221211 Interview Steinberg Irak Regierungskrise
٢٣ ديسمبر ٢٠١١قال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لدبلوماسيين أمريكيين إنه عندما أطاحت الولايات المتحدة بنظام صدام حسين، فإنها قدمت بذلك العراق لإيران على "طبق من ذهب". وتعزز هذا التقييم، الذي ورد في برقية دبلوماسية تعود لعام 2005 سربها موقع ويكيليكس، مع ظهور خلافات طائفية أعقبت انسحاب ما تبقى من قوات أمريكية من العراق هذا الأسبوع، بعد نحو تسع سنوات من الوجود الأمريكي.
وكان لقرار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالسعي لاعتقال طارق الهاشمي، النائب السني لرئيس العراق، لاتهامات بالإرهاب أثره في دفع الائتلاف الحاكم الهش في العراق إلى حافة الانهيار، وأثار ذلك شبح تجدد حرب أهلية مما سيكون له تداعيات مقلقة على كل دول الجوار. وكما توقع المراقبون السياسيون فقد أتى الرد على الاتهامات الموجهة للهاشمي بخمس عشرة سيارة مفخخة، هزت مناطق مختلفة من بغداد، وأوقعت مئات القتلى والجرحى الخميس (22 كانون الأول/ ديسمبر 2011).
الباحث في العلوم السياسية بالمعهد الألماني للسياسة الدولية والأمنية في برلين غيدو شتاينبيرغ يحاول أن يحلل الموقف المعقد، وذلك في مقابلة أجرتها معه إذاعة "دويتشلاند فونك" الألمانية، وإليكم نصها الكامل:
برأيكم هل يعد من الإجحاف اتهام رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بأنه يستخدم العنف لفرض إرادته داخل الحكومة؟
غيدو شتاينبيرغ: كلا، لا يعد هذا الوصف قاسياً، فالأشهر الأخيرة أظهرت بوضوح كيف أن المالكي يحاول جاهداً أن يخرج الفائزين الحقيقيين في انتخابات 2010، القائمة العراقية بقيادة رئيس الحكومة السابق اياد علاوي، من المنافسة السياسية. لقد حاول إبعاد بعض القيادات السياسية من طريقه، وآخرهم طارق الهاشمي. ملامح هذه السياسة بدت بالظهور منذ وقت طويل. وعلى سبيل المثال الاعتقالات التي طالت بعض البعثيين المزعومين بتهم التخطيط لانقلاب.
كل هذه كانت محاولات حثيثة ولكنها مستترة من أجل إضعاف القائمة العراقية، التي فازت في مارس/ آذار 2010 بواحد وتسعين مقعداً في الانتخابات البرلمانية، بينما حصلت قائمة دولة القانون بزعامة المالكي على تسعة وثمانين مقعداً، ولذلك يعتبرها المالكي المنافس الداخلي الأهم.
تحدثتم للتو عن نائب الرئيس طارق الهاشمي، الذي يجري البحث عنه حالياً بموجب مذكرة اعتقال. ويتهم الهاشمي بمساندته لفرق الموت. كيف يمكن لنا من الخارج أن نحكم على هذه الاتهامات بأنها ملفقة، وهو الذي هرب إلى كردستان؟
أجل، لقد فر إلى كردستان، ولقد صرح الأكراد بأنهم لن يسلموه لبغداد. إن كان هو مذنباً حقاً فسنرى ذلك لاحقاً. لكن، من حيث المبدأ، لا يمكن في العراق التمييز بسهولة بين الصخب والحقيقة. لقد كان هناك سياسيون سنة لديهم صلات قوية بالمتمردين، وأحاطوا أنفسهم فعلياً بالمسلحين الذين ارتكبوا الجرائم.
لكن الأمر مستبعد في حالة الهاشمي، لأنه برهن طوال عمله في السياسة العراقية منذ 2003 بأنه سياسي معتدل، ويبحث عن التقارب مع المنافسين الشيعة والأكراد، أكثر من زملائه الآخرين الواقعين بدورهم تحت الضغط أيضاً. ولذلك فالاحتمال كبير بأن تكون الاتهامات الموجهة له مختلقة، ولكن، على العموم، لابد من الحذر جيداً. فالعنف الوحشي أمسى منذ وقت طويل إحدى أدوات السياسة في العراق. ولذلك لا يمكن استبعاد بأن يكون هناك شيء صحيح في التهم.
كيف يمكن تقييم النظرة السعودية الحالية التي ترى بأن المالكي يتعاون مع إيران ويدعم محور الشر؟ أم أن هذا الأمر مجرد سجال سياسي بين السعودية والعراق؟
دائماً ما يكون الموقف السعودي بهذا الخصوص مبالغاً فيه. نعم، المالكي يهتدي دائماً بتوجيهات إيران، وهذا أمر واضح في السياسة الخارجية خلال الأشهر الأخيرة، فقد دعم مثلاً نظام بشار الأسد في دمشق، وذلك بالاشتراك مع إيران. لكن يجب عدم نسيان أن المالكي بحاجة إلى الدعم الأمريكي. إنه يرغب في التواصل مع هاتين العاصمتين، طهران وواشنطن. وبذلك فتصويره على أنه عميل طهران أمر غير صحيح بالكامل. ولكن بلا شك يعد صحيحاً بأن السعودية ترى في المالكي ممثلاً لطهران. والخطر الأكبر يتمثل الآن، بعد انسحاب الأمريكيين، بأن تلجأ السعودية إلى دعم جماعات سنية، وربما جماعات تمارس العنف، وإذا ما حدث هذا فسنشهد بالتأكيد مرحلة من تفجر العنف السياسي في العراق مجدداً.
الآن تحدثنا على الهامش حول الأمريكيين. ما هو تأثيرهم أو بالأحرى ما هي إمكانات التأثير المتاحة لهم، لأنهم عسكرياً لم يعودوا موجودين؟ فلقد احتفلنا جميعاً بالانسحاب.
نعم. ربما كان من الأفضل لنا لو تجنبنا الاحتفال، لأن الأمريكان كانوا عامل استقرار، وهذا الأمر بدأنا الآن، بعد الانسحاب مباشرة نلاحظه بشكل واضح للغاية. لا يزال لديهم تأثير على المالكي. والمالكي لا يرغب في أن يكون تابعاً بشكل كلي لطهران ولذلك فهو يحتاج الأمريكان لكي يبني قواته الأمنية ولكي يحصل على الدعم الكافي لجيشه الجديد، حتى يكون العراق على المدى الطويل في وضع يمكنه من الدفاع عن نفسه في مواجهة دول الجوار.
ولذلك أعتقد شخصياً بأننا سنشهد مرحلة من المناورة الحذرة والخداع. وبالتأكيد فإن المالكي يرغب في الوقت الراهن بتوطيد دعائم سلطته الداخلية، ولذلك نرى هذه الخروقات الواضحة للقانون، وهذه المحاولات بكل ما توفر من وسائل لإزاحة الخصوم السياسيين من الطريق.
أجرى المقابلة: يورغن تسورهايده/ فلاح الياس
مراجعة: عماد غانم
غيدو شتاينبيرغ: باحث في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمنية في برلين