سوريا: ماذا بعد موافقة الأسد على خطة عنان؟
٢٧ مارس ٢٠١٢قال كوفي عنان في بيان صدر عن مكتبه إنه يعتبر الموافقة السورية "خطوة أولية مهمة يمكن أن تؤدي إلى إنهاء العنف وإراقة الدماء وتقديم المساعدة إلى المحتاجين وخلق بيئة تؤدي إلى حوار سياسي يحقق طموحات الشعب السوري المشروعة."
وأضاف البيان أن تنفيذ الخطة سيكون عنصرا أساسيا وأن عنان سيعمل مع كل الأطراف على كل المستويات لضمان تنفيذها. لكن إعلان دمشق موافقتها على خطة عنان ذات النقاط الست، لم يمنع قوات الأمن والجيش السوري من قمع التظاهرات بشدة، بل والتوغل في أراضي لبنان لمطاردة عناصر المعارضة السورية المنسحبين إلى هذا البلد، حسب مصادر المعارضة السورية. سلوك الحكومة السورية هذا، يثير أكثر من سؤال حول جدية قبولها للخطة المعلنة.
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس خطار أبو دياب تحدث إلى DWعربية مبينا أن سوريا قد قدمت موافقة أولية على مقترح عنان، لأن دمشق على ما يبدو وفي مواجهة خطة عنان قد قدمت خطة مضادة أبرز ما فيها حسب قوله: "إلغاء خطوط التماس، بمعنى أنه لن يتم وقف إطلاق النار، ولن يجري سحب الجيش وقوى الآمن من المدن، قبل انسحاب من يسميهم النظام بالعصابات والجماعات المسلحة". وكما هو معروف فإن ملف وقف إطلاق النار شائك جدا ويشكل عقدة واجهت كل مشاريع الحوار التي عرضها الوسطاء.
هل تريد سوريا أن تجعل الصراع إقليميا؟
في تطور جديد، توغلت قوات نظامية سورية اليوم الثلاثاء (27 آذار مارس 2012) في منطقة مشاريع القاع اللبنانية في وقت كانت اشتباكات عنيفة تجري في الجانب السوري من الحدود. ونقلت وكالة فرانس برس عن سكان محليين أن القوات السورية طاردت بعض السوريين الفارين إلى لبنان وأطلقت عليهم النار. هذا التطور دفع بالبعض إلى التساؤل حول نية الأسد في تحويل حربه على المعارضة في بلده إلى صراع إقليمي؟ خطار أبو دياب علّق على هذا التساؤل بالقول إن "التوغل الجديد في لبنان، وإن جاء تحت عنوان مطاردة المنشقين، يؤكد أن دمشق نظرت دوما للبنان باعتباره محافظة سورية، وهي تستمر بهذا النهج". واعتبر أبو دياب أن استمرار الوضع في سوريا على ما هو عليه، وما قد يحمله من احتمالات تحوله إلى صراع أهلي، سيحتم انتقاله إلى أماكن أخرى في الإقليم.
في ضوء هذا التطور، تنتاب مراقبي الوضع السوري مخاوف حول وضع اللاجئين السوريين في لبنان، ومدى قدرتهم على تفادي مطاردات القوات السورية. والى ذلك أشار أبو دياب إلى أن "النظام ومنذ الأيام للاحتجاجات قد دأب على تصفية واختطاف معارضيه المقيمين في لبنان، ولكن سرعة انتشار هذا الخبر وردود الفعل الدولية تمنعه من المضي قدما في تنفيذ هذه السياسة بشكل مكشوف".
الموقف العربي في قمة بغداد
يدعو مشروع القرار المتعلق بسوريا الذي سيقدم إلى وزراء الخارجية العرب عشية انعقاد القمة العربية في بغداد الخميس الحكومة السورية والمعارضة إلى بدء حوار للتوصل إلى حل سلمي للازمة، حسب ما كشفته وكالة فرانس بريس، وهذا يدفع للسؤال: ماذا يمكن أن تفعل القمة العربية في بغداد لتحريك الأزمة؟
الباحث السوري فرهاد إبراهيم، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة إيرفورت الألمانية وفي حديث إلى DWعربية، أجاب عن هذا السؤال بالقول"النظام رفض على طول الخط أن يحاور كل أنواع المعارضات- إن جاز التعبير- حتى هيئة التنسيق التي ترفض بشكل قاطع أي تدخل خارجي، وهي تحاول من موقعها في دمشق أن تحاور النظام الذي يرفض الحوار، فكيف سيمكن للجامعة العربية أن تجمع المعارضة بالنظام".
"العقوبات لا تفيد لأن النظام لا يهمه الشعب"
أما على صعيد المواقف الدولية، فقد اعتبر الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف اليوم أن فكرة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد "قصيرة النظر" ولا تؤدي إلى حل الأزمة السورية. وانضمت الصين إلى روسيا في تقديم دعمها لخطة كوفي عنان لوقف العنف في سوريا خلال محادثات أجراها في بكين، داعية طرفي النزاع إلى التعاون مع المبعوث الدولي العربي إلى سوريا. هذه الدعوات تتزامن مع لقاء أطراف المعارضة السورية في اسطنبول للخروج بتصور موحد حول مستقبل سوريا.
الباحث السوري إبراهيم تناول موقف الغرب من الملف السوري معتبرا أن الرئيس الأمريكي باراك "أوباما لن يتدخل في الملف السوري ومواقفه لن تتجاوز التصريحات الدبلوماسية". ويضيف إبراهيم قائلا إن لجوء أمريكا لمزيد من العقوبات الاقتصادية لن يكون ذا فاعلية لأن "النظام السوري لا يهمه ما يصيب الشعب السوري".
إبراهيم استبعد تدخلا أوروبيا في الشأن السوري "لأن الاتحاد الأوروبي مشغول تماما بمشاكله المالية". الباحث السوري أنهى كلامه بالقول: "بكل صراحة المعارضة السورية أضحت اليوم وحيدة ومعزولة عن القوى الخارجية التي يمكن أن تؤثر في المشهد السوري".
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو