عبد المالك هيباوي: "ليس هناك بديل عن تكوين الأئمة في ألمانيا"
٢٢ يوليو ٢٠١١يعتبر عبد المالك هيباوي، المغربي الأصل، من الوجوه البارزة في ما يخص قضايا المسلمين في ألمانيا، فمن خلال تكوينه الأكاديمي في الدراسات الإسلامية واشتغاله لعدة سنوات كإمام وأستاذ جامعي ومنسق لمشاريع إدماج المسلمين في مدينة اشتوتغارت في ألمانيا، استطاع عبد المالك هيباوي أن يجمع بين النظري والتطبيقي.
عبد المالك هيباوي يرى في دعوته إلى مؤتمر الإسلام الألماني تكليفا وليس فقط تشريفا، فهو واعي بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، حيث أنه يرى مهمته التي يسعى إليها، أي مد الجسور بين المسلمين وغير المسلمين، لن تكون سهلة، فالصورة النمطية السائدة حول المسلمين في ألمانيا لا يمكن القضاء عليها إلا بإرادة وتعاون جميع الفاعلين، سواء منهم في الحقل السياسي أو الديني أو الاجتماعي أو على مستوى المسلمين أنفسهم. ومن أجل التعرف على رؤيته وأنشطته أجرينا معه الحوار التالي:
دويتشه فيله: كيف ترى مبادرة وزارة الداخلية الألمانية في خلق ما يسمى مؤتمر الإسلام الألماني، وما هو وقع ذلك على الإسلام والمسلمين في ألمانيا؟
عبد المالك هيباوي: هذه الدعوة إلى مؤتمر الإسلام هي دعوة إيجابية، تشكل إطارا للتفاهم والحوار والتبادل بين الحكومة الألمانية وبين المسلمين، وهذا تعبير من الحكومة الألمانية على أن المسألة تتعلق بالحوار مع المسلمين وليس حول المسلمين، باعتبار أن المسلمين يشكلون جزءا من المجتمع الألماني، لهم حقوق وعليهم واجبات، وفي هذا الإطار نبحت جميعا في مؤتمر الإسلام الألماني بعض القوانين أو المخططات لإيجاد حلول متعلقة بمشاكل اندماج المسلمين والتعايش بين المسلمين وغير المسلمين في ألمانيا.
صورة المسلمين في ألمانيا كان من أهم مواضيع رسالة الدكتوراه التي اشتغلت عليها ابتداء من سنة 2002، ما هي النتائج التي توصلت إليها في هذا الإطار أو بالأحرى هل هناك تغيير لهذه الصورة في المجتمع الألماني المعاصر؟
من بين النتائج التي توصلت إليها، هو أن الإنسان الألماني لا يعرف الكثير عن الإسلام أو ينظر إلى الإسلام ككتلة واحدة، لكن الإسلام شأنه شأن الأديان الأخرى فيه تعدد وتنوع، فهناك تنوع في مجال التصوف، تنوع في المذاهب ومدارس فهم الإسلام، هذا من جهة، ولكن من جهة أخرى فإن صورة الإسلام في المجتمع الألماني لازالت للأسف في الغالب صورة مشوهة لا تعكس حقيقة المسلمين، وأظن أن هذا هو الإطار الذي جاء فيه مؤتمر الإسلام ليحسن من صورة الإسلام والمسلمين.
كان هذا رأيك الأكاديمي، لكن من خلال عملك أيضا كإمام، كيف ترى دور الأئمة في ألمانيا من أجل تصحيح أو محو هذه الصورة النمطية؟
دوري كإمام أو كل إمام موجود في ألمانيا ينقسم إلى قسمين، أولا دوره في المسجد أو في الجمعية الإسلامية التي ينتمي إليها، أي دور ديني، اجتماعي، ثقافي، كتقديم خطبة الجمعة وتدريس القرآن واللغة العربية للأطفال مثلا،أما الجانب الآخر فيكمن في خلق جسر بين الجمعية الإسلامية و المجتمع، أي الانفتاح على العالم الخارجي من خلال عقد لقاءات وشراكات مع كل مكونات المجتمع مثل المدارس، والمستشفيات، ودور العجزة.من أجل مد جسور التفاهم والتعايش والحوار بين الأقلية المسلمة والمجتمع الألماني.
هذا يعني أنك تؤيد فكرة تكوين الأئمة في ألمانيا؟
ليس هنالك بديل عن تكوين الأئمة في ألمانيا، سواء تكوين شرعي أو ثقافي أو تربوي، وأيضا تكوين سياسي، لأن حاجيات المسلمين أو الأسئلة التي يطرحونها، وخاصة أسئلة شباب الجيل الثالث والرابع تتطلب من الإمام أن يواكب هذه الحاجيات، ولهذا فإن على الإمام أن يتكون في البلد الذي يتواجد فيه. فهناك حديث لرسول الله يقول:" خاطبوا الناس على قدر عقولهم"، وبهذا فإن الإمام يجب أن يخاطب الناس حسب حاجياتهم، وللمسلمين في ألمانيا حاجيات تختلف تماما عن حاجيات المسلمين في المغرب أو تركيا أو أفغانستان، لهذا يجب على الإمام أن يأخذ بعين الاعتبار حقوق وواجبات المسلمين في ألمانيا، وأن يشجع التحاور والتعايش بين جميع الجنسيات والأديان.
لكن مؤتمر الإسلام له فقط دور استشاري، هل ترى أن هذا المؤتمر هو منبر للتحاور فقط أم أنه قادر أيضا على معالجة هذه المواضيع الشائكة، والخروج بنتائج ملموسة ؟
هذا المؤتمر ليس فقط منبرا فحسب، بل نحن نشتغل على هذه المواضيع في إطار ورشات الأعمال، ونخرج بنتائج نسعى أن يتم تطبيقها على صعيد الولايات والجماعات المحلية، وبهذا فإن للمؤتمر دور إيجابي وحاسم في تغيير الصورة النمطية وأيضا دفع المسلمين لكي يتحملوا مسؤوليتهم في المجتمع، باعتبارهم مواطنين، فعلى المسلم أن يحس أنه مواطن، هذا من حقه، ولكن من واجبه أيضا أن يكون رجل إصلاح في المجتمع الذي يعيش فيه، وهذه هي الرسالة التي يريد مؤتمر الإسلام نشرها، أي التضامن والتماسك بين المسلمين وغير المسلمين ومن بين النتائج المهمة للمؤتمر أيضا هو مشروع تأسيس كليات الدراسات الإسلامية في الجامعات الألمانية الذي يطبق الآن على أرض الواقع بحيث أن هناك أربع جامعات مقبلة هذه السنة على إنشاء معاهد للدراسات الإسلامية بموازاة مع معاهد الدراسات البروتستانتية والكاثوليكية.
أجرى الحوار أمين بنضريف
مراجعة: حسن زنيند