حظر ألمانيا لحزب الله ـ تبعات على العلاقات مع طهران وبيروت
٦ مايو ٢٠٢٠أعلنت ألمانيا مؤخراً عن منع جميع أنشطة حزب الله اللبناني في البلاد، كما صنفت الحركة المدعومة من إيران "منظمة إرهابية" في تحرك لطالما دعت إليه إسرائيل والولايات المتحدة، ملتحقة بذلك بكل من هولندا وبريطانيا وكندا التي حظرت أنشطة حزب الله بشكل كامل على أراضيها.
القرار الألماني جاء بسبب "تشكيك الحركة الموالية لإيران والمنحدرة من لبنان في حق إسرائيل في الوجود، والدعوة علناً لتدميرها بعنف"، بحسب ما قال هورست زيهوفر وزير الداخلية الالماني الاتحادي لصحيفة "بيلد" الألمانية.
هل تخاطر لبنان بعلاقتها مع ألمانيا؟
عقب الإعلان عن القرار الألماني، استدعى وزير الخارجية اللبناني (ناصيف حتى) السفير الألماني لدى لبنان جورج بيرغلين، للحصول على "تفسير" بشأن قرار الحكومة الألمانية.
استدعاء السفير الألماني جاء بعد أن اتهم زعيم حزب الله حسن نصر الله ألمانيا "بالإذعان للضغط الأمريكي". وندد نصر الله بمداهمة الشرطة لجمعيات ومساجد في ألمانيا يشتبه في ارتباطها بالحزب، الذي قال إنه ليس له وجود رسمي في أوروبا، فيما قال مكتب وزير الخارجية (ناصيف حتي) إن الوزير أكد على أن "حزب الله مكون سياسي أساسي في البلاد ويمثل شريحة واسعة من الشعب وجزءا من البرلمان".
ويرى مراقبون أن القرار الالماني قد يؤثر بدرجة ما على علاقات ألمانيا مع لبنان، ذلك أن حزب الله ممثل من خلال جناحه السياسي في البرلمان اللبناني منذ عام 1992 ويتمتع مع حلفائه بالأغلبية البرلمانية. فيما يرى آخرون أن القرار ربما يفقد ألمانيا دورها كوسيط في المستقبل بعد أن كانت قد لعبت دوراً هاماً في صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله.
ويرى الكاتب الصحفي مثنى عبد الله في مقاله بصحيفة القدس العربي إن القرار سوف يوثر في العلاقات اللبنانية – الألمانية، والإيرانية – الألمانية كذلك، فالحزب مُمثل في البرلمان اللبناني، ولديه حقائب وزارية، وله بُعد اجتماعي في الأوساط الشعبية، وبالتالي سوف يُنظر إلى قرار الحظر على أنه إهانة سياسية موجهة من ألمانيا إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية في لبنان.
وليد فارس الأستاذ الجامعي الأمريكي من أصل لبناني وكبير الباحثين في "هيئة الدفاع عن الديمقراطيات" بأمريكا غرد متحدثاً عن بعض الأسباب التي دفعت ألمانيا لاتخاذ هذا القرار، فقال:
وكان لبنان يحرص دائما على علاقات ودية مع ألمانيا لأسباب متعددة لعلها أبرزها أن المانيا تعد من أكبر المانحين للبنان، لكن رد الفعل اللبناني قد يتسبب في توتر للعلاقات بين الطرفين ما قد ينعكس على الموقف الألماني المساند للبنان ومن ورأء ألمانيا بالطبع الاتحاد الأوروبي.
أزمة ألمانية-إيرانية في الأفق؟
إيران بدورها عقبت على القرار الألماني ووصفته بأنه "اتخذ بلا احترام للحكومة والشعب اللبنانين وبلا حكمة تماماً". لكن الغريب في الأمر أن رد الفعل الإيراني جاء سابقاً لرد الفعل اللبناني نفسه.
صحيفة "وطن أمروز" اﻹيرانية وصفت الخطوة الألمانية بأنها "تهديد خارجي لمواقف إيران وأمنها ومصالحها الوطنية"، ودعت إلى "رد قاس" عبر السفير الألماني في طهران، من أجل إيصال رسالة قوية من إيران إلى الحكومة الألمانية "لمنع تكرار مثل تلك التوترات".
وزعمت الصحيفة أن سفارات بلدان أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا والدنمارك وأستراليا قد تحولت لمراكز متابعة لمشاريع أمنية وسياسية مختلفة خلال السنوات الماضية. وهاجمت الصحيفة موظفي وسفراء المقرات الدبلوماسية الأوروبية لدى طهران بدعوى حصولهم على ما وصفتها بتنازلات من وزارة الخارجية الإيرانية.
ويرى الكاتب الصحفي مثنى عبد الله في مقاله بصحيفة القدس العربي إن طهران لم تكن تتوقع أن تُقدم برلين على اتخاذ القرار، لانها كانت أخف الدول الاوروبية لهجة معها، وكانت تراهن عليها في الإبقاء على الموقف الأوروبي ليس موحداً تجاهها.
ويضيف الكاتب أن إيران ربما صدّقت بعض التقارير التي كانت تقول بأن السلطات الألمانية المختصة غير قادرة على حظر الحزب، بسبب ما يتمتع به من نفوذ واسع، وقوة تأثير في الساحة الالمانية. لكن بهذا القرار ربما تكون طهران قد خسرت هامش تحرك ومناورة كانا متوفرين لها في ألمانيا، وبات كل عمل تمارسه من خلال حزب الله، أو أذرعها الأخرى تحت الضوء والمحاسبة لتبدأ مرحلة جديدة في العلاقة مع برلين - على حد قوله.
تكلفة القرار الألماني
مركز "سمت" للدراسات السياسية أصدر ورقة عقب القرار الألماني قال فيها إن ألمانيا على ما يبدو قامت بتحليل دقيق لتكلفة القرار، وخلصت إلى أن هناك فوائد في تعليق أنشطة حزب الله أكثر من خسارة التجارة المحتملة مع إيران. واعتبر المركز أن هذه التطورات الجديدة هي انتكاسة لإيران، المثقلة بالفعل باقتصاد مأزوم للغاية بفعل العقوبات التي قادتها الولايات المتحدة.
وتشير الدراسة إلى أن التغير في الموقف الألماني من حزب الله قد يعني أن هناك تغيراً على وشك الحدوث فيما يخص الموقف الألماني من إيران نفسها، وبالتحديد فيما يتعلق بالاتفاق النووي، ويعتقد المركز البحثي أن القرار الألماني قد يكون تمهيداً للإعلان الرسمي عن الانسحاب من الاتفاق النووي من قبل ألمانيا، التي كانت أحد أهم المدافعين عن الاتفاق والتي انتقدت انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018.
وكان البرلمان الألماني قد طلب في كانون أول/ديسمبر من الحكومة الاتحادية بفرض حظر شامل على حزب الله والسعي لدى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لاتخاذ إجراءات مماثلة. ويصنف الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري للحزب "منظمة إرهابية" منذ عام 2013.
ومنذ أيلول/سبتمبر عام 2019 شددت الحكومة الألمانية على الحزب ومنحت الإدعاء العام الاتحادي تفويضا لملاحقة أعضائه جنائياً. وقد مكّن ذلك الادعاء العام من البدء باتخاذ إجراءات قانونية ضد المشتبه في أنهم أعضاء في الحزب.
عماد حسن