خبير: شركات الأسلحة وأنظمة عربية تستفيد من الحرب ضد الإرهاب
٣ أبريل ٢٠١٧عنوان الكتاب هو: "المستفيدون من الإرهاب". من هم هؤلاء؟
من جهة فهي شركات السلاح التي حققت عام 2015 أرباحا بقيمة 370 مليار دولار. وفي مقدمتها تأتي الشركات الأمريكية. شركات ألمانية صدرت كذلك أسلحة وعتادا عسكريا بقيمة 5 مليارات يورو تقريبا. والمستفيد من الإرهاب أيضا هي الأنظمة العربية. فهي في كثير من المواقع شريكة مع الحكومات الغربية ويمكن لها من خلال تقديم الدعم لها مواصلة نهجها القمعي ضد الشعوب ـ وكل ذلك يتم تحت شعار "مكافحة تنظيم داعش أوالحرب ضد الإرهاب".
على ذكر ألمانيا، أين تتجلى مهمة صادراتها من الأسلحة؟
إنها مزدوجة. فدول الخليج الغنية ـ العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر ـ تشكل نوعا من اللمعان. وهي تشتري دبابة ليوبارد 2 ليس لأنها ستخوض حروبا صحراوية، ولكن لأن هذه الدبابة تتناسب مع نماذجها العسكرية. وألمانيا لا تريد هنا أن تكون في مرتبة متخلفة أمام منافسة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا أو فرنسا. فصادرات الأسلحة هي في آن واحد جزء من سلسلة للعديد من الصفقات. وهي جذابة، لأن الشركاء الكبار في القطاع الاقتصادي هي مصر والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وهذه الدول تعد في الوقت نفسه من أهم الزبائن لمنتجات الأسلحة الألمانية.
تذكرون في كتابكم وجود التزام قوي لدول الخليج العربي تجاه الاقتصاد الألماني. هل يؤثر هذا الوضع أيضا على تجارة الأسلحة؟
الواحد له ارتباط بالآخر. تحدثت مع سياسيين من الإمارات العربية المتحدة استُقبلوا في برلين من طرف المستشارة ميركل أو وزير الخارجية السابق شتاينماير رغم أن الإمارات العربية المتحدة متورطة في حرب اليمن التي تسببت خلال السنتين الماضيتين في آلاف القتلى. أرى وفودا اقتصادية إلى جانب وزراء أو المستشارة يسافرون إلى دول الخليج من أجل الحصول على مشاريع مدنية، لكن لهم أيضا اهتمام أيضا بمشاريع عسكرية. حتى عام 2030 تريد دول الخليج في الحقيقة نيل استقلالها الواسع عن وارداتها من الأسلحة. لكن لا يمكن لها أن تتخلى عن تحويلات التكنولوجيا. وعليه فان الالتزام الاقتصادي المدني والعسكري يمضيان يدا في يد.
ألمانيا تصدر أسلحة إلى الشرق الأوسط وتحاول في آن واحد التوسط في النزاعات هناك. ألا يشكل ذلك تناقضا؟
إنه تناقض حقا. في مارس وافق مجلس الأمن الاتحادي مجددا على صادرات أسلحة للإمارات ـ وهو بلد في مقدمة التحالف العسكري في اليمن. في الوقت نفسه استقبل وزير الخارجية غابرييل ممثلين عن أطراف النزاع اليمني في برلين لمناقشة السبل السياسية من أجل إنهاء النزاع. هذا تناقض لا يمكن إصلاحه إلا بوقف صادرات الأسلحة إلى البلدان المعنية. والبرلمان الأوروبي طالب بموجبه في 2016 بضرورة وقف تصديرالأسلحة إلى العربية السعودية.
في البداية قلتم إن تصدير الأسلحة يلقى في الغالب شرعيته من خلال الإشارة إلى "الحرب ضد الإرهاب" لاسيما ضد تنظيم داعش. كيف يمكن معالجة هذا الوضع؟
الحرب ضد داعش يجب أن تتم على أربع مستويات على الأقل . أحدها بدون شك هو الجانب العسكري، والمستويات الأخرى هي السياسية أي بمشاركة السكان السنة المهمشين الذين يدعي داعش أنه يتحرك من أجلهم. ويجب محاربته فكريا وتفنيد ادعائه بأن قيامه بالاعتداءات الإرهابية قد تُحدث تغييرا سريعا في الأوضاع السياسية. كما إن هناك حاجة إلى نقاش ديني في العالم العربي. هناك في الأردن والإمارات العربية المتحدة مبادرات تناقش الإرهاب وعلاقته بالاسلام لسحب البساط من تحت أرجل القوى الراديكالية. لكن هذا مشروع طويل الأمد. وهو ينهج إيقاعات مختلفة عن الحروب القائمة حاليا. وبسبب الفظائع الناتجة عنها فقد تتشكل منظمات إرهابية إضافية في صيغة جديدة مثل داعش أو في صيغة أخرى للقاعدة.
ماذا تقترحون لوقف تصدير الأسلحة والآلام المرتبطة بها؟
هناك أمران. الأمر الأول يتعلق باستراتيجية طويلة الأمد، وهو مشروع أجيال. يجب على ألمانيا وأوروبا بصفة عامة التركيز على تلك القوى التي خرجت في 2011 إلى الشارع ضد أنظمة متسلطة. ورغم الهزيمة التي تكبدتها، وجب على أوروبا أن تدعم هذه القوى. ويمكن للمؤسسات السياسية أن تنشط هنا، إذ يمكن إطلاق مشاريع بيئية، ويمكن إعطاء منح لمضطهدين من الشباب أو الطلبة تمكنهم من العودة لاحقا بمعرفتهم المعتمدة على روح ديمقراطية إلى بلدانهم المتحولة. يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الثورة الفرنسية والأمريكية مرت بعدة فترات وولم تكلل بالنجاح إلا بعد فترة من الزمن.
في أوروبا ـ وكذلك في ألمانيا ـ يجب تشريع قانون خاص بتصدير الأسلحة، ينص على منع تصدير الأسلحة إلى دول الأزمات والمتورطة في حروب. ويمكن التحقق من القائمة التي يتم فيها تدوين الدول المعنية كل ثلاث سنوات. وبهذه الطريقة يتم اعتماد نظام مراقبة يمنع أن تحصل دول مثل العربية السعودية والإمارات وقطر أو مصر على أسلحة.
أجرى المقابلة كرستين كنيب/م.أ.م
*ماركوس بيكل: قام في العقدين الأخيرين بتغطية الأحداث لعديد من وسائل الإعلام في سراييفو وبيروت وبغداد ودمشق. وعمل مؤخرا كمراسل للشرق الأوسط لصحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" في القاهرة. ويرأس منذ 2017 تحرير Amnesty Journal صحيفة حقوق الإنسان في برلين. عنوان كتابه الأخير:"المستفيدون من الإرهاب: كيف تستفيد ألمانيا من الحروب وتقوي الدكتاتوريات العربية".