خبراء يجيبون.. هكذا يمكنك تقصي الأخبار الزائفة!
٤ يناير ٢٠٢٢في أبريل/ نيسان، انتشرت على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي بشكل كبير مقولة نُسبت إلى وزيرة الخارجية الألمانية الجديدة وزعيمة حزب الخضر أنالينا بيربوك التي كانت تطمح آنذاك في خلافة المستشارة أنغيلا ميركل. يومها قيل إنّ بيربوك دعت مواطني بلادها إلى إنهاء تربية الحيوانات الأليفة في البيوت لأنها تستهلك الكثير من ثاني أكسيد الكربون.
أما في البرازيل وتحديدا في عام 2018 وإبان الانتخابات الرئاسية، أُرسلت ملايين الرسائل عبر تطبيق "واتس آب" تدعم المرشح الشعبوي اليميني المتطرف في ذاك الوقت جايير بولسونارو.
ومن بين تلك الرسائل تحذيرات من أنّ حزب العمال اليساري الذي كان ينتمي إليه منافسه، يخطط لعودة "الدكتاتورية الشيوعية". ليس هذا فحسب، بل كانت هناك رسائل تزعم بأن الحزب يريد تقنين التحرش أو الاعتداء الجنسي على الأطفال.
أما خلال وباء كورونا، فقد انتشرت مقاطع مصورة وتعليقات ومنشورات كالنار في الهشيم لبعض المتخصصين كانت متناقضة بشكل كبير مع النتائج العلمية الموثوق فيها عن الجائحة.
وكل هذه المعلومات التي تم تداولها، سواء عن بيربوك أو عن الحزب العمال اليساري في البرازيل أو تلك المتعلقة بالجائحة لم تكن سوى أخبار زائفة أو مضللة يتم نشرها بشكل مقصود إما لأهداف سياسية أو بهدف الانتشار والشهرة على مواقع التواصل والحصول على أكبر عدد ممكن من النقرات.
وفي ظل هذا الكم الكبير من الأخبار الزائفة التي ربما تنتشر بسرعة كبيرة مقارنة بالأخبار الحقيقية، أصبحت هذه القضية تشكل معضلة كبيرة في العالم الافتراضي إذ يجد المستخدم صعوبة في تقصي صحة الأخبار.
في التقرير التالي، يقدم فريق تقصي الحقائق في DW بعض النصائح التي قد تساعد في تقصي صحة الأخبار:
توخي اليقظة والريبة!
ذكر أحدث تقرير سنوي لمعهد رويترز لدراسة الصحافة عن الأخبار في المنصات الرقمية الذي يعده مجموعة من الباحثين في جامعة أكسفورد، أن أكثر من نصف المشاركين قالوا إنهم رأوا مؤخرا معلومات خاطئة أو مضللة حول فيروس كورونا.
ووفقا للتقرير، فإن أكثر من ربع المشاركين أفادوا بانتشار معلومات خاطئة في هذا السياق عن المشاهير.
لذا، يتعين على أي شخص يستخدم أو يتصفح الإنترنت أن يتحلي باليقظة وبقدر ما من عدم الوثوق في كل ما يُنشر. كما أنّ عليه ألا يأخذ كل منشور على محمل الجد وألا يهتم بظاهر الأمور، خاصة إذا كانت هذه المنشورات مثيرة للجدل أو دراماتيكية أو حتى عاطفية؛ فليس كل ما يلمع ذهبا.
وإذا تم تطبيق هذا الأمر على ما نُسب إلى بيربوك – التي أصبحت الآن أول وزيرة خارجية في تاريخ ألمانيا – فرغم أنها لم تطالب بحظر الحيوانات الأليفة، إلا أن الكثيرين ربما أعجبهم أو صدقوا هذا الزعم.
بيد أنه كان من الممكن تجنب الوقوع في فخ مثل هذه الأخبار الكاذبة إذا طرح مستخدمو التواصل الاجتماعي على أنفسهم بعض من هذه الأسئلة، مثلا:
ـ هل هذا الأمر يحفزني بسبب أني امتلك حيوانا أليفا؟
ـ هل يمكن تتبع أصل هذه المقولة لمعرفة أصلها؟
ـ هل يمكن أن يكون مقبولا ومعقولا أن تصدر بيربوك تصريحا مثل هذا؟
ـ هل نشر مثل هذه المقولة سيصب في صالح شخص ما أو ربما يرمي الأمر إلى تشويه سمعة بيربروك وحزبها؟
ـ وهل هناك بعض الأمور الأخرى التي تثير الشكوك حول هذه المقولة مثل وجود أخطاء كتابية أو إملائية؟
من وراء ذلك ومن المستفيد؟
تصل الأخبار الزائفة إلى مستخدمي الإنترنت عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أو تويتر أو انستغرام، لذا فبادئ ذي بدء يتعين فحص الحساب الذي تم استخدامه لنشر مثل هذه الأخبار إذ يمكن عن طريق ذلك معرفة الكثير عن اهتمامات مالك هذا الحساب وقناعاته.
قد تكون الحسابات التي تنشر الأخبار الزائفة حسابات "بوت" أو حسابات "متصيد".
وقد أوضحت "شبكة الصحفيين الدوليين" الفارق بين حساب "بوت" وحساب "متصيد" إذ ذكرت أن المتصيد مستخدم حقيقي يروج لاخبار تحريضية أو كاذبة عن قصد في حين أن حساب "البوت" هو حساب أوتوماتيكي على وسائل التواصل الإجتماعي تديره خوارزمية وليس شخصا حقيقيا.
كذلك فإن التطبيقات الخاصة بالتواصل الفوري هي طريقة أخرى لنشر المعلومات الزائفة أو المشبوهة؛ فعلى سبيل المثال الأخبار الزائفة التي استهدفت حزب العمال اليساري في البرازيل نُشرت عبر رسائل تطبيق "واتس آب" خلال الحملة الانتخابية لعام 2018.
فقد ذكرت صحيفة " فولها دي إس باولو" البرازيلية أن بعض الشركات المحلية أمرت مزودي خدمة الإنترنت بإرسال رسائل جماعية لصالح المرشح الشعبوي بولسونارو. وتبين فيما بعد أن أرقام هواتف الأشخاص الذين وصلت إليهم هذه الرسائل كان مصدرها حملة بولسونارو الانتخابية أو أطراف أخرى داعمة له.
فإذا تلقيت رسالة عبر تطبيقات التواصل الفوري يمكنك أن تسأل الشخص الذي أرسلها لك عن مصدر المعلومة.
كذلك، هناك قضية يجب أخذها في عين الاعتبار فيما يتعلق بالأخبار الكاذبة وهي أن معظم هذه الرسائل يمكن تصنيفها بأنها "رسائل معاد توجيهها".
وبناء على ذلك، أدخل تطبيق "واتس آب" بعض التعديلات في هذا الصدد إذ يشير سهم صغير فوق الرسالة إلى أنه تمت إعادة توجيهها إليك (كما هو موضح في صورة الثانية) أما في حالة ظهور سهمين فوق بعضهما البعض فهذا يشير إلى أن الرسالة التي وصلت إلى هاتفك قد أعيد توجيهها من خمس محادثات أو أكثر إذ يظهر التصنيف "تمت إعادة توجيهها مرات عديدة".
أما في حالة إعادة مشاركة الرسائل عدة مرات، ففي هذه الحالة يمكن وضع قيود على إعادة توجيهها؛ ففي بعض البلدان يتم وضع عدسة مكبرة على هذا النوع من الرسائل للمساعدة في أجل البحث عنها على الإنترنت.
وفي حالة ما إذا كانت الرسالة تحتوي على "رابط" فيمكن التحقق من مصداقية الأمر عن طريق تفحص هذا الرابط والموقع. بيد أن ذلك لا يعني أن احتواء الرسالة على روابط يدل على أنها صحيحة إذ أن هناك مواقع قد تلجأ لمثل هذه الطرق المريبة لزيادة انتشارها على موقع الإنترنت والحصول على أكبر عدد ممكن من النقرات.
ويمكن أن يؤدي هذا الرابط إلى موقع خاضع لسيطرة الدولة أو مدونة أو حتى موقع يقدم محتوى ساخر كذلك يجب تفحص إذ ما كان هناك أخطاء نصية في الموقع أو وجود كم كبير من الإعلانات.
وفيما يتعلق بالمواقع التي تقدم محتوى ساخرا، موقع World News Daily Report وهو موقع ساخر شعاره "الحقيقة لا تهم".
ورغم أن الموقع يبدو مهنيا ومتطورا، إلا أن التركيز فى المحتوى المقدم ينصب بشكل أساسي على حوادث غريبة وغير مألوفة مثلا محتوى يزعم أن سفينة اختفت في مثلث برمودا تظهر بعد سنوات في الصحراء وأيضا السماح لأخ وأخت من ولاية نيوجيرسي الأمريكية بالزواج بعد معركة قانونية استمرت 10 سنوات.
كما يجب التحذير من أن بعض الروابط يكون هدفها الحصول على معلومات شخصية بهدف الاحتيال أو ما يُطلق عليها "مواقع التصيد والاحتيال الإلكتروني".
هل المزاعم حقيقية؟
يتعين التأكد من مصداقية المعلومات أو الأخبار الواردة في المنشورات أو الرسائل المعاد توجيهها، هل هي حقيقية أو مجرد ادعاءات؟
ويمكن التحقق من الأمر عن طريق البحث في محركات البحث عن هذا المحتوى أو فحوى الرسالة أو المنشور إذ أن تصريحات السياسيين الهامة دائما ما تجد لها صدى كبيرا على المواقع الإخبارية الجديرة بالثقة وتتناقلها وسائل الإعلام.
كذلك المواقع والصفحات الخاصة بالمؤسسات الحكومية أو الدولية توفر مجالا جيدا لتقصي الحقائق.
فيما يتعلق بالأخبار المرتبطة بوباء كورونا، فإن الصفحات الرسمية والمواقع الإلكترونية الخاصة بمنظمة الصحة العالمية ومعهد روبرت كوخ الألماني من أفضل المصادر وأكثر مصداقية من المنشورات أو المقاطع المصورة التي ينشرها بعض المتخصصين إذ يمكن أن يعبروا عن آراء فردية أو ربما ينكرون وجود فيروس كورونا من الأساس.
وإذا كانت الرسالة تضم نتائج دراسة بعينها أو برنامج حزب أو مقتطفا من كلمة أو خطابا يمكن البحث عن أصل هذا الأمر إذ أنه في كثير من الأحيان يمكن تحريف بعض التصريحات أو حتى إخراجها عن سياقها.
كذلك، هناك العديد من المواقع الإلكترونية المتخصصة في تقصي صحة الأخبار مثل موقع FactCheck.org وSnopes وFull Fact وأيضا موقع تقصي الحقائق الخاص بمؤسسة دويتشه فيله.
لا ترسل كل شيء
لا تقتصر جهود مواجهة الأخبار الكاذبة على الصحافيين أو المؤسسات الإعلامية والصحفية بل يمكن لمستخدم الإنترنت العادي المساهمة في الأمر عن طريق شي بسيط ألا وهو التوقف عن إعادة إرسال أي رسالة دون التحقق في مصداقيتها.
ففي كثير من الأحيان، لا ينم أو ينطوي إعادة إرسال الأخبار الكاذبة على نية خبيثة أو حتى قناعة بها بل ربما يكون السبب قلة أو لفت الانتباه.
وفي حالة وجود شك في مصداقية الرسالة أو مصدرها، يتعين عدم إعادة إرسالها إلى الأصدقاء أو الزملاء يل يتعين التحدث مع المرسل أو الإبلاغ عن الرسائل المشبوهة أو التي تحتوى على أخبار كاذبة إلى مواقع التواصل الاجتماعي خاصة أنها تضم خصائص للمساعدة في كبح تداول الأخبار الزائفة أو حتى إبلاغ المواقع التي تعني بتقصي الحقائق.
إينيس إيزيل / م ع