حوار الثقافات الأوروبي الإسلامي - دور التعليم في نشر قيم التسامح والانفتاح
٣٠ سبتمبر ٢٠٠٩تستضيف كل من مدينتي بون وبرلين الألمانيتين على مدى أسبوعين (من 26 أيلول/سبتمبر إلى 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2009) كوادر في مجال التربية والتعليم ومكلّفين بشؤون الحوار من عدد من البلدان الإسلامية والعربية كإندونيسيا وباكستان والعراق واليمن والمملكة العربية السعودية والجزائر. يأتي ذلك في إطار البرنامج السنوي "حوار الثقافات الأوروبي الإسلامي"، الذي كان أطلقه المكتب الألماني للتبادل التربوي بالتعاون مع وزارة الخارجية الألمانية لأول مرة عام 2002.
ولتسليط مزيد من الضوء على هذا البرنامج وأهدافه أجرت دويتشه فيله، التي استقبلت في استوديوهاتها وفد المشاركين، لقاء مع المشاركين العرب. ويتضمن البرنامج، الذي تم إحداثه عقب أحداث 11 من سبتمبر/أيلول 2001، عددا من الندوات التي تدور حول النظام التعليمي الألماني وتناقش كيفية تدريس مادة الدين الإسلامي في المدارس الألمانية وكذلك تدريس قضايا حقوق الإنسان ودور رجال التعليم في نشر ثقافة الحوار والانفتاح على الثقافات الأخرى، بالإضافة إلى عدد من الرحلات المنظمة إلى عدد من المتاحف والمؤسسات والمدن الألمانية.
مد جسور التفاهم مع العالم الإسلامي
انبثقت فكرة إطلاق برنامج "حوار الثقافات الأوروبي الإسلامي " انطلاقا من الرغبة في التعرف على الآخر، وفتح باب الحوار مع العالم الإسلامي عقب الأحداث الدامية التي هزّت نيويورك قبل ثمانية أعوام، بحسب مدير ومنظم البرنامج يورغ كريتشمه. ويؤكد بالقول أن الهدف من وراء هذا البرنامج هو "نقل تجاربنا وخبراتنا ولكن أيضا التعلم من المشاركين والاستفادة أيضا من تجاربهم وخبراتهم"، مشددا إلى أن المنظمين يسعون إلى الدخول في حوار مع الآخرين والإفادة والاستفادة منهم في نفس الوقت.
ويضيف كريتشمه أن المشاركين ينقلون الكثير عن ثقافتهم ودينهم من خلال زيارة المدارس الألمانية والتحاور مع التلاميذ الألمان. أما عن الجانب العربي، فأعربت خديجة عدة، وهي مكلفة بملف حوار الأديان والثقافات في الوزارة الجزائرية للشؤون الدينية والأوقاف، عن ارتياحها للمشاركة في البرنامج وعن أبعاده وقالت "لاحظت أن هناك من الجانب الألماني نيّة وإرادة لمدّ أواصر التعارف والحوار بين الثقافات بين الأديان"، مؤكّدة على أن لتلك النية رسالة إلى العالم الإسلامي مفادها الرغبة الألمانية في التقارب معه وفتح باب الحوار معه.
"منبر للتعريف بالثقافة العربية وكسر الأفكار المسبقة"
من جهته، يرى علي كامل، وهو مدرّس في جامعة بغداد، أن برنامج حوار الثقافات الأوروبي الإسلامي يعدّ بمثابة الفرصة والمنبر للتعريف بالعالمين العربي والإسلامي و"التّأكيد على انفتاحه على الثقافات والديانات الأخرى، خلافا لما يُصوّر عنه". وعن دور التعليم في دعم انفتاح الأجيال الناشئة على الآخر، يقول علي كامل إن "المدرس، إذا ما تم تزويده بمعلومات كافية وواضحة عن الديانات والثقافات الأخرى، بإمكانه نشر هذه المعلومات بداية في الأجيال الناشئة، أي جيل المستقبل، الذي يعوّل عليه لبناء مجتمع سليم منفتح على الثقافات والشعوب الأخرى".
في حين يعتبر عبد المحسن السّولمي، مشرف تدريب تربوي في المملكة العربية السعودية، مشاركته في البرنامج بمثابة "الإضافة ودعم للانفتاح على العالم الخارجي"، لافتا إلى أنّه زار مدارس ومتاحف وجامعات ساهمت في إثراء أفقه الشخصي. ويقول السولمي إن من ضمن الأشياء التي تعرّف عليها في المدارس الألمانية والتي يمكن اعتمادها في المناهج المدرسية "التسامح"، لافتا إلى أن الدين الإسلامي دين تسامح، وأن هذه الخطوة من شأنها "أن تبني الأساس والقاعدة للانطلاق إلى التعرف على الآخرين" ومن "خلال الإنصات تبدأ عملية الحوار" حسب تعبيره.
ضرورة التفرقة بين المسلم والإرهابي
أمّا عبد العزيز الصبي، مشرف عام للغة انجليزية في وزارة التربية والتعليم السعودية، فيؤكّد أن "هناك جوانب إيجابية في الثقافة ومناهج التدريس الألمانية"، مشيرا إلى طريقة إشراك التلميذ بصفة فعالة في الدروس، بحيث يلعب المدرس دور الموجه وليس الملقّن. ولكنّه يلقي باللائمة على عدد من وسائل الإعلام الأوروبية التي يصفها بأن تروّج لصور خاطئة عن المسلمين وتضعهم في خانة الإرهابيين، ويدعو الإعلام الألماني إلى تجاوز الأحكام المسبقة السلبية عن المسلمين وبالتالي التمهيد لفتح باب للحوار بين المسلمين والأوروبيين.
الكاتبة: شمس العياري
مراجعة: طارق أنكاي