"روسيا ستضطر للتخلي عن الأسد بسبب الحركات الجهادية"
٢ يناير ٢٠١٧DW: توسطت روسيا، مع تركيا، من أجل عقد اتفاق لوقف إطلاق النار بين نظام الأسد ومقاتلي المعارضة. كيف تقيمون هذا الاتفاق؟
أوميد نوريبور: هناك جانبان إيجابيان. أولا: كل دقيقة لا يتم فيها إطلاق النار هي دقيقة جيدة لسوريا. ثانيا: في اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة، لم يكن واضحا ما هي المجموعات التي يشملها. ولكن الآن تم تحديد الاستثناءات غير المشمولة وتم ذكرها بالاسم: ستستمر المعركة ضد المجموعتين الجهاديتين "جبهة فتح الشام" و"الدولة الإسلامية" (داعش). وهذا يجعل الأمور أسهل كي نتوقع الفترة التي سيصمدها الاتفاق وإمكانية صموده. ولكن ورغم كل السرور بهذه الفرصة لالتقاط الأنفاس، فإن هذا الاتفاق ليس البداية لمفاوضات سلام أو مصالحة وطنية. هذا الأمر لا يزال بعيدا، رغم أنه يمكننا الترحيب بهذا التطور.
ما المطلوب حتى يصمد اتفاق وقف إطلاق النار؟
يجب أن تتولى الأمم المتحدة قيادة المفاوضات. مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، هو الوحيد الذي يمكن أن يلعب دورا حياديا هنا. ولذلك يجب تكليفه بإدارة المفاوضات. إذا صمد اتفاق وقف إطلاق نار لعدة أيام -وهذا سيكون إنجازا- فيجب العمل على دفع عجلة المسار السياسي بما يقود لبدء محادثات سلام. وبالطبع سيطرح سؤال نفسه، وهو: عند الوصول لمسألة تشكيل حكومة انتقالية، فكيف ستكون آليات تسليم السلطة، والانتخابات، والمصالحة الوطنية. كل ذلك لا يمكن سوى للأمم المتحدة أن تنجزه، ولكن ليس الإيرانيين والروس.
والسؤال أيضا، هل تريد هاتان الدولتان ذلك أصلا.
يجب ألا نستهين بالتوترات داخل معسكر داعمي الأسد. كان هناك عدة مواقف صدرت فيها تصريحات من محيط الطرفين، جاءت أحيانا مختلفة، وأحيانا متناقضة. إذن حتى الروس والإيرانيين غير متفقين في كثير من الأمور. المجتمع الدولي ترك فراغا في سوريا، سدته القنابل التي أطلقها تحالف حول الأسد.
بالمقابل فإنه من الثابت أن مشكلة الجهادية في روسيا لها تأثير داخلي قوي. لا أعتقد أن لروسيا مصلحة في توسيع مشكلة الجهادية في منطقة القوقاز، من خلال التشبث المتشنج بالأسد، فبالنهاية يعتبر الأسد رمزا للبراميل والأسلحة الكيماوية والمدن المدمرة. لذلك أفترض أن الروس سيضطرون -على المدى المتوسط- للانفصال عن الأسد.
إلى جانب نظام الأسد، هناك في سوريا مشكلة الجهاديين. كيف سنتعامل مع ذلك؟
يجب أن نستوعب بأننا نتعامل مع فكرة. وتنظيم "داعش" هو رأس الحربة لهذه الفكرة. إذا انتصرنا على تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، فهذا لا يعني أن نجحنا في القضاء على هذه المشكلة. يجب التركيز على إعطاء السُنة آفاقا مستقبلية، بحيث يكون لديهم أمل بالبقاء في الدولتين. في العراق مثلا نرى الفرق في التعامل السياسي مع مثالي تكريت والفلوجة.
بعد السيطرة على تكريت، تمت أولا إعادة تزويد المدينة بالمياه والكهرباء. نعم مازالت هناك مشاكل كبيرة، ولكن رغم ذلك عاد الكثير من الناس إلى بيوتهم. إذن هناك الأمور هادئة نسبيا.
بالمقابل لو نظرنا إلى الفلوجة، وكيف تم تدميرها بنسبة 85 بالمئة، من خلال معركة السيطرة عليها، ومن خلال الميليشيات الشيعية. إذن فلو تم اتخاذ الفلوجة كنموذج للقضاء على "داعش"، فسنوسع المشكلة الجهادية. وهذا ما شاهدناه في حلب أيضا: الوحيدون الذين كانوا يساعدون الناس في شرق حلب هم الجهاديون. أما بقية المساعدين فلم نراهم.
إذن كيف يجب أن يكون التعامل مع تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
"داعش" هو تنظيم جذاب لكثير من الناس، لأنه يمتلك مالا كثيرا ودعما لوجستيا. أكثر بكثير مما امتلكه تنظيم القاعدة. كما أن إيديولوجية "داعش" أكثر عدمية. ولذلك فالجهاديون سينشغلون بمواجهات غير متكافئة مع وداخل مجتمعاتنا. يجب أن نستوعب بأن هذه المواجهة لا تتعلق بمواجهة تنظيم وحيد. يجب أن نبذل الكثير كي نحصن أطفال مجتمعنا من هكذا إيديولوجية. يجب أن لا يصلوا إلى قناعة بأن الجهاديين الظلاميين هم الوحيدون الذين يدافعون عن أهلهم.
لذا فإنه لا يكفي أن تقوم المستشارة ميركل، بعد الهجوم البشع في برلين، بالاتصال بالرئيس التونسي حتى يقبل بعودة المجرمين من مواطنيه، وإنما يجب الحديث إلى الملك السعودي، حتى لا يأتي أي تمويل من بلده إلى مجموعات سلفية. لأن السلفيين هم ثقب الإبرة الواصل إلى الجهادية.
أوميد نوريبور: عضو في البرلمان الألماني عن حزب الخضر، والمتحدث باسم الكتلة البرلمانية للحزب فيما يتعلق بالشؤون الخارجية.
حاوره: كيرستن كنيب/ف.ي