ونحن نطالب الحكومة الألمانية بهذا الصدد بالضغط من أجل إلغاء عقوبة الإعدام وإطلاق سراح النمر".
إلغاء عقوبة الإعدام..إلى متى؟
الرئيس الفرنسي أولند ذهب بعيداً في مطالبه للرياض حين قال "أطلب من السعودية التراجع عن إعدام الشاب علي نمر وذلك باسم مبدأ أساسي هو أن عقوبة الموت يجب أن تلغى وتنفيذ أحكام الإعدام يجب أن يٌمنع". وأضاف أن "فرنسا تعارض عقوبة الإعدام. ولطالما ذكرت بأن هذا الموقف لا يتغير ولا يعرف أي استثناء وبأننا نعتبر أنه يجب فعل كل ما يمكن من أجل وقف هذه الإعدامات في كل مكان ولاسيما في السعودية".
وذهب ميشائلتسكي في نفس الاتجاه حين أوضح لـ DW "هيومان رايتس ووتش ترفض مبدئيا عقوبة الإعدام، إنها أبشع طريقة للعقاب، ولا يمكن تصحيحها بعد التنفيذ في حال إثبات براءة المتهم، وفوق ذلك، ووفقا للقانون الدولي، لا يمكن معاقبة شخص لمجرد تعبيره عن رأيه". كما عبر ميشائلتسكي عن مخاوفه من أن تتخذ القضية أبعاداً طائفية، وأوضح كذلك بهذا الصدد أن والد النمر حذر من الاحتجاجات ومن التداعيات المحتملة في حال تنفيذ حكم الإعدام في حق ابنه، "إلا أن السلطات السعودية ستعمل كل ما في وسعها لمنع أي احتجاجات ولو بقوة السلاح" حسب رأي الخبير الحقوقي الدولي.