خبير ألماني: الولايات المتحدة دعمت أيضاً مجرمي حرب في سوريا
٩ يوليو ٢٠١٦اتهمت منظمة العفو الدولية أمس الثلاثاء (الخامس من يوليو/تموز) جماعات سورية معارضة، يعتقد أنها تتلقى دعما من الولايات المتحدة والسعودية وقطر وتركيا، بالمسؤولية عن عمليات الخطف والتعذيب وتنفيذ أحكام إعدام بإجراءات موجزة في شمال وشمال غرب سوريا، وفقا لتقرير أصدرته المنظمة بعنوان "لقد كان التعذيب عقاباً لي: حالات الاختطاف والتعذيب والقتل بإجراءات موجزة تحت حكم الجماعات المسلحة في حلب وإدلب بسوريا". للمزيد عن التقرير والإضاءة عليه حاورنا البرفيسور في جامعة ماينس غونتر ماير:
DW: البروفيسور ماير، اتهمت منظمة العفو الدولية مجموعات ثورية سورية بجرائم حرب، منها التعذيب والقتل بمحاكمات ميدانية. إلى أي درجة أنت متفاجئ بهذا الخصوص؟
غونتر ماير: ما يفاجئني هو أن هذه المعلومات تنشر بعد هذا الوقت المتأخر. فحتى هذه اللحظة ركز الرأي العام العالمي على التعذيب وجرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد. وقد تم توثيق جرائم نظام الأسد بواسطة ما أُطلق عليه "صور قيصر". التقط قيصر تلك الصور لحوالي 7000 سجين قتلوا بين الأعوام 2011 و2013. وكان البوليس السري السوري قد اعتقلهم وعذبهم ثم أرسلهم إلى مشفى عسكري، حيث تم الإجهاز عليهم تعذيباً بوحشية حتى الموت. وأيضا يعرف الجميع الممارسات الوحشية لما يُسمى تنظيم "الدولة الإسلامية".
يتضح، على وجه الخصوص، من تقرير منظمة العفو الدولية، أنه ليس الجهاديين المنتمين للقاعدة وأحرار الشام هم وحدهم من ارتكب جرائم حرب. ولكن التقرير أدرج ثلاثة ميليشيات أخرى: نور الدين زنكي، الجبهة الشرقية، والفرقة 16 للجيش السوري الحر. الكثير من مقاتلي هذه الميليشيات دربتهم وسلحتهم الولايات المتحدة الأمريكية. أكدت الولايات المتحدة أنها تدعم فقط القوى المعتدلة ومقاتلين مُختارين بعناية. ما نراه هو أن الولايات المتحدة دعمت مجرمي حرب.
هل تعلم الولايات المتحدة ذلك، وإذا كانت تعلم: لماذا قبلت بذلك؟
بكل تأكيد كان لديها علم بذلك. كما أشارت وسائل الإعلام الغربية مراراً إلى أن المقاتلين السوريين، الذين دربتهم الولايات المتحدة في تركيا، انضموا بأسلحتهم إلى صفوف جبهة النصرة وإلى ما تُسمى "الدولة الإسلامية"، وحدث ذلك على نطاق كبير. وقد قبلت الولايات المتحدة بذلك لهدف واضح أنها بهذه الطريقة تستطيع إضعاف نظام الأسد. وهذا ما حدث بالضبط عندما أدركت القيادة الأمريكية مخاطر ظهور "الدولة الإسلامية" بشكل متأخر منذ عام 2012، ولكنها لم تفعل شيئاً لمنع ظهور "الدولة الإسلامية"، لأن الإطاحة بالأسد كان يصب في مصلحتها آنذاك.
أدرجت في تقرير منظمة العفو الدولية أسماء عدة دول تدعم المجموعات المسلحة على الرغم من ممارساتها الوحشية. وكأمثلة على تلك الدول: السعودية وقطر وتركيا. ما هو الدور الذي تلعبه هذه الدول؟
السعودية هي الداعم الرئيسي لأحرار الشام، وهي مجموعة جهادية لها ممارسات وحشية. وفي المقابل تدعم قطر وتركيا المجموعات الثورية القريبة من الإخوان المسلمين. وهناك الكثير من البراهين على أعمال العنف لهذه الميليشيات.
ما هي الأهداف الدينية والسياسية التي تسعى لها هذه المجموعات؟ وهل هناك تطابق فيما بينها في الاتجاه؟
هدف كل هذه المجموعات هو القتال ضد كل من تعتبره غير مؤمن: كالشيعة والأولياء ومن يقدسون قبور هؤلاء الأولياء. كما تتم ممارسات ضد النساء السافرات وضد النساء اللواتي يعتبرهن الأصوليون قريبات من نظام الأسد العلماني. تطبيق الشريعة هو القاسم المشترك بين المجموعات المختلفة. وتشترك كلها في إقامة دولة في سورية تكون الشريعة هي المنظمة للعيش المشترك فيها.
إلى أي مدى تختلف هذه المجموعات عن ما يُطلق عليها "الدولة الإسلامية"؟
تتجاوز وحشية تنظيم "الدولة الإسلامية" القواعد الدينية ولا يعلى عليها: كمثال على ذلك العقوبات الجسدية كالجلد أو عدد عمليات الإعدام. أما الميليشيات الإرهابية فهي مجموعة خاصة، لأنها ليست مستعدة لأي مساومة مهما كانت صغيرة.
برأيك، هل تم تقديم المجموعات المعارضة السورية للرأي العام بصورة خاطئة أو على غير حقيقتها؟
في الكثير من وسائل الإعلام العربية وخاصة في لبنان يتم نشر تقارير وأخبار عن أن ميليشيات المعارضة أيضا تقاتل بعضها البعض. مثل هذه التقارير ليست في الغالب مجرد تكهنات، بحيث تقوم وسائل إعلام غربية بتلقفها. هناك عدد كبير من الهجمات تنفذها مجموعات معادية لنظام الأسد وترفع راية ليست رايتها، ثم تقوم بنسب هذه العمليات لنظام الأسد. وكمثال على ذلك هي عملية الهجوم الكيماوي في الغوطة الشرقية، شرق دمشق، في صيف 2013: هناك الآن أدلة واضحة على أن الغاز السام تم تصنيعه في تركيا وهربته المخابرات التركية إلى دمشق ومن ثم استخدمته قوات المعارضة.
من هم الشركاء الذين يمكن الاعتماد عليهم في سوريا؟ مع من يمكن أو يجب التفاوض؟ ومع مَن مِن الأفضل أن لا يتم التفاوض؟
إذا نظرنا الآن إلى القوى الفاعلة على الأرض، نجد أن الأسد وروسيا هما أقوى الموجودين. طالما بقي النظام، يبقى الجيش السوري الحالي هو أهم شريك مستقبلي في عملية السلام. والفائدة الكبرى هي أنه يكون لدينا بذلك نظام قادر على ضبط الأمور في سوريا. يمكن البناء على ذلك وربما إعادة الاستقرار للبلد من جديد. ما تغاضت عنه الولايات المتحدة بسعيها لإسقاط الأسد، هو تماماً ما قاله الجيش السوري في عام 2013: إسقاط النظام يعني أن المجموعات الجهادية ستستولي على السلطة. وهذا كان سيزيد الوضع سوءاً، وكانت الدولة ستكون فاشلة بالكامل.
البرفيسور غونتر ماير: مدير "مركز بحث العالم العربي" في جامعة ماينس في ألمانيا.