رسام الكاريكاتير خليل: "لن نخضع للترهيب أبدا"
١٠ يناير ٢٠١٥يعيش الرسام "خليل"، وهو فنان من أصول عربية، في الولايات المتحدة ويعمل لحساب العديد من الصحف الأمريكية كرسام كاريكاتير. وأصدر بالتعاون مع زميله "أمير" في عام 2011 ملفا كاريكاتيريا بعنوان "جنة الزهراء"، الذي تناول موضوع الحركة الخضراء المعارضة لإعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في إيران في عام 2009. وتلقى الفنانان في السنوات الأخيرة العديد من التهديدات بالقتل، ولهذا ينشران أعمالهما تحت اسم مستعار.
DW: كيف سيؤثر الاعتداء على "شارلي إيبدو" على عمل رسامي الكاريكاتير خصوصا، والرسامين الساخرين عموما، في كل أنحاء العالم؟
خليل: في الحقيقة أعتقد أن الاعتداء في نهاية المطاف سيقوينا أكثر مما يضعفنا. فالكل يتحدث الآن عن أهمية حرية التعبير عن الرأي. وأنا مقتنع بأن ذلك سيشجع كل رسامي الكاريكاتير لنشر أعمالهم. وسيكون من المستحيل منع ذلك.
في عام 2006 حاول كثيرون إجراء مقابلات صحفية معي في خضم النقاش آنذاك حول الرسوم الكاريكاتيرية المتعلقة بالنبي محمد والتي نشرتها صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية في عام 2005. وكان الرسام آنذاك (كورت فيسترغارد) قد تلقى العديد من التهديدات بالقتل. في عام 2006 أعادت أسبوعية "شارلي إيبدو" نشر الرسوم مجددا. بالنسبة لي لم يكن من السهل الإجابة على ذلك. وحسب رأي، فإن الصحيفة الدنماركية التي نشرت الرسوم أولا لم تتصرف بمسؤولية كاملة. وحسب علمي فإن محرر الصحيفة طلب من فنان الكاريكاتير رسم شيء ما عن النبي محمد، وليس العكس.
وفي الحقيقة ينبغي على المحرر أن يوازن بدقة ويطرح السؤال على نفسه: هل نقدم بهذا العمل مساهمة مهمة للحوار السياسي؟ أم يتعلق الأمر فقط باستفزاز الآخرين ولنرى ما الذي هم قادرون على فعله؟
حتى في ذلك الوقت كان الموضوع مهما وحساسا. وبالطبع اعتبر نفسي من المدافعين عن حق التعبير عن الرأي. فكل عملي ونشاطي الفني كرسام وكمعلق سياسي مرتبط بممارسة هذا الحق. ولكن ومن جانب آخر، يطرح المحررون، وأنا أيضا، دوما السؤال عند كل عمل كاريكاتيري، عما إذا كانت المادة المعدة للنشر تحمل رسالة سياسية، أم أنها تستهدف إثارة غضب بعض الناس فقط.
لكن فيما يخص قضية "شارلي إيبدو"، فإن الوضع أوضح من السابق. أسئلة كالتي طرحنا قبل قليل تكون ثانوية على خلفية الاعتداء المرعب. فلا يمكن بأي شكل من الأشكال تبرير العنف. حتى لو اتهمنا المجلة بأنها تصرفت بشكل غير مسؤول، لكن ذلك لا يبرر أبدا جريمة القتل. وعلى هذا الأساس يمكن القول الآن ودون أي قيد أو شرط إن "شارلي إيبدو" أصبحت رمزا لحرية التعبير عن الرأي في كل العالم.
ما هو الفرق بين مضمون المواد الساخرة المنشورة في شارلي إيبدو مقارنة مع مختلف المجلات الأخرى؟ هل كانت مجلة " شارلي أيبدو" أكثر جرأة من غيرها؟
نعم، لقد كانوا أكثر جرأة وأكثر شجاعة من الآخرين. وخصوصا الرسوم الكاريكاتيرية للرسامين كابو وولينسكي، التي كنت دوما معجبا بها. وللأسف لم تتح لي الفرصة للتعرف عليهما شخصيا. ولكن أحد أصدقائي، وهو رسام جزائري، كان صديقا حميما للرسامين الفرنسيين. وعندما وقع صديقي الجزائري في صعوبات ذات مرة قام جورج ولينسكي بمساعدته. وأستطيع أن أقول وبكل قناعة من أن عمل كابو وولينسكي لم يكن أبدا بدافع الكراهية أو بدافع الخوف من الإسلام. كما أنهما لم يكونا متهورين. وكان هدفهما دوما التعبير عن آرائهما عبر الرسم. وكانا يرفضان أن تفرض عليهما الوصاية بشأن ما يقولانه أو ما لا يقولانه.
إن ما حدث في باريس شكل صدمة كبيرة بالنسبة لي. وكنت بنفسي في الماضي هدفا لتهديدات بالقتل وأتفق مع زملائي في المهنة. كيف يمكن للمرء أن يقتل شخصا ما بسبب ما كتبه أو بسبب ما رسمه. لا معنى لذلك أبدا.
هل هناك مواضيع لا ترغب في تناولها في رسوماتك الكاريكاتيرية أو تتعامل معها بحذر، كي لا تجرح مشاعر أحد ما أو لا تثير غضب البعض؟
استخدم نفس الأسلوب في الرسم دوما. وفي كل عمل كاريكاتيري أقوم به أسأل نفسي عما إذا كنت أحمل رسالة سياسية. وهل الرسالة السياسية والرأي الذي تتضمنها مهما بما يكفي كي يكون صالحا للنشر، حتى لو أثار غضب أحد ما؟ ولكن غالبا ما أعرف جيدا أن عملي يثير البعض، خصوصا أصدقاء إسرائيل. وأسأل نفسي دوما عن هدفي الأساسي في هذا العمل، هل هو إثارة غضب الناس؟ أم أنني أريد قول ما لا يقوله رسامو الكاريكاتير الآخرون. ولا أحاول أبدا رسم موضوع كاريكاتيري فقط للتعبير عن غضبي فحسب. أحاول أن أعمل بمسؤولية. فليس هدفي إثارة غضب الناس بعملي.
هناك رسامو كاريكاتير يعملون بأسلوب آخر، حيث يلاحظ المرء أن هدفهم في العمل هو جرح مشاعر الآخرين أو يرغبون في استفزاز الناس، لأن ذلك يشكل متعة لهم. هؤلاء لا يساهمون بأي شكل من الأشكال في الحوار. وعندما يقومون مثلا برسم النبي محمد على شكل شخص يشتهي الأطفال جنسيا، فما هي الرسالة السياسية التي يتضمنها هذا الرسم؟ عمل من هذا النوع لا استطيع أن أتفهمه. إنهم يريدون فقط إثارة الرأي العام. وأعتبر ذلك ضربا من الانتهازية وعملا غير مسئول.