خبير ألماني لـDW: أستبعد أن تكون إيران وراء هجوم السعودية
١٨ سبتمبر ٢٠١٩أدت هجمات على معمل معالجة النفط في بقيق التابع لمجموعة أرامكو العملاقة وحقل خريص النفطي بخفض إنتاج السعودية بمقدار النصف ورفعت درجة التوتر في المنطقة إلى حالة غير مسبوقةDW . وقفت على قراءة الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز للهجمات والواقفين وراءها وتداعياتها ورد الرياض عليها:
DW: هل بمقدور المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران القيام بمثل ذلك الهجوم الذي استهدف منشأتي النفط السعوديتين؟
ميشائيل لودرز: بادئ ذي بدء، لا نعرف حتى الآن من يقف وراء الهجمات. تبنى المتمردون الحوثيون المسؤولية. سيكون هذا الهجوم الأول من نوعه بالطائرات المسيرة الذي يقوم به الحوثيون على الأرض السعودية. بيد أن الحوثيين كرروا في الماضي هجماتهم بالصواريخ على السعودية.
الدعم الإيراني للحوثيين هو بالدرجة الأولى بـ 80 إلى 90 مستشاراً عسكرياً وبميليشيا حزب الله اللبناني، الذين يعلّمون ميلشيا الحوثيين على كيفية تجهيز صواريخ من عتاد الجيش اليمني بحيث تصيب أهدافها بشكل دقيق. الصواريخ التي أطلقها الحوثيون في الماضي كانت إما أمريكية أو روسية من مخزونات الجيش اليمني.
حتى الآن لم تسلم إيران مثل تلك الأسلحة للحوثيين. مثل ذلك الأمر كان سيكون صعباً جداً نظراً للحصار على الموانئ اليمنية.
هل الحوثيون قادرون، إذا، على تنفيذ مثل ذلك الهجوم؟ المسافة بعيدة بين اليمن والمنشأتين النفطيتين وتتجاوز الألف كيلومتراً.
هناك نظرية أخرى انتشرت على بالدرجة الأولى على قناة الجزيرة (الفضائية القطرية): "الحشد الشعبي" الشيعي نفذ تلك الهجمات من جنوب العراق. على الأقل للنظرية بعض المعقولية، وبالأحرى كرد على الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المواقع الموالية لإيران في سوريا والعراق في الأسابيع الماضية.
DW: ألا يضر ذلك الهجوم بالسياسة الخارجية الإيرانية؛ خاصة بعد ظهور بوادر تقارب مثل لقاء محتمل بين ترامب وروحاني والمبادرة الفرنسية لرفع الصادرات النفطية الإيرانية؟
ميشائيل لودرز: أضرّ الهجوم على المنشآت النفطية السعودية بإيران كثيراً. لذا ليس من المرجح جداً أن تقف القيادة الإيرانية وراء الهجوم، كما ادعى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. بعد إقالة مستشار الأمن القومي جون بولتن الذي كان مؤيداً بشدة لشن حرب على إيران، كان سيكون من غير الحكمة أن تقدم القيادة الإيرانية على مثل هذا الاستفزاز.
ومن غير المرجح جداً أن تكون إيران على علاقة مباشرة بهذا الهجوم. أرى أن ذلك خاطئاً، لكن من الواضح أن الوضع الأمني ازداد تصعيدياً بفعل الهجوم. وأعلن الرئيس روحاني أن لقاء الرئيس الأمريكي ترامب على هامش اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك غير وارد.
بالطبع الهجوم يشكل إحراجاً كبيراً بالنسبة للسعودية؛ إذ أنها أهم مشتر للسلاح الأمريكي، فهي تشتري 10 بالمائة من صادرات السلاح الأمريكي. وبعشر طائرات مسيرة فقط سهلة التصنيع أو الشراء- من الحوثيين أو من غيرهم- يتم إصابة قلب صناعة النفط السعودية. هذا الأمر إحراج للسعودية وترسانتها من السلاح التي لم تفلح في صد الهجمات بالطائرات المسيرة.
DW: هل طعن الحوثيون، وبشكل واعٍ، إيران في الظهر؟
ميشائيل لودرز: لا أتصور ذلك. لا نعرف بالضبط ما يدور في رأس الحوثيين. إنهم مقاتلون مؤدلجون جداً على درجة عالية من التصميم، لا يخضعون بأي طريقة لسيطرة طهران. ربما نفذوا هذا الهجوم كما يقولون. وفي هذه الحالة لم يسدوا معروفاً لإيران؛ إذ أن الإيرانيين الآن هم من يقفوا في قفص الاتهام لا الحوثيون. وهذا له تبعات خطيرة على الأمن والسلام في المنطقة.
DW: كيف سيكون رد الرياض حسب اعتقادك؟
ميشائيل لودرز: من المثير للاهتمام جداً أن السعودية لم تحمل إيران مسؤولية الهجوم. السلطات في الرياض متحفظة جداً وعلى الأرجح تتشاور الآن مع الأمريكيين في كيفية الرد. وأستبعد أن يخطر على بال السعوديين الهجوم على إيران، بيد أنه ستكون هناك بالتأكيد إجراءات عقابية من نوع ما.
الأمريكيون يعرفون أيضاً بالطبع أنهم إذا نفذوا هجوماً انتقامياً على طهران ستندلع حرب لا يعرف نتيجتها في المنطقة. كل ذلك سيكون في الميزان.
سيكون هناك رد أمريكي، بحيث لا تخذل واشنطن حليفتها الرياض. غير أن السعوديين يعرفون أيضاً أنه إذا اندلعت الحرب مع الإيرانيين لن تحترق فقط المنشأتين النفطيتين تلك فقط بل على الأرجح معظم المنشآت النفطية السعودية. وهذا ما تخشاه القيادة السعودية.
أجرت المقابلة: شبانام فون هاين