دراسة ديموغرافية تحذر من انخفاض خطير في سكان أوروبا
١٢ يناير ٢٠٠٩نشر معهد ماكس بلانك للبحوث الديموغرافية في مدينة روستوك الألمانية دراسة دق فيها ناقوس الخطر محذرا من تعرض القارة الأوروبية لتراجع كبير في عدد السكان. حيث أظهرت هذه الدراسة ارتفاع أعداد الشيخوخة في ميزان النمو الديمغرافي في أوروبا مقارنة بمعدل الولادات. فحسب الدراسة فإن عدد كل جيل سيقل عن سلفه بنسبة خمسة وعشرين بالمائة، وبحلول عام 2050 سيتناقص عدد سكان دول أوروبا بنحو خمسين مليون نسمة، كما أن متوسط الأعمار فيها سيزيد عشرة أعوام.
ووفقا للدراسة فإن على كل امرأة أوروبية إنجاب 2،1 طفل حتى تتمكن القارة العجوز من المحافظة على تجدد سكانها، إذ يمكن بهذا المعدل أن يحل الجيل الجديد محل الجيل القديم دون حدوث انخفاض في معدل السكان. ومن بين الدول الأوروبية التي اقتربت من تحقيق هذا المعدل: فرنسا وانكلترا وايرلندا ودول شمال أوروبا، حيث وصل معدل الانجاب فيها من 1،8 إلى 2 طفل لكل امرأة. على خلاف ذلك فإن ألمانيا وبلدان أوروبا الشرقية والجنوبية تبدو مهددة أكثر بتراجع عدد السكان حيث يتراوح معدل الإنجاب فيها بين واحد فاصلة ثلاثة إلى واحد فاصلة خمسة طفل لكل امرأة.
أسباب انخفاض معدل الولادات في أوروبا
ويعزو الخبراء هذا الانخفاض في الإنجاب إلى أسباب مختلفة منها ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير الأمر الذي يدفع النساء إلى عدم الإنجاب وتوجيه اهتمامهن للبحث عن العمل لمساعدة شريك الحياة. كما أن طول المرحلة الدراسية وتطلعات الشباب الأوروبي إلى تحسين مهاراتهم العملية من أجل الحصول على أماكن عمل بدخل عال، من أهم العوامل التي تدفع الشباب إلى العزوف عن التفكير في تأسيس أسرة وإنجاب الأطفال.
كما ويرى خبراء التزايد السكاني أيضاً أن القيم الاجتماعية التي سادت في أوروبا حتى سبعينيات القرن الماضي، والتي تمنع إنجاب الأطفال بين أي شريكين بدون زواج رسمي، كان لها دوراً سلبياً على معدل الولادات في أوروبا، حيث أثبتت الدراسة تزايد عدد الأطفال في بعض البلدان الأوروبية التي سمحت فيها تحولات القيم الاجتماعية لاحقا بتقبل إنجاب الأطفال بدون زواج كما في ايسلندا.
و أكد الخبراء المختصين بشؤون التزايد السكاني في أوروبا على الدور الفعال الذي ساهمت فيه النساء المهاجرات إلى أوروبا في زيادة معدلات الولادة، حيث أظهرت الدراسة ارتفاع معدل الإنجاب في العائلات المهاجرة في كلا من هولندا وبريطانيا والبرتغال والنمسا وايطاليا وألمانيا وفرنسا واسبانيا من ثلاثة إلى ثمانية بالمئة بين عام 1997 وعام 2006 .
لابد من إدخال تعديلات في السياسة العائلية الأوروبية
وتثير هذه الدراسة قلقا كبيرا في الأوساط السياسية والاقتصادية الأوروبية لما لها من آثار سلبية على النمو الاقتصادي الأوروبي، فتراجع عدد الولادات يعني نقص الأيدي العاملة وارتفاع نسبة الشيخوخة وبالتالي زيادة الإنفاق على معاشات التقاعد الذي قد يؤدي إلى عجز أوروبا عن تحقيق تطورات اقتصادية تضمن لها التفوق أمام قوى الاقتصاد العالمية الأخرى.
لذلك يدعو خبراء الدراسات السكانية إلى تطوير سياسات أوروبية تشجع على الإنجاب وذلك من خلال نص قوانين تدعم المرأة العاملة، كتوفير دور الحضانة المؤهلة لرعاية الرضع وللأطفال الصغار، مما يمكن الأمهات من العودة بسرعة إلى الحياة العملية بعد الولادة. إضافة إلى المساواة بين المرأة والرجل في المسئوليات المتعلقة بشؤون الأسرة والأطفال.