شكوك دولية بنزاهة محاكمة قتلة خاشقجي ورفض لأحكام الإعدام
٢٣ ديسمبر ٢٠١٩اتفق كثير من ردود الفعل الدولية على أن الأحكام التي صدرت، اليوم الاثنين (23 كانون أول/ديسمبر)، في السعودية في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي "غير عادلة" وأن المحاكمات التي جرت بغياب الرأي العام المحلي والدولي لم تكن نزيهة ولم تحقق العدالة المرجوة.
إذ وصفت أنييس كالامار، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، في حديث مع DW، محاكمة السعودية لقتلة الصحفي المعارض جمال خاشقجي بـ"المهزلة". وعبرت عن سخطها لما جرى، لأنه "تمت إدانة القتلة المأجورين وحُكم عليهم بالإعدام. أما العقول المدبرة فلم يتم فقط تبرئتهم، وإنما أيضا لم تكد التحقيقات أو المحاكمة تقترب منهم. هذا هو النقيض للعدل. إنها المهزلة".
وقالت كالامار، التي سبق أن حققت في مقتل خاشقجي، إن "الحصانة التي شهدتها محاكمة الصحفي تكشف بوجه عام القمع السياسي والفساد والتعسف في استخدام السلطة والدعاية وحتى التواطؤ الدولي. كلها موجودة في المملكة العربية السعودية". ولفتت إلى أنه كان من المفترض أن تجرى تحقيقات لكشف العقول المدبرة "وكذلك من حرضوا وسمحوا وغضوا الطرف عن الجريمة، مثل ولي العهد"، في إشارة إلى الأمير محمد بن سلمان. تابعت المقررة الخاصة بالأمم المتحدة: "الاعتقاد بأن القتلة قرروا من تلقاء أنفسهم تقطيع الجسد (جثة خاشقجي" أمر مضحك، تشويه الجثة يتطلب حدا أدنى من التخطيط"، مضيفة أن هناك دلائل على أن الجريمة قد خطط لها مبكرا.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، إن القرار الصادر عن القضاء السعودي في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي بعيد عن تلبية التطلعات. وأكد المتحدث "أن بقاء تفاصيل مهمة في طي الكتمان مثل مصير جثمان المرحوم خاشقجي، وتحديد المحرضين على قتله والمتعاونين المحليين إن وجدوا، هو قصور أساسي في تجلّي العدالة ومبدأ المساءلة"، بحسب وكالة الأناضول للأنباء التركية الرسمية.
وأضاف أن "القرار الصادر عن المحكمة المعنية في السعودية فيما يتعلق بقضية مقتل جمال خاشقجي، أبعد ما يكون عن تلبية تطلعات بلادنا والمجتمع الدولي لتسليط الضوء على جميع جوانب هذه الجريمة وتجلّي العدالة". وشدد أن الكشف عن الجريمة التي ارتكبت في الأراضي التركية وتحديد ومعاقبة المسؤولين والمحرضين عليها، ليست مسؤولية قانونية فحسب؛ بل مسؤولية وجدانية في الوقت نفسه.
لكن ابن جمال خاشقجي، صلاح خاشقجي، وجد في الأحكام "إنصافا له ولعائلته"، كما جاء ذلك في تغريدة له بعد صدور الأحكام. وقال نجل الصحفي السعودي القتيل إن الحكم الذي أصدره النائب العام السعودي اليوم في قضية مقتل والده أنصف العائلة وحقق العدالة. وأضاف على تويتر "اليوم القضاء أنصفنا نحن أبناء المرحوم، بإذن الله جمال خاشقجي. ونؤكد ثقتنا في القضاء السعودي بكافة مستوياته وقيامه بإنصافنا وتحقيق العدالة".
من جانبها، رأت لين معلوف، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمنظمة العفو الدولية، أن "هذا الحكم تجميل لا يعود بالعدالة على جمال خاشقجي وذويه، ولا يكشف الحقيقة". وقالت معلوف إن الاطلاع على القضية لم يكن ممكنا. وحسب المنظمة، فإن مكان بقايا جثة خاشقجي غير معروف حتى الآن، وما إذا كان قد تم تسليم هذه البقايا لعائلته. وطالبت معلوف بـ "تحقيق دولي مستقل وغير متحيز" في القضية.
على صعيد متصل، طالب وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، السعودية بأن تحاسب جميع المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة، وقال إنه يجب عدم السماح بوقوع مثل هذه الجريمة الوحشية مرة أخرى، مؤكدا في الوقت ذاته على رفض عقوبة الإعدام مبدئيا.
وفي ألمانيا ناشد المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، نيلز شميت، الحكومة السعودية عدم تنفيذ أحكام الإعدام، ".. وإلا تولد انطباعا بأن هناك رغبة في التخلص من معلومات غير محبوبة للجريمة المقززة". وتحدثت غيده ينزن، رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني، عن "محاكمة صورية"، وقالت: "يبدو أن الرياض أرادت إنهاء المحاكمة بسرعة بدلا من الكشف عن جريمة التكليف بالقتل بشكل شفاف". ورأت ينزن أنه "لا يمكن تصور" انعقاد قمة مجموعة الدول العشرين المقررة العام المقبل في السعودية في ظل هذه الظروف.
أما الإدارة الأمريكية فقد وجدت في الأحكام الصادرة "خطوة مهمة" لمحاسبة كل المسؤولين عن الجريمة. وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية اليوم الاثنين إن الولايات المتحدة تعتبر أن الحكم الذي أصدرته السعودية بإعدام خمسة أشخاص وسجن ثلاثة آخرين في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي "خطوة مهمة" لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "هذه خطوة مهمة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة المروعة، ونشجع السعودية على مواصلة عملية قضائية تتسم بالنزاهة والشفافية"، حسب تعبيره.
ح.ع.ح/ف.ي (د.ب.أ، رويترز)