دور ألمانيا كوسيط في المنطقة مرهون برغبة الأطراف المتحاربة
١٨ يوليو ٢٠٠٦في ظل التصعيد العسكري الأخير في المنطقة الذي ينذر بما يسميه المراقبون "بحرب مفتوحة" قد يصعب السيطرة على نتائجها، بدأت تلوح في الأفق "دبلوماسية الأزمات". الأنظار تتجه هذه المرة إلى برلين عساها ان تلعب دورا إيجابيا في التوسط في النزاع القائم، لاسيما وأن ألمانيا لديها خبرة في هذا المجال من خلال التوسط بين حزب الله والحكومة الإسرائيلية في صفقة تبادل الأسرى التي تمت قبل نحو سنتين. أضف إلى ان ماضي ألمانيا في المنطقة، كدولة غير استعمارية، وكوسيط عُرف بلعب دور متوازن ومحايد إلى حد كبير وتحظى بالقبول من جميع الأطراف تقريبا.
يشار هنا إلى أن معلومات صحفية قد أشارت إلى أن عدة دول غربية، منها الولايات المتحدة، طلبت من المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ووزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير القيام بدور وساطة في الصراع بالشرق الأوسط. إلى ذلك كشف وزير الخارجية الألمانية عن اتصالات مع الأطراف المعنية في المنطقة تركزت حول تهدئة الأوضاع الساخنة. وكانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل قد ذكرت على هامش مؤتمر الدول الصناعية الثماني أن دول المجموعة تريد قوة جديدة من المراقبين العسكريين في لبنان في إطار الجهود لإنهاء القتال بين إسرائيل وحزب الله.
برلين مستعدة للعب أي دور يطلب منها
في حوار مع موقعنا، يرى الدكتور اندرياس شوكنهوف، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلماني الألماني عن كتلة الحزبين الديمقراطي المسيحي والاجتماعي المسيحي، بأن ألمانيا لوحدها لن تكون قادرة على القيام بدور الوسيط في الصراع الدائر في المنطقة. ولكن من الممكن أن يحاول الإتحاد الأوروبي مع الشركاء الآخرين المنضويين في اللجنة الرباعية (روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة) جمع الأطراف المتصارعة إلى طاولة المحادثات. لكن البرلماني الألماني يؤكد على انه لو طُلب من بلاده القيام بأي دور في هذا الجانب، فإنها لن تتوانى عن محاولة المساهمة في البحث عن حل للصراع الحالي "لكننا نحتاج إلى جهود جميع اللاعبين الأساسيين الذين لديهم مصالح في المنطقة وإلا فان النجاح لن يكون حليفنا". وأشار إلى أن النزاع لم يعد محصورا بين إسرائيل والفلسطينيين أو بين إسرائيل وحزب الله، لاسيما بعد دخول هذا الأخير كطرف في المعادلة مع ما يعنيه ذلك من إمساك كل من طهران ودمشق بزمام المبادرة.
من جانبه يؤكد نيلز آنن، عضو لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في حوار مع موقعنا بأن ألمانيا لن تتوانى عن تقديم المساعدة في التوصل إلى حل للصرع القائم إذا ما كانت برلين قادرة على تقديم مثل هذه المساعدة. لكن البرلماني الألماني يتمسك بعدم فرض بلاده لنفسها في الصراع مشيرا في هذا السياق إلى أن هناك شروطا يتوجب توافرها لضمان التوصل إلى حل سلمي للنزاع القائم منها إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين المختطفين. وحيا البرلماني الألماني مبادرة وزير خارجية بلاده ورفيقه الحزبي، فرانك شتاينماير، التي قام بها بتكليف من المستشارة الألمانية انجيلا ميركل وذلك في اشارة الى بيان مؤتمر الدول الصناعية الثماني الذي يمكن أن يشكل أرضية جيدة لحل النزاع بالطرق السلمية.
إرسال قوات حفظ السلام غير مطروح حاليا
وحول مدى استعداد برلين لإرسال قوات لحفظ السلام إلى المنطقة في إطار قوات أوروبية أو دولية تحت مظلة الأمم المتحدة، قال شوكنهوف إن مثل هذا الأمر يحتاج أولا إلى تفويض وقبل هذا وذاك يتوجب أن يكون ذلك باتفاق وموافقة الأطراف المعنية في المنطقة، عدا ذلك فانه من المستبعد مناقشة فكرة إرسال مثل هذه القوات إلى المنطقة. أما آنن فيعتقد بانه من السابق لأوانه الحديث عن إرسال قوات ألمانية إلى منطقة النزاع. لكنه يتفق مع زميله في البرلمان بان بلادهما، إذا كان بإمكانها أن تلعب دورا ما من شأنه تهدئة الوضع، فإنها لن تتأخر في بذل كل ما في وسعها، بصرف النظر عن آلية لعب مثل هذا الدور سواء كان دبلوماسيا أو عسكريا. وفي هذا السياق حيا آنن فكرة إطلاق مبادرة دولية لمراقبة الحدود بين لبنان وإسرائيل، مشيرا إلى أن هذه الحدود سبق الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة وذلك عقب إلإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان. لذا يتوجب، حسب تعبير السياسي الألماني، ان تظل هذه الحدود أمنة ومحمية كخطوة أولى لأي جهود دولية من قبل الأمم المتحدة.