ضرورة الشراكة بين المدارس وأولياء التلاميذ من أصل مهاجر
١ مايو ٢٠١٣لم تكن للسيد الغجري إيفو (اسم مستعار) من مقدونيا فرص كثيرة في الحياة. وهو يبلغ الآن من العمر 63 عاما. ولم يتمكن من إكمال تعليمه المدرسي. كما يأمل أن تكون فرص نجاح حفيديه في ألمانيا أفضل. ويؤكد قائلا:"يساعدنا المعلمون في ذلك ويعاملوننا على أساس الاحترام". عندما قتل ابنه قبل سنتين هرب إيفو مع حفيديه إلى مدينة فوبرتال الألمانية. ويرى إيفو في المترجم الذي يشارك في اللقاءات مع المعلمين رمزا لهذا الاحترام. وهذا المترجم، هو كاسوم مورينا. وهو بنفسه غجري من مقدونيا.
"لا نريد أن يترجم تلاميذنا الذين يتكلمون في حالات كثيرة اللغة الألمانية أحسن من والديهم أو أجدادهم، أحاديث الأولياء مع المعلمين"، كما تضيف المعلمة سارا أيشيناور. ولذلك نستأجر مترجمين ثنائيي الثقافة يستطيعون أيضا شرح النظام التعليمي والاجتماعي الألماني لأولياء التلاميذ. والمترجمون المحترفون موجودون بانتظام في مدرسة حفيدي السيد إيفو الابتدائية، إذ أن نسبة 70 بالمائة تقريبا من تلاميذها من خلفية مهاجرة.
علاقة سوء التفاهم بالنزاعات
إلا أن المترجمين ذوي الثقافة الثنائية يشكلون حالة استثنائية في المدارس الألمانية. وبالإضافة إلى الصعوبات اللغوية فقد يؤدي اختلاف المواقف في موضوع التربية والتعليم إلى نزاعات. " تعود نسبة 70 بالمائة من هذه النزاعات إلى سوء تفاهم، و فقط اذا تعاملت المدارس مع المهاجرين بطريقة أخرى يمكن تجنب ذلك "، حسب أستاذ علم التربية أحمد توبراك من جامعة دورتموند، وهو بنفسه ابن لأسرة تركية مهاجرة.
هناك دراسة تؤكد مقولة البروفسور توبراك هذه. التدريس بالمدرسة الألمانية يحتاج إلى التعامل مع ثقافات أخرى بشكل منسجم مع المستويات التعليمية لأسر التلاميذ ولغاتها. ولذلك فمن الضروري " أن تتغير المدرسة الألمانية جذريا، إذا أرادت تقديم شيء يفيد أطفال المهاجرين "، حسب المتحدث توبراك.
ويعتبر الأستاذ توبراك أن اللقاءات بانتظام بين المعلمين ووالدي التلاميذ تشكل عنصرا مهما. حيث "لا يجوز أن تتم مثل تلك اللقاءات فقط عندما يحصل التلميذ على درجة سيئة في المدرسة أو إذا تصرف بصورة غير جيدة"، مشيرا إلى أن التفوق يُعتبر في التربية الألمانية أمرا بديهيا، في حين يثير فشل الطفل في المدرسة مناقشة كبيرة.
المواقف وأهداف التربية
وينصح البروفسور توبراك أنه ينبغي أن يخصص المعلمون المزيد من الوقت للحديث مع أولياء التلاميذ واستقطابهم كشركاء. وينبغي أن يؤكد المعلمون على الاهتمام المشترك بمصالح الأطفال وأن يستنتجوا بوضوح ماما يتوقعه الأولياء. فتصورات الوالدين من أصل تركي حول أهداف التربية تختلف عن تصورات المدارس الألمانية. و"تلعب الطاعة المطلقة دورا مهما بالنسبة لهم، بينما لا تلعب الرغبة على الانتقاد أوالاعتماد على النفس ذلك الدور الكبير"، كما يضيف توبراك.
وهناك اختلاف جذري بين الأسر المنحدرة من سريلانكا والأسر التركية مثلا ، ففي آسيا يلعب التعليم دورا كبيرا، كما تقول كيريا كيمبف التي تعمل أيضا كمترجمة ثنائية الثقافة في فوبرتال. وتضيف: "يتوقع الأولياء من أطفالهم انجازات أفضل في المدرسة. إلا أنهم لا يتركون تلك المهمة للمعلمين فقط، وإنما يرون في التعليم قضية تهم الأسرة أيضا".حيث يوفرون لأطفالهم معلمين لدروس إضافية خارج المدرسة. وإذا لم ينجح الأطفال في الانتقال إلى المدرسة الثانوية، فإن هذا الفشل يعتبر مؤلما جدا. "غير أن عددا متزايدا من الأطفال يرفض حاليا مثل تلك الضغوط التعليمية الشديدة الممارسة عليهم"، كما تؤكد كيريا كيمبف.
الرغبة في التعليم تحظى بأهمية متزايدة
يلعب التعليم المدرسي اليوم دورا أكبر لدى جميع الأسر المهاجرة مقارنة بالسابق، وتقول العاملة الاجتماعية كريستيانه لايتهاوس: "بشكل خاص انتهى العهد الذي لم تكن فيه الفتيات الحريصات على التعليم يحصلن على أي دعم من الوالدين"، فأغلبية أولياء تلاميذ مدرسة حفيدي إيفو الابتدائية مهتمة حقا بمسار الأطفال في المدرسة.
ويتوجه الجد إيفو أيضا بانتظام إلى المدرسة للإطلاع على المسار التعليمي لحفيديه من خلال لقائه مع المعلمة. و"منذ ذهابهما إلى المدرسة تحسن وضعهما النفسي بشكل ملموس"، كما يقول إيفو. ولذلك فهو يعبر عن سروره وإشاداته بمجهودات تلك المعلمة.