خبير ألماني: لا بد من تعاون أوروبي فعّال ضد الجهاديين
٢٣ مارس ٢٠١٦DW: ما هي الإشارة المنبعثة من الاعتداءات الإرهابية في بروكسل؟
عبد العظيم الدفراوي: هنا يرتبط الأمر طبعا ببلجيكا. ولكنأيضا بتوجيه ضربة لبروكسل كعاصمة لأوروبا وإلينا جميعا كأوروبيين. المثير للاستغراب هو تهاون الشرطة البلجيكية خاصة في مجال التعاون على المستوى الأوروبي. ويبدو أنه وبعد أربعة أيام من إلقاء القبض على صلاح عبد السلام (المتهم الرئيسي في اعتداءات باريس) سرعان ما أثنى الناس على أنفسهم.
هل تمت الاستهانة بمستوى خطر المتطرفين أو الجهاديين وبقدرتهم التنظيمية؟
بالطبع، وذلك من قبل الجميع. في الحقيقة الكل كان مندهشا من العدد الكبير للأشخاص المتورطين. وعقب عملية إلقاء القبض كان من الواجب الانطلاق من فرضية وجود خلايا إضافية أخرى، خاصة بعد مشاركة الفرنسيين وفشل بعض العمليات في الأيام الأخيرة. لا أحد يريد الآن انتقاد البلجيكيين وإزعاجهم. لكن هناك تقاعس ممتد لثلاثة عقود. للتذكير فقط، إن اعتداءات الـ11 من سبتمبر تم التخطيط لها أيضا من حي مولنبيك في بلجيكا. حينها قام فريق تصوير زائف بتفجير زعيم تحالف الشمال الأفغاني.
ما الذي يتوجب فعله الآن؟
يجب بوجه خاص تقوية التعاون الأوروبي وبشكل مكثف. أوروبا مدعوة للتفكير في سبل إقامة تعاون مكثف وفعال، ليس فقط فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، بل بالأخص فيما يرتبط بالوقاية ودحر الراديكالية.
لكن منذ سنوات وشرطة اليوروبول والشرطة الدولية تتعاونان في هذا الموضوع ـ فما هي العثرات؟
على ما يبدو، لا توجد بعد إرادة سياسية كافية للتخلي عن السيادة والقوانين الوطنية. ليس هناك تفسير آخر.
هل نحن غير قادرين بعد على فهم التركيبة التنظيمية للاسلامين وطريقة تفكيرهم؟
بدأنا نفهم بشكل أفضل، لكن لا وجود لنقاش عام حول الموضوع. وبلجيكا نفسها لا تملك سياسة وقائية. المنسق الأوروبي لمركز مكافحة الإرهاب جيل دو كيرشوف أوضح قبل عام أنه يجب استدراك الكثير. وهذا ما يجب الآن فعله. كما يجب على الألمان تقديم الدعم هنا.
ماذا يعني هذا بالنسبة إلى ألمانيا، هل هناك أسباب أكبر للقلق؟
مؤشر الخطر مرتفع منذ مدة نسبيا. كان معروفا أن مثل هذه الأشياء ستحدث في المستقبل. ولكنها ستتقلص إذا ما توحدنا وعملنا معا. لا يحق بأي شكل من الأشكال العودة الآن إلى الدولة الوطنية والسقوط في الهلع.
في أي إطار يرتبط ذلك بتنظيم "داعش" في أي خانة يمكن وضع ذلك؟
لقد أهملنا الفكر الجهادي وذلك منذ 30 عاما. والآن، اهتمامنا منصب على تنظيم "داعش". لكن "داعش" ليس هو الوحيد. هناك مجموعات كثيرة. إنها إيديولوجية متحجرة ومنتشرة ولا نقوم بمحاربتها بصفة مشتركة. وخاصة في جنوب البحر المتوسط لدى جيراننا هناك جذور اجتماعية اقتصادية لهذه الايديولوجية. ونحن الأوروبيين لا نعمل بسياسة مشتركة لمعالجة جذور الجهادية. نحتاج إلى سياسة متضامنة مع بلدان منطقة البحر المتوسط الجنوبية حيث تتسبب الجهادية في ضحايا أكثر. لا نفعل شيئا في هذا الإطار. إنه فشل أوروبي.
إذن تعاون أكبر مع الجيران الأوروبيين وتعاون أمني في أوروبا؟ هل هذا يكفي؟
نحتاج بوجه خاص إلى برنامج مارشال لمنطقة البحر المتوسط الجنوبية حيث تنشأ أرض خصبة للجهادية.
هل ستغير هذه الاعتداءات من وجهة الجدل القائم حول اللاجئين في أوروبا؟
المتطرفون يريدون بالأخص بث جو الاستقطاب. لا يحق لنا السقوط في هذا الفخ. وبما أن الجهاديين يعرفوننا أكثر مما نعرفهم، فهم يحاولون باستمرار زرع التفرقة داخل مجتمعنا. هم يحاولون زرع الخوف. ولا يحق لنا السقوط في هذا الفخ.
*عبد العظيم الدفراوي، أستاذ العلوم السياسية ومتخصص في الجماعات الجهادية