1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

علاء الأسواني: محمد مرسي كما رأيته (2) ...

علاء الأسواني
٩ يوليو ٢٠١٩

في مقاله* لـ DW عربية يحكي علاء الأسواني عن لقائه بالرئيس مرسي في القصر الجمهوري.

https://p.dw.com/p/3LlMu
Kolumnisten Al-Aswani
صورة من: Imago/El Mundo

بعد يومين فقط من توليه الرئاسة دعانا محمد مرسي إلى لقائه في القصر الجمهوري.كنا مجموعة من الناشطين والشخصيات العامة المرتبطين بالثورة .. لم ننس بالطبع خيانة الاخوان للثورة وتواطؤهم مع المجلس العسكري مقابل توليهم السلطة بمباركة العسكريين.

لم ننس ان الانتخابات التي أتت بمرسي للرئاسة أحاطت بها شكوك قوية لأن الاخوان كعادتهم اشتروا أصوات الفقراء ومنعوا القرى ذات الاغلبية القبطية من التصويت، بالاضافة إلى واقعة تزوير البطاقات الانتخابية في المطابع الأميرية.

لم ننس كل ذلك لكن معظمنا كان يعتقد، وقد سمعت منهم ذلك بأذني، ان واجبنا نحو الثورة يفرض علينا مساعدة الرئيس مرسي حتى ينجح في منصبه. دخلنا فرأينا مرسي ينتظرنا في قاعة فسيحة وحوله نفس الأشخاص الغامضين الذين أحاطوا به في لقاء فيرمونت.. بعد كلمات التهنئة والترحيب أشار بعضنا إلى الروح العدائية التي قابلنا بها العاملون في القصر الجمهوري ..فوجئنا بالرئيس مرسي يقول بنبرة شاكية:

ــ تصوروا. المياه انقطعت عن القصر طوال يوم أمس.

سألناه بانزعاج ان كانت المياه مقطوعة عن الحي كله أم عن القصر فقط. أجاب انها انقطعت عن القصر فقط. هنا قال بعضنا بحماس: 

ــ هذا تحدي لمنصب الرئيس. انهم قطعوا على سيادتك المياه ليبلغوك برسالة واضحة: انهم أقوى منك. لابد أن تفتح تحقيقا وتعاقب المتسبب في قطع المياه عن رئيس الجمهورية. 

ابتسم مرسي وقال 

ـــ  بسيطة. أنا لما لقيت المياه مقطوعة تصرفت الحمد لله وتوضأت وصليت ونمت والصبح المياه رجعت.

كان هذا الرد الغريب دليلا آخر على أن هذا الرجل الطيب لا يصلح فعلا لمنصب الرئيس. بعد ذلك قال كل واحد فينا رأيه فيما يجب على الرئيس أن يفعله. تطرق بعضنا إلى أن الانفلات الأمني متعمد من رجال الشرطة حتى يعاقبوا المصريين على قيامهم بالثورة واقترحوا أفكارا لتخليص الشرطة من لواءات النظام القديم عندئذ قال مرسي:

ــ أهم شيء أن نوفر الامكانيات لرجال الشرطة حتى يقوموا بواجبهم. لقد قابلت هذا الصباح كبار ضباط المرور واستمعت إلى مشاكلهم ووعدتهم بزيادة الميزانية والمرتبات..

هذا التملق للشرطة والتعامي عن دورها في الثورة المضادة كان هو الخط المعتمد لدى الاخوان المسلمين لدرجة ان مرسي، فيما بعد، ألقى خطبة شكر فيها جنود وضباط الأمن المركزي على ما أسماه دورهم العظيم في ثورة يناير(!)  وعندما أعلنت الاحكام الظالمة ضد المتهمين في مذبحة بورسعيد تظاهر أهالي المتهمين، فقتلت الشرطة عشرات منهم بالرصاص. يومئذ ظهر مرسي في التليفزيون وقام بتحية رجال الشرطة على "بطولتهم"وطالبهم بالمزيد من الشدة. حان دوري في الحديث فقلت لمرسي:

ــ سيادتك كرئيس تنتمي للاخوان المسلمين وأمامك في رأيي طريقان:

اما أن تحقق أهداف الثورة وتقف ضد النظام القديم، عندئذ سيساندك الشعب حتى لو غضب منك الاخوان..واما أن تحاول تحقيق أهداف الاخوان بالتحالف مع النظام القديم عندئذ ستخسر كل شيء لأن الشعب سيفقد ثقته فيك كما أن النظام القديم لن يأمن لك مهما فعلت.

رد على مرسي بفاصل حماسي من الكلمات الانشائية عن اخلاصه للثورة وعزمه على تحقيق أهدافها بالكامل. استطردت قائلا:

سيادتك رئيس اسلامي وهذه ورقة سيستعملها النظام القديم ضدك. بالأمس هاجم بعض المتطرفين الاسلاميين كنيسة في الاسكندرية ومنعوا ضيوف الكنيسة من دخولها. بالطبع الأمن تقاعس عن أداء دوره في حماية الكنيسة وذلك بغرض ترويع الأقباط من الرئيس الاسلامي.

مال مرسي على أحد المرافقين له فأكد له صحة المعلومات التي قلتها. استطردت قائلا:

ــ ما أقترحه على سيادتك أن تستقل سيارتك وتذهب إلى الكنيسة وتتناول الطعام مع الرهبان حتى ترسل رسالة للجميع ان الرئيس الاسلامي سيكون أحرص من سواه على حماية الاقباط.

استحسن كثيرون الفكرة (أذكر منهم وائل غنيم ) أما مرسي نفسه فقد بدا عليه الحماس البالغ وقال:

ــ هذه فكرة عظيمة لابد من تنفيذها فورا. 

ثم انتقل للحديث في موضوع آخر. لم يكن مرسي يستطيع أن يتخذ قرارا وينفذه بنفسه بدون الرجوع إلى مكتب الارشاد.كم وعد مرسي بأشياء ثم لم يستطع تنفيذها لأن مكتب الارشاد رفضها وكم فوجئنا بقرارات خاطئة كان مرسي ينفذها مع انه لم يتخذها وانما اتخذها مكتب الارشاد (مثل الاعلان الدستوري).

خرجت من هذا اللقاء بحقيقة مؤسفة: ان محمد مرسي برغم كونه رجلا طيبا حاصلا على الدكتوراه في الهندسة، الا أنه محدود القدرات الفكرية والسياسية ولايصلح للرئاسة والحق انه لم يكن قط رئيسا للجمهورية وانما كان مندوبا لمكتب الارشاد في الرئاسة.

كان ذلك كافيا لأن أمتنع عن لقاء مرسي لأن مقابلته بلا قيمة ولا جدوى، لكنني خفت من أن أكون قد تسرعت في الحكم عليه فقبلت دعوته إلى لقاء (سيكون الأخير).

في هذا اللقاء الأخير سيخبرنا مرسي لماذا أنعم على نفسه بكل الأوسمة المصرية في يوم واحد، ولماذا ترك شباب الثورة المعتقلين ظلما في السجن الحربي بينما أصدر عفوا رئاسيا عن عشرات الارهابيين الصادرة في حقهم أحكام نهائية، وسيخبرنا مرسي أيضا لماذا لم يحاكم المشير طنطاوي والفريق سامي عنان بتهمة قتل مئات المتظاهرين بل أنعم عليهما بأرفع الأوسمة تكريما لما أسماه "دورهما العظيم في حماية الوطن".

كل هذه الوقائع سأحكيها الاسبوع القادم باذن الله 

 

الديمقراطية هي الحل

[email protected]

*المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.