"الضربة الأمريكية في سوريا أخلاقية لكنها غير قانونية"
١١ أبريل ٢٠١٧DW: ما هي الشروط التي تدفع إلى تنفيذ هجوم عسكري حسب القانون؟
البروفيسور شتيفان تالمون: هجوم جوي مثل أي هجوم على دولة أخرى يشترط وجود تفويض من مجلس الأمن الدولي. وطبقا لميثاق الأمم المتحدة وجب على جميع القوى الكبرى الأعضاء الدائمة العضوية الموافقة على هذا الإجراء العسكري، أو في حالة استثنائية ـ في حال عدم وجود هذا التفويض ـ يُشترط أن يكون هناك حالة للدفاع الذاتي.
متى يسقط الحصول على إذن من مجلس الأمن الدولي؟ هل توجد استثناءات؟
في القانون الدولي يتم الحديث عن حالة "التدخل الإنساني"، وهذا يشمل حالة أن تستخدم دولة ما العنف أو أساليب غير إنسانية أخرى ضد الشعب. في هذه الحالة تم التفكير في إمكانية تدخل دول أخرى لحماية السكان من دولتهم أو حكومتهم. وهذا كان من بين الأسباب المعللة التي تم تقديمها للضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي ضد صربيا عندما تعلق الأمر في 1999 بنزاع كوسوفو. في تلك اللحظة اعتمدت بعض الدول على مبدأ التدخل الإنساني. هذا التعليل رُفض لاحقا من قبل الغالبية الساحقة للدول بحيث يمكن لنا اليوم القول بأن التدخل الإنساني الأحادي الجانب ـ بدون تفويض من مجلس الأمن الدولي ـ لا يلقى التغطية القانونية.
التدخل حينها في كوسوفو كان غير قانوني، لكن بعض الدول حاولت تغيير ذلك من الناحية القانونية عندما سلكت أسلوبا آخر وانتظرت لترقب رد فعل الدول الأخرى. وعلى هذا النحو تنشأ قواعد العرف الدولي. دولة تتنصل من قواعد القانون القائمة من خلال سلوكها، وتوحي بأنها ترغب في تبني قواعد قانونية جديدة. وهنا يتعلق الأمر برد فعل الدول الأخرى.
هل هذا النوع من التحرك يمكن أن يشفع لسلوك الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا؟
حاليا هذا لا يلقى التغطية القانونية الضرورية، لأنه لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية ترغب في تعديل قانوني، فوجب عليها طلب ذلك، وعرض هذا الموقف القانوني أيضا على الدول الأخرى للنقاش. وهذا لم يحصل إلى حد الآن من الجانب الأمريكي.
هل تلاحظ بأن الهجوم الجوي على سوريا يثير نقاشات حول تغيير القانون الدولي؟
النقاشات في علم القانون الدولي موجودة دوما، لكن غالبية زملائي الذين عبروا إلى حد الآن عن رأيهم يقيمون هجوم الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا على أنه مناف للقانون الدولي.
هل يمكن "إصلاح" هذا الأمر من خلال أي تحرك آخر للولايات المتحدة الأمريكية؟
لا لأن القانون الدولي لا يضمن هذا الإصلاح اللاحق، كما أنه في هذه الحالة من غير الوارد أن يقوم مجلس الأمن الدولي مثلا في خطوة لاحقة بإصدار إذن لهذا العمل.
هل يعرف القانون الدولي إمكانيات تحرك "لأسباب أخلاقية"؟
القانون الدولي في هذا الصدد حيادي جدا. هناك قواعد إيجابية اتُبعت عقب الحرب العالمية الثانية تفي بقانونية استخدام العنف أم لا. هذه القواعد تشكل طوقا ضيقا نسبيا. واستخدام العنف وُضع مبدئيا بين يدي الأمم المتحدة. والهدف هو تفادي أن تنفرد دول قوية بالقانون. وكان المراد هو أن تقف قوى الفيتو الخمس في هذا العالم كأعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي بالإجماع خلف استخدام القوة وتتحمل مسؤوليته.
إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية لم تتحرك في إطار القانون، فما هي الجهة التي يمكن أن تهدد الولايات المتحدة بفرض عقوبات؟
حالة سوريا يمكن أن تنقل استخدام القوة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية نظريا إلى مجلس الأمن. ولكن بما أن الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من الأعضاء الخمسة دائمي العضوية في مجلس الأمن، فإن هذا الأخير لن يصل إلى قرار بشأن استخدام القوة، ولن يجلب ذلك بالأخص إدانة للولايات المتحدة الأمريكية.
أين تكمن الأهمية في موقف الحكومة الألمانية للهجوم بأنه يمكن "تفهمه"؟
من الناحية الأخلاقية يمكن تفهم الهجوم. هناك ظلم يحصل ونريد التحرك ضد ذلك. لكن القانون يقدم قواعد واضحة، ومن أجل تنفيذ هجمات يجب الحصول أولا على أدلة واضحة. وفي حال سوريا يقتضي القانون بأن نقوم بتحقيق دولي. فالولايات المتحدة وكذلك سوريا طرفان في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لعام 1993. وتملي الاتفاقية ما يجب القيام به في حال استخدام أسلحة كيميائية. يجب إطلاق تحقيق دولي. والنتائج يجب عرضها على مؤتمر الدول الموقعة على الاتفاقية. وهذا المؤتمر يمكن له اقتراح إجراءات ـ لكن فقط إجراءات بدون عنف. وإذا كان يقر بأن إجراءات استخدام القوة ضرورية، فوجب عليه التقيد بمجلس الأمن الدولي. هذه هي القواعد.
وزيرة الدفاع الألمانية فون دير لاين أوضحت أنه يوجد قرار من مجلس الأمن يسمح للدول باتخاذ إجراءات قوة ضد سوريا في حال استخدام الأسلحة الكيميائية. كيف تقيم هذا الموقف؟
هذا خطأ. هناك قرار رقم 2118 من عام 2013، وفيه قرر مجلس الأمن: إذا تم استخدام أسلحة كيميائية في سوريا ـ من أي جهة كانت ـ بإمكانه فرض إجراءات طبقا لأحد الفصول في ميثاق الأمم المتحدة. ومن أجل ذلك وجب أولا أن يتحرك مجلس الأمن. وفي القرار 2118 لم تُفرض إجراءات ـ لاسيما العسكرية منها. وعليه لا يمكن الاعتماد على هذا القرار كأساس للتحرك الأحادي الجانب من طرف الولايات المتحدة الأمريكية.
أنتم تتذكرون ربما حرب العراق في 2003. هناك أيضا حاولت بعض الدول تعليل استخدام القوة ضد العراق من خلال قرارات سابقة لمجلس الأمن من 1990 و1991. هناك تمت محاولة تفسير هذه القرارات على أنها تمنح تفويضا دائما لاستخدام القوة. فيما رفضت غالبية خبراء القانون الدولي هذا التعليل. فالقواعد التي وُضعت بعد 1945 لها مشروعيتها. فإجراءات استخدام القوة الأحادية الجانب تحمل دوما في طياتها خطر تصعيد العنف. ولربما أدت إلى حرب عالمية. ولذلك نجد آليات أمنية في ميثاق الأمم المتحدة.
* البروفيسور شتيفان تالمون أستاذ القانون العام والقانون الدولي والأوروبي بجامعة بون. وكان يعمل بجامعة أوكسفورد، وهو يعمل كمستشار قانوني لحكومات وشركات دولية.
أجرى المقابلة فولفغانغ ديك