خبيرة: المافيا في ألمانيا أكثر دهاءً من "العصابات العربية"
٧ ديسمبر ٢٠١٨DW : السيدة ريسكي ما هو حجم مشكلة المافيا في ألمانيا؟
المشكلة كبيرة، وهي قائمة منذ أربعين عاما. وما يدهشني حقاً هو أن الناس في ألمانيا دخلوا في سبات عميق يستيقظون منه من حين لآخر عندما نوجه ما يُسمى ضربة قوية ضد المافيا، ولكن هذا لايغير شيئا في الثغرات القانونية التي تستغلها المافيا.
لماذا تختار المافيا بالتحديد ألمانيا؟
المافيا تفضل الذهاب إلى الأماكن التي يسير فيها الاقتصاد بنجاح، وألمانيا هي البلد الوحيد في أوروبا الذي يزدهر فيه الاقتصاد، وبالتالي فإن ألمانيا جد جذابة بالنسبة إلى المافيا. مشاريع البناء الكبرى في القطاع العام لم تعد موجودة تقريبا في إيطاليا. لكنها موجودة في ألمانيا.
كيف تتم هذه الصفقات المشبوهة؟
لنأخذ مافيا البناء، فهناك شركات صناديق بريد وهناك عمال غير قانونيين ويتم استخدام مواد ذات جودة رخيصة. والمافيا لا تُسمى أمام المحكمة في ألمانيا بأنها مافيا، بل كشركة تعمل بوسائل غير قانونية.
هذا يعني أنك تعتقدين أن المافيا مندسة في كثير من المجالات في ألمانيا دون معرفة ذلك؟
بكل وضوح. هذا ليس افتراضي الشخصي، بل هذا تؤكده وثائق التحقيقات.
الشرطة تحركت الآن في مختلف البلدان، كيف هي اتصالات المافيا هنا؟
مافيا ندرانغيتا لها تفوق تنظيمي كبير بأنها قادرة على تكوين عصابات في عين المكان. وهي منتشرة على مستوى العالم، إذ لا يوجد بلد في العالم لا تعمل فيه ندرانغيتا.
وهذا يتم عبر عصابات عائلية؟
نعم ولا. الأمر ليس على هذا النحو بأنه يتم فقط ضم أعضاء من العائلة، لكن ندرانغيتا تعتمد بشكل واسع على قرابة الدم. وهذا يمنحها التفوق الكبير الذي يجعل القرابة بالدم لا تتعرض بسهولة للخداع.
ما الذي يجب فعله للقضاء على المافيا؟
يجب سن قوانين معقولة ولا يحق سد الأعين، وهذا ما تم بالتحديد فعله في ألمانيا طوال 40 عاما. لم أسمع سياسيا ألمانيا واحدا تفوه بكلمة المافيا، بل يستخدم في آن واحد كلمة "منطقة تقهقر". وهذا يفيد بالنسبة إلى الألمان أن زعماء المافيا يستريحون في ألمانيا من جرائمهم ولا يقومون بأي شيء. وهذا لم يكن صحيحا أبدا. أتمنى أن يحصل التزام سياسي ضد المافيا، لكنني لم أر هذا أبدا في ألمانيا في أي حزب.
أي قوانين تعنين التي وجب تعديلها؟
أتحدث عن قوانين ضد غسيل الأموال. فالمشكلة الكبرى أمام المحققين الألمان هي نقص الأدلة وهذا رغم تعديل أخير للقوانين بهذا الخصوص. بخلاف ما يحصل في إيطاليا حيث يجب على المستثمر أن يبرهن على أن أمواله تأتي من مصادر نظيفة، يجب على الشرطي في ألمانيا أن يبرهن أن المال يأتي من مصادر غير نظيفة، يعني أن الشرطي يجب أن يحصل من النائب العام على ترخيص ليقوم بتحقيقات. فالشكوك وحدها لا تكفي. وهذا بالطبع يشكل دعوة. وهذا ما يقوله كل نائب عام إيطالي يلاحق المافيا.
الشرطة الألمانية تتحرك في الأثناء بشكل أقوى ضد العصابات العربية. هل توجد ارتباطات مع المافيا الإيطالية؟
فيما يخص العصابات العربية يظهر الاختلاف في أنها جد عنيفة وأيضا حاضرة أمام الأعين وهذا يقلق بالطبع المواطن الألماني المتوسط. ثم هناك السياسي الذي له اهتمام للتحرك ضد هذه العصابات للظهور كشخص يفرض نفسه ضدها. في المقابل نجد المافيا الإيطالية التي لها تجربة طويلة أكثر وليست غبية بتنفيذ جرائم عنف من خلال تفجير سيارات، بل هي شاطرة أكثر وتتفاهم بالتالي بشكل أفضل مع السياسة.
أنت تعيشين سنوات طويلة في إيطاليا. هل تحسن الوضع هناك مع المافيا؟
في إيطاليا على الأقل تحسن الوعي . وهذا هو الفارق الكبير مع ألمانيا. وهذا له علاقة بنقص المعلومات حول المافيا في ألمانيا. كل صحفي يكتب عن المافيا في ألمانيا وذكر أسماء، تمت محاكمته في كل مرة وخسر كل مرة المحاكمة. وأنا أنتمي إلى هذه الشريحة. ثم تفقد أقسام التحرير الرغبة في تغطية هذه القضايا والمواطن لا يعرف بالتالي شيئا عن المافيا في بلده. وهذا يختلف في إيطاليا. فالشخص الذي يريد في إيطاليا الحصول على معلومات عن المافيا، فإنه يحصل عليها بالفعل.
+ الصحفية الألمانية والكاتبة بيترا ريسكي ألفت عدة كتب وروايات عن المافيا، وهي تعيش في إيطاليا.
أجرى المقابلة كريستوف هاسلباخ