تزايد التضييق على حرية التعبير في البحرين والسعودية
٢٠ يناير ٢٠١٥
لم يكد يمض أسبوع على الضجة التي أثارها قيام السلطات السعودية بتنفيذ حكم الجلد بحق الناشط الحقوقي رائف بدوي حتى اتجهت الأنظار إلى البحرين إذ صدر اليوم حكم في حق الناشط نبيل رجب المتهم بـ"التعرض للمؤسسات" بالسجن ستة أشهر و سبق أن عوقب رجب بالسجن لسنتين بسبب آرائه ومواقفه.الحكم اعتبره البعض مخففا بفضل ضغوط المنظمات الحقوقية. وكان الناشط الشيعي اعتقل بعد نشره تغريدات على تويتر اعتبرتها السلطات البحرينية مسيئة.
وبموازاة مع ذلك أٌعلن في البحرين أن محاكمة زعيم المعارضة الشيعية الشيخ علي سلمان ستنطلق في الثامن والعشرين من الشهر الجاري وسيحاكم بتهمة "الترويج لقلب النظام"، وهو ما يتوقع أن يثير مزيدا من التوتر في البحرين التي تشهد اضطرابات في السنوات الأخيرة.
فبماذا يفسر تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الخليجية في الآونة الأخيرة؟ وهل لذلك علاقة بالحرب التي تشنها هذه الدول ضد "الإرهاب"؟
"انتهاكات تحت غطاء الدين"
نبيل رجب الذي يعد أحد أبرز النشطاء الشيعة في البحرين كتب في إحدى تغريداته أن العديد من شباب البحرين الذين التحقوا بمنظمات إرهابية مثل تنظيم"الدولة الإسلامية" جاؤوا من المؤسسات الأمنية والعسكرية التي كانت حاضنتهم الإيديولوجية الأولى". ومع أن رجب من المدافعين عن حقوق الطائفة الشيعية في البحرين التي تخضع لحكم عائلة آل خليفة السنية إلا أنه يعتبر الصراع في بلاده سياسيا وليس دينيا "الأمر يتعلق بالديمقراطية والعدل والمساواة والحرية. الناس يريدون ديمقراطية وبرلمانا له سلطة حقيقية، وحكومة منتخبة" حسبما أدلى به رجب في حوار سابق لـ DW.
يوسف المحافظة الناشط الحقوقي المقيم في برلين، ونائب رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان يعتبر أيضا أن موضوع الدين يتم توظيفه لإسكات المطالب بالديمقراطية، ويقول "غالبية الشعب البحريني شيعة وسنة يطالبون بالإصلاحات والديمقراطية والحريات، ولكن يتم تصويرهم على أنهم متمردون شيعة لتضليل الرأي العام وتصوير المشكلة على أنها طائفية فيما هي سياسية بدليل وجود معتقلي رأي شيعة وسنة في السجون البحرينية".
وتشهد مملكة البحرين اضطرابات سياسية منذ انتفاضة الأغلبية الشيعية عام 2011 للمطالبة باصلاحات ودور أكبر في الحكومة تأثرا بموجة "الربيع العربي" التي اجتاحت عدة دول المنطقة، وتواجه السلطات البحرينية اتهامات بقمع رموز المعارضة الشيعية.
ويفسر المحافظة، في مقابلة أجرتها معه DW عربية ارتفاع عدد الاعتقالات والمضايقات في حق النشطاء والمعارضين الخليجيين بكون شباب هذه البلدان تأثر بدوره بالربيع العربي وأصبح يطالب بالديمقراطية والحرية "بما أنه لدينا حكومات قمعية وليست في بلداننا أي بوادر نظام ديقمراطي، لذا قوبلت هذه المطالب بالقمع والإسكات والتهجير والاعتقالات، وفي البحرين وصل الأمر إلى حد تدخل الجيش السعودي لإسكات المتمردين وهو ما فاقم المشاكل أكثر".
الإرهاب: مبرر حقيقي أم ذريعة؟
فيما يفسر آخرون الاعتقالات في صفوف المعارضين بتحديات وجودية تواجهها دولة البحرين الصغيرة على رأسها خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهاب،ي مع أن البحرين متهمة بانها تحتضن قوات خاصة تساند التنظيم المتطرف وهو ما نفته الحكومة التي تشارك في التحالف الدولي ضد داعش في العراق وسوريا بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
ويرى المحافظة أن استخدام "الخوف من الإرهاب" كمبرر للتضييق على الأصوات المعارضة ليس بالأمر الجديد "الحرب ضد الإرهاب مجرد ذريعة لتبرير القمع والعنف. في الستينات أيضا طالب البحرينيون بإصلاحات فاتهموا بأنهم عملاء لجمال عبد الناصر وبعدها اتهموا بأنهم عملاء للاتحاد السوفياتي ثم إيران واليوم الإرهاب، مع أن من يطالبون بالإصلاحات والديمقراطية ليسوا سوى أفراد عاديين من الشعب".
ومع ذلك تنتشر فيديوهات على موقع يوتيوب منها فيديو نشر في سبتمبر أيلول الماضي يظهر أربع شبان وصفوا بالجهاديين وهم مسلحون ببنادق كلاشنيكوف في منطقة صحراوية. الجديد في هذا الفيديو أن كل من ظهروا فيه بحرينيون، أحدهم ضابط سابق في وزارة الداخلية البحرينية يدعى محمد عيسى البنعلي، أعلنت الداخلية البحرينية بعدها أنه فُصل من وظيفته بعد ثبوت تهربه وتخلفه عن أداء عمله. الضابط التحق بتنظيم داعش وظهار في الفيديو وهو يوجه الدعوة إلى الضباط في الشرطة والجيش للانشقاق، وإلى جانبه بحريني آخر هاجم حكم آل خليفة في البحرين، وهي العائلة السنية التي تحكم البحرين ذات الغالبية الشيعية منذ أزيد من 200 سنة.
3000 معتقل رأي
في أبريل الماضي أكد مركز البحرين لحقوق الإنسان أنه وثق 744 حالة اعتقال تعسفي منذ دعوة ولي العهد البحريني للحوار وذلك خلال ثلاثة أشهر فقط. ويقول المحافظة أنه يقبع حاليا في السجون البحرينية 3000 معتقل رأي. ويضيف" هناك حالات أخرى كثير مشابهة لقضية رائف بدوي ونبيل رجب والشيخ سلمان. هناك اعتقالات وانتهاكات لأشخاص لم يرتبكوا أي جرائم بل عبروا فقط عن آرائهم أو طالبوا بالحرية والديمقراطية".
بيد أن الحكومة البحرينية، تقول إن محاكمة عدد من معارضيها مرده لخروجهم عن الإطار السلمي واستخدام العنف، وتشير إلى مقتل رجال شرطة في مظاهرات شهدتها المنامة وأحياء قريبة منها في ألشهر القليلة الأخيرة.
وكانت منظمات حقوقية على رأسها هيومن رايتس ووتش دعت الأسبوع الماضي الغرب إلى ممارسة الضغط على الحكومة البحرينية من أجل إسقاط التهم الموجهة ضد رجب. ويرى المحافظة أن ضغط المنظمات الحقوقية الدولية مهم ولكنه لا يكفي وينبغي على الدول الغربية الحليفة للبحرين والسعودية الضغط من أجل إطلاق سراح النشطاء المعتقلين. وانتقد الناشط البحريني ازداوجية البحرين والسعودية في التعامل مع موضوع الإرهاب قائلا "السعودية والبحرين تدعيان وقوفهما ضد الإرهاب في حين أنه لا فرق بين ما فعلته السعودية مع رائف وما فعله الإرهابيون مع صحيفة شارلي إيبدو: الإثنان عوقبا بسبب تعبيرهما عن رأيهما بغض النظر عن محتوى هذا الرأي".