"حميدتي".. من الحرب في دارفور إلى قمة السلطة بالسودان
١٧ أبريل ٢٠٢٣في مطلع الألفين، لم يكن محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" قد بلغ الثلاثين من عمره، وكان مجرّد زعيم ميليشيا صغيرة في غرب السودان الملاصق للحدود التشادية. بيد أنه تحول إلى زعيم حرب معروف بعد سنوات طويلة من الحرب في دارفور ارتُكبت خلالها "الفظاعات"، حسب تقارير أممية.
وقد كلّفت هذه "الفظاعات" عمر البشير مذكرتي توقيف دوليتين صدرتا عن المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية و"إبادة جماعية".
على رأس الجنجويد، مارس الرجل الطويل القامة، بحسب معارضيه وبأوامر من البشير، سياسة الأرض المحروقة في دارفور حيث قُتل أكثر من 300 ألف شخص ونزح ما يزيد على 2,5 مليون آخرين خلال الحرب.
ومدّ حميدتي دائرة نفوذه من دارفور، حيث لا يزال يحتفظ بمقرّ قيادته، إلى الخرطوم وأروقة السلطة فيها، وباتت لديه صلات بالدوائر الدبلوماسية واستطاع أن يعقد اتفاقات تجارية سرية الى حدّ ما.
وتحوّلت قوات الدعم السريع التي يقودها (أنشئت العام 2013)، إلى قوة رديفة للجيش تضمّ آلاف العناصر الساعين حاليا إلى السيطرة على السلطة.
ومنذ الثورة التي أطاحت بعمر البشير في 2019، يعمل على تحسين صورته وكسب حلفاء جدد.
وخلال الثورة، وُجهت اتهامات إلى قوات الدعم السريع بتفريق اعتصام سلمي مطالب بالديموقراطية بالقوة في الخرطوم، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى، وفق أرقام رسمية.
في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، دعم حميدتي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في انقلابه الذي أطاح بالمدنيين من السلطة.
لكن مع مرور الوقت، بدأ ينتقد الجيش والبرهان الذي يصفه الآن بـ "المجرم" الذي "دمّر البلاد". وبات يقدّم نفسه مدافعا عن الدولة المدنية وخصما لدودا للإسلام السياسي الداعم إجمالا للبرهان.
وانضمّ الى المدنيين في إدانة الجيش، مشيرا الى أنه يدافع عن "مكتسبات ثورة" العام 2019.
ومنذ أشهر، بات حميدتي متواجدا بقوة على شبكات التواصل الاجتماعي عبر حسابات عدة على "فيسبوك" و"تويتر" و"انستغرام" و"تيك توك"، يخاطب من خلالها الشباب في بلد ثلثا سكانه تقلّ أعمارهم عن 30 عاما.
من هو حميدتي؟
ولد في العام 1975 في قبيلة من العرب الرحّل على الحدود بين السودان وتشاد ومازال يحتفظ بلكنة أهل الغرب بشكل واضح عندما يتكلّم.
كان حميدتي معتادا على المجالس القبلية وشغوفا بالزيارات إلى القوات أو إلى القرى. وقد جاب البلاد مرارا لمقابلة الزعماء المحليين الذين كانوا يشكلون أعمدة أساسية لنظام البشير.
ويظهر حميدتي تارة بالزي العسكري الذي ارتداه للمرة الأولى مطلع الألفين، وتارة أخرى ببزات أنيقة يخصصها لحضور الاجتماعات السياسية باعتباره الرجل الثاني في السلطة التي باتت حكرا على العسكر منذ الانقلاب في تشرين الأول 2021 الذي أطاح بالمدنيين من الحكم، بعد فترة وجيزة تقاسموا خلالها السلطة مع الجيش.
بإرساله رجالا للقتال الى جانب التحالف العسكري الذي قادته الرياض في اليمن عام 2015، اكتسب حلفاء سياسيين في السعودية والإمارات.
يضع حميدتي الذي خطّ الشيب شعره الأسود عادة خاتما من الذهب في كل يد، ويملك ورقة اقتصادية قوية، إذ تدير قوات الدعم السريع العديد من مناجم الذهب، بحسب مركز أبحاث "يوربيان كاونسيل أون فورين ريلايشن" (المجلس الأوروبي حول العلاقات الخارجية).
وتؤكد الولايات المتحدة أن قوات "فاغنر" الروسية المسلحة الموجودة في دول إفريقية عدة مجاورة للسودان، تعمل مع قوات الدعم السريع في تلك المناجم.
ويرى خبراء أنّ علاقات حميدتي الجيدة بروسيا مؤكدة، فلدى وصوله الى موسكو غداة غزو أوكرانيا، نجح في مقابلة كبار المسؤولين في الدولة.
ع.أ.ج/ أ.ح (أ ف ب)