دور العبادة شاهد على التعدد الديني في ألمانيا
١٢ يوليو ٢٠١٣"الإنسان كائن ديني" هو اقتباس مُتداول بأشكال مختلفة ويُميز حقباً تاريخية كالفترة التي عاش فيها الفيلسوف توما الأكويني (1225 - 1274) أو الكاتب الروسي فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي (1821 - 1881) أو الثوري الشيوعي فلاديمير ألييتش أوليانوف المعروف بلينين ( 1870 - 1924). فتعدد الأديان ذات التقاليد العريقة التي تتجاوز مئات وآلاف السنين دليل على أن الدينَ يُعتبر حاجةً إنسانيةً ضروريةً بدون استثناء. فالدين هو بمثابة تعبير عن شوق الإنسان لبعد رباني لوجوده وأيضاً عن شوقه إلى الخلود. فالطقوس الدينية، وأيضا أماكن العبادة، هي بمثابة ملاجئ يسعى فيها المؤمنون لتحقيق ذواتهم والبحث عن الله.
ألمانيا بلد الحرية الدينية
تعتبر ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بلداً ديمقراطيا. فقد استخلص فقهاءُ الدستور الألماني عبراً كثيرةً من تجربة الحكم الديكتاتوري في فترة النازية، وعلى الخصوص من الملاحقات التي كانت تتم بدوافع دينية كما كان الحال بالنسبة لليهود أو الطائفة المسيحية شهود يهوه. فالحرية الدينية حق أساسي يضمنه الدستور الألماني. وتنص الفقرة الأولى من القانون رقم أربعة من الدستور على أن: "حرية المعتقد والضمير، وحرية المعتقدات الدينية والفلسفية غير قابلة للانتهاك".
وأما الفقرة الثانية من نفس القانون فتنص على ضمان ممارسة حرية الشعائر والطقوس الدينية. ولا يقتصر ذلك على الألمان وحدهم بل يشمل كل الناس من مختلف بقاع العالم الذي يعيشون في ألمانيا. وهذا يعني أن معتنقي مختلف الأديان يجوز لهم بناء أماكن للعبادة يمارسون فيها طقوسهم الدينيةَ.
تعدد المعتقدات
مبدئيا لا توجد في ألمانيا قيودٌ على التعدد الديني وهو ما تعكسه أماكن العبادة المقدسة للمؤمنين الكاثوليك والبروتستانت، ككتدرائية كولونيا التي استغرق بناؤها أكثر من 600 عام وتعتبر من بين المآثر التاريخية الألمانية التي تسجل العدد الأكبر من الزائرين من مختلف دول العالم.
فبعد نهاية النظام النازي تم إعادة بناء العديد من دور العبادة اليهودية. وفي الخمسينات من القرن الماضي شُيدت أولى المساجد بقباب ومآذن. ويتوفر المسلمون في ألمانيا في الوقت الحاضر على عدد كبير من المساجد. أما معابد البوذيين والهندوس، ورغم عددها القليل، إلا أنها تشكل جزءاً مهماً للتعدد الديني الذي تعرفه ألمانيا.
أماكن مقدسة
دور العبادة هي أيضاً المكانُ الذي يحتضن الجانب الروحاني. ويصعب إحصاء هذه الدور نظراً لكثرتها. لكن يمكن ذكر بعض الأماكن على سبيل المثال لا الحصر: كالكنيسة الواقعة في "كيفيلار" على الحدود الألمانية الهولندية، التي يحج إليها المؤمنون. وأكبر معبد للديانة البهائية في مدينة "هوفنهايم" الوحيد من نوعه في أوروبا وأكبر كنيسة أرثوذوكسية يونانية في أوروبا خارج اليونان والمؤسسة الأوروبية للمهاجرين البوذيين والمعبد القبطي ومركز الصوفية والمعبد الهندوسي ومركز العقيدة المسيحية الذي يتجاوز عمره 300 عام. كل هذه المعابد والأماكن المقدسة تستحق زيارةً لأنها مواقع مهمة في مجال الروحانيات والعقائد الدينية بألمانيا.