"عاصفة الحزم" تؤجج المشاعر الوطنية والطائفية في السعودية
١٠ أبريل ٢٠١٥بينما تدخل الحرب التي تشنها السعودية على الحوثيين في اليمن أسبوعها الثالث تأججت المشاعر الوطنية في المملكة وزادت أيضا المشاعر الطائفية بصورة كبيرة. ورغم أن السلطات السعودية تحاشت لحد الآن استخدام العبارات الطائفية في وصف الحوثيين الذين يعتبرون تيارا شيعيا، لكن الكثير من الدعاة والصحافيين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لم يتقيدوا بهذا النهج.
استخدام مصطلح "الرافضة" من جديد
وفي تغريدة على حسابه بموقع تويتر نشرت في اليوم التالي لإعلان بدء الضربات الجوية وصف الداعية السني المتشدد ناصر العمر الشيعة بالكلمة التي تعتبر إنقاصا من قدرهم وهي "الرافضة". ويتابع حساب العمر على تويتر 1.64 مليون شخص. واستعمال مثل هذه اللغة حتى من جانب مواطنين عاديين يحمل مخاطر للمملكة في صراع يقدم فيه الحوثيون أنفسهم كمدافعين عن تراث ديني محلي ضد التطرف السني الذي يقولون إن الرياض تنشره.
بيد أن الصراع الطائفي بين السنة والشيعة لم يهيمن بعد على النزاع اليمني الداخلي المعقد لكن محللين للشأن اليمني كرروا التحذير من أن الطائفية خطر يتنامى وأنه يمكن أن يؤدي إلى تصعيد خطير في القتال.
من جانب آخر، يقول سعوديون كثيرون إن الضربات الجوية للحوثيين تمثل إمساكا سعوديا بزمام القيادة السنية، ويضيفون أن ذلك يشكل ردا كان واجبا أن تقدم عليه الرياض قبل عقد من الزمن يرون أنه شهد عدوانا إيرانيا في الدول العربية باستخدام وكلاء شيعة.
تعتيم إعلامي داخل السعودية
وفي الوقت الذي تنشر فيه الصحف السعودية أخبار الحملة العسكرية المعروفة رسميا باسم "عاصفة الحزم" باعتبارها حملة ناجحة، يتجاهل ذات الإعلام تقارير عن الضحايا المدنيين وتكيل المديح لحكام المملكة.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الهوية الوطنية في السعودية مرتبطة بشكل وثيق بالمدرسة السنية الوهابية التي تعتبر الشيعة ضالين وأحيانا يثير كبار دعاتها الشك علنا فيما إذا كان الشيعة مسلمين حقيقيين.
لكن الحكومة السعودية عملت جاهدة في السنوات الماضية لتجنب استعمال اللغة الطائفية في العلن، كما أوفدت أمراء ومسؤولين كبار لحضور جنازة شيعة سعوديين قتلهم سنة متشددون في هجوم تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وفي العام الماضي ألقت السلطات القبض على داعية احتفل حسابه على موقع تويتر بمقتل حوثيين بأيدي أعضاء في تنظيم القاعدة في اليمن مستخدما لغة طائفية.
ومن جهته قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ سعود الشريم أن "سلامة المجتمع من الحروب منة من الله يجب الشكر عليها و المجتمع الواعي هو من يفرق بين العدو الداخلي و الخارجي.وقال الشريم إن "بلاد الحرمين لم تسلم من الطامعين وهي ليست بلادا طائفي".
الطائفة الشيعية في المملكة تشكو التمييز
مع ذلك يشكو أفراد الأقلية الشيعية السعودية من "تمييز منظم" ضدهم. وتنفي الرياض ذلك لكن دعاة في المؤسسة الدينية المعينة من قبل المملكة يشنون هجمات متكررة على معتقدات الطائفة وتاريخها. فقد قال الداعية فريد الغامدي في خطبة بجامعة أم القرى في مكة نشر فيديو لها على موقع يوتيوب "إذا تمكنوا (الشيعة) من الفوز بتلك الدولة والفتك بالمسلمين من أهل السنة حاكمين ومحكومين علماء وعامة رجالا ونساء شيوخاً وأطفالاً انقضوا عليهم انقضاض الأسد على فريسته".
وهذا النوع من التخويف يظهر في الصحافة السعودية أيضا. ففي الأسبوع الماضي نقل تقرير نشر في صحيفة المدينة عمن وصفهم بأنهم خبراء عسكريون القول إن "الحوثيين يريدون تحويل العاصمة اليمنية صنعاء إلى مدينة شيعية بكاملها بحلول 2017 وإن الهدف من الضربات الجوية الحالية هو إحباط ما وصفته الصحيفة بأنه خطة إيرانية".
وغالبا ما يربط مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي والدعاة بين الشيعة وطهران باستعمال التعبير "صفوي" في إشارة إلى الدولة الصفوية الفارسية التي قامت في القرن السادس عشر والتي نشرت التشيع في إيران. ويلعب هذا الوصف على وتر القومية العربية ووتر الطائفة السنية في نفس الوقت.
اختلاف الزيدية في اليمن عن شيعة إيران
والطائفة الزيدية الشيعية في اليمن مختلفة كثيرا عن المدرسة الشيعية المتبعة في إيران وفي حين أن الحوثيين تربطهم صلات واضحة بطهران يبدو أنهم أكثر استقلالا عن إيران من وكلائها في الأماكن الأخرى في المنطقة. لكن في الجو المحموم الذي تصنعه الحملات العسكرية تختفي مثل هذه الفروق.
وبعد بدء الحملة الجوية الشهر الماضي كتب الداعية السعودي سعد البريك في تغريدة على حسابه بموقع تويتر الذي يتابعه 1.15 مليون شخص "أتت عاصفة الحزم لتقطع أي طمع للصفويين في محاصرة المسلمين في عقر ديارهم".
ح.ع.ح/ م.س (رويترز)