خليفة حفتر .. الأسير وأمير الحرب الطامح لرئاسة ليبيا
٢٣ سبتمبر ٢٠٢١علق المشير خليفة حفتر قائد "الجيش الوطني الليبي" الأربعاء مهامه العسكرية رسميا، تمهيدا لترشح مرجح للانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية كانون الاول/ ديسمبر في ليبيا. وأعلن حفتر (77 عاما) الرجل القوي في الشرق الليبي تعيين خلف مؤقت له حتى 24 كانون الاول/ ديسمبر، موعد الانتخابات الرئاسية، في قرار صدر بعد أسبوعين من إقرار قانون انتخابي أثار جدلا، يتيح له الترشح ثم تولي منصبه العسكري مجددا في حال عدم انتخابه.
من هو الجنرال خليفة حفتر؟
يُعرف الرجل صاحب الملامح العابسة والشعر الأبيض بتقشّفه في الكلام، لكنه يحب الإدلاء بتصريحات مدوية. بدأ ذلك عام 2014 عندما أعلن في خطاب متلفز حلّ مؤسسات الحكم وتوليه السلطة، قبل أن يختفي من المشهد لأسابيع. ورغم ذلك، تمكن من تشكيل قوة شبه عسكرية في الشرق أطلق عليها اسم "الجيش الوطني الليبي" وعدل اسمها لاحقا ليصير "القوات المسلحة العربية الليبية"، ليصبح الرجل القوي في شرق البلاد وفاعلا رئيسيا في الأزمة.
عدو الإسلاميين
ونجح العدو اللدود للإسلاميين في السيطرة عام 2017 على المنطقة الشرقية (برقة) وأكبر مدنها بنغازي، بعد ثلاث سنوات من المعارك ضد جماعات جهادية.
وهَزم في العام التالي جماعات متطرفة في درنة، المدينة الوحيدة في برقة التي ظلت خارج سيطرته حتى ذاك الحين. ثم أطلق في كانون الثاني/ يناير 2019 عملية للسيطرة على الجنوب الغربي الغني بالنفط واستولى على أكبر مدنه سبها دون قتال تقريبا.
برز خليفة حفتر في بداية انتفاضة 2011 التي شارك فيها بعد غيابه عن المشهد لأعوام. وشارك الرجل الذي تلقى تدريبا في الاتحاد السوفياتي، في الانقلاب الذي أطاح بنظام الملك إدريس السنوسي وقاد القذافي إلى السلطة عام 1969.
أسير ولاجئ سابق
بتكليف من القذافي قاد حفتر القوات الليبية في الحرب ضد تشاد (1978-1987) لكنه أسر في معركة وادي الدوم على الحدود مع الجارة الجنوبية، قبل أن يعلن انشقاقه عن نظام القذافي ويطلق سراحه. وجاء الإفراج عنه بمبادرة من الولايات المتحدة في عملية لا يزال يكتنفها الغموض، وقد منحته حق اللجوء السياسي على أراضيها. وانضم خليفة حفتر في الولايات المتحدة إلى المعارضة الليبية.
وقد عاد خصومه في غرب ليبيا لتذكيره، عندما أطلقوا على فشله في غزو طرابلس اسم "وادي الدوم 2". وبعد أكثر من عشرين عاما من المنفى، عاد حفتر في آذار/ مارس 2011 إلى بنغازي. وإثر مقتل القذافي في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، التف حوله نحو 150 ضابطا وضابط صف عيّنوه رئيسا لأركان الجيش، وهو أمر لم ينل اعترافا رسميا. ويُرجع منتقدو حفتر نجاحه العسكري إلى الدعم غير المعلن الذي تلقاه من دول أجنبية، مثل الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا.
العسكري مرشح الرئاسة
القانون الانتخابي المثير للجدل الذي يسمح لحفتر بالترشح صادق عليه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح المتحالف مع حفتر، بدون أن يطرحه للتصويت، ما أثار استياء واسعا في غرب ليبيا. المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية أثارت أشد الانتقادات، وهي تنص على إمكان ترشح شخص عسكري بشرط التوقف "عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم يُنتخب فإنه يعود لسابق عمله".
وفي حال ترشحه، سيسعى العسكري إلى انتزاع السلطة من خلال صناديق الاقتراع بعد الفشل الذريع لهجومه على طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني السابقة عام 2019. وصدت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني هجومه بدعم عسكري من تركيا بعد أشهر من القتال.
وفي حلقة جديدة من التوترات، صوّت مجلس النواب الليبي في شرق البلاد الثلاثاء لصالح سحب الثقة من حكومة عبد الحميد الدبيبة التي تتخذ مقرا في العاصمة طرابلس، ما يهدد بإفشال الانتخابات الحاسمة لمستقبل البلاد.
وقال الخبير في منظمة "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية" عماد الدين بادي عبر تويتر إن "حفتر عيّن رئيس أركانه الناظوري في منصب القائد العام للجيش الوطني الليبي وسيأخذ إجازة حتى 24 كانون الأول/ديسمبر في ما يبدو أنه إعلان غير رسمي عن نيته الترشح للرئاسة".
اتهامات
يتهمه خصومه بالسعي لإقامة دكتاتورية عسكرية في البلد النفطي الذي يعيش حالة من الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 بعد ثورة شعبية. ورفعت دعاوى قضائية في ليبيا وفي الخارج ضد حفتر تتهمه بارتكاب جرائم حرب، وضمنها مزاعم بمسؤوليته عن مقابر جماعية عثر عليها في غرب ليبيا حيث كانت تسيطر قواته إبان غزوها للعاصمة طرابلس.
تبع فشله في السيطرة على العاصمة إبرام اتفاق وقف لإطلاق النار في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وحوار سياسي برعاية الأمم المتحدة أفضى إلى تشكيل حكومة مكلفة بقيادة المرحلة الانتقالية في آذار/ مارس 2021، وإقرار انتخابات تشريعية ورئاسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر. التزم حفتر إثر ذلك التكتم بعد انحسار تأييد قبائل قوية له في شرق البلاد وبعض داعميه الخارجيين، إضافة إلى بروز المسار السياسي بديلا من الخيار العسكري.
ويتساءل مراقبون عن حظوظ حفتر في الوصول إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع بعد أن فشل عسكريا في السيطرة على طرابلس؟
ع.خ/ م.س (ا ف ب، رويترز)