شباب ألمان يقاتلون في سوريا ضد الأسد
٧ سبتمبر ٢٠١٣لم تعد سوريا بسبب الحرب الأهلية قبلة سياحية كما كانت في السابق. فمنذ أكثر من عامين والرئيس السوري بشار الأسد يشن حربا عشواء ضد شعبه أمام أنظار المجتمع الدولي الذي ظل يتفرج على هذه الجرائم الوحشية. غير أن الصور الفظيعة التي خلفها استخدام القوات السورية للغازات السامة في غارتها على مدينة الغوطة حركت مشاعر قادة الكثير من الدول وجعلتهم يفكرون في توجيه ضربة عسكرية ضد الأسد.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه المجتمع الدولي يتناقش في جدوى هذه الضربة العسكرية وفعاليتها، فضل آخرون عدم الانتظار وحزموا حقائبهم وتوجهوا إلى سوريا ليس للسياحة وإنما للقتال إلى جانب الجيش السوري الحر. ومن بين هؤلاء الأشخاص شباب ألمان قطعوا 4 آلاف كيلومترا من مدينة هامبورغ إلى سوريا بالسيارة أو بالطائرة للمشاركة في القتال ضد الأسد.
ووفقا لتحقيق قامت به إذاعة شمال ألمانيا، فإن العشرات من الشباب الإسلامي في هامبورغ غادروا منذ بداية عام 2013 إلى سوريا للمشاركة في القتال الدائر هناك. وتقول الصحفية كارولين فرومه التي أجرت البحث" ما يميز هؤلاء الأشخاص الذين ذهبوا للقتال في سوريا هو أنهم شباب، صغار السن، حيث تتراوح أعمارهم بين 18 و19 عاما". وحسب كارولين فإن أغلبهم يتوفر على الجنسية الألمانية ولديه أصول أجنبية.
فريسة سهلة للإسلاميين
وتضيف الصحفية" علمنا من الدوائر الأمنية بأن هؤلاء الأشخاص كانوا نشطين في جماعات شبابية، كما كان لبعضهم علاقة مع منظمة حزب التحرير المحظورة في ألمانيا". وتُتهم هذه المنظمة بتجنيد الشباب في ألمانيا لتحقيق أغراضها. و في مدينة كيل، شمال ألمانيا، تراقب هيئة حماية الدستور منذ سنوات مسجد ابن تيمية لاشتباهها في توسطه في انتقال شباب ألماني للقتال في سوريا. وقد تصدر المسجد عناوين الصحف مؤخرا بعد أن لقي الألماني من أصول شيشانية ، أصلانبك، حتفه في يناير 2013 في سوريا. ويُعتقد أن أصلانبك كان قد انضم إلى شبكة منظمة للمشاركة في "الجهاد" في سوريا وأن التخطيط الأولي لذلك تم في مسجد ابن تيمية في كيل. واللافت للانتباه هو أن أغلب الشباب الإسلامي ينتمون لأسر فقيرة ويسهل التلاعب بعقولهم كما تؤكد الصحفية كارولين فرومه.
من جهته يراقب نائب مدير هيئة حماية الدستور في هامبورغ تورست فوس المشهد عن كثب، ويقول" الأمر يتعلق بأشخاص يدعمون الجهاد ويريدون من خلال مشاركتهم في القتال الدائر هناك أن يصبحوا أكثر تطرفا". وحسب فوس فإن الإسلاميين يغادرون ألمانيا بهدف المشاركة مباشرة في القتال أو لدعم المجموعات المقاتلة بالمال.
الهجرة إلى سوريا بحثا عن المغامرة
وحسب هيئة حماية الدستور في هامبورغ فإن الكثير من المتعاطفين لم يتم تصنيفهم لحد الآن على أنهم إسلاميين وعلى ما يبدو فإن ما يهم هؤلاء الشباب هو التواجد في عين المكان، وتوثيق ذلك بالصور ونشرها في مدوناتهم أو في مواقع التواصل الاجتماعية مثل فايسبوك . لذلك فالذهاب إلى سوريا، حسب فوس، هو أيضا تعبير عن الشجاعة والمغامرة لدى بعض الشباب.
وهو ما تؤكده بيانات هيئة حماية الدستور التي سجلت عودة ستة أشخاص إلى هامبورغ بعد قضائهم لأسابيع قليلة فقط في سوريا. ويصعب التعرف بالضبط عما قام به هؤلاء الأشخاص في سوريا أو في طريقهم إليها. كما يصعب التأكد من وصول كل المغادرين إلى الوجهة التي كانوا يقصدونها.
وحسب هيئات حماية الدستور فإن قرابة 120 شخصا في ألمانيا غادر لحد الآن إلى سوريا للقتال إلى جانب الإسلاميين. وقد ارتفع هذا العدد بشكل حاد في الأشهر الماضية.
ويُعبر وزير داخلية ولاية شليسفيغ هولشتاين الألمانية، أندرياس برايتنار، عن قلقه من ذلك ويقول" هؤلاء الأشخاص يمثلون خطرا متزايدا عندما يصبحون أكثر تطرفا ويعودون إلى ألمانيا ولديهم قابلية كبيرة للعنف". ويضيف برايتنر بأن هؤلاء الأشخاص شاركوا مرارا في معسكرات تدريب تابعة للإرهابيين. وهو نفس الرأي الذي يتبناه رئيس هيئة حماية الدستور الاتحادي هانس جورج ماسان بقوله" عندما يعودون يتم الاحتفال بهم كأبطال" ويضيف ماسان بأن الكثيرين يعودون من سوريا بشحنات عاطفية كبيرة وقد يساعدون في التخطيط لهجمات في ألمانيا أو يسهلون تنفيذها.
خطر وقوع هجمات في ألمانيا
تقول الصحفية في راديو شمال ألمانيا بأنه لا توجد مخططات ملموسة للقيام بهجمات في ألمانيا غير أنها تؤكد بالمقابل على أن " الستة أشخاص العائدين من سوريا قد تدربوا على استخدام الأسلحة أو ربطوا اتصالات مع متطرفين آخرين. وهو ما تراقبه هيئة حماية الدستور الآن بدقة شديدة". و تحاول الدوائر الأمنية منع الإسلاميين المشبوه فيهم من السفر إلى سوريا عن طريق سحب جوازات السفر منهم. غير أن بعضهم ينجح في الوصول إلى سوريا عبر تركيا بدون جواز سفر و ببطاقة الهوية الخاصة فقط.