كيف سيتأثر حزب الله بحظر أنشطته في ألمانيا؟
٣٠ أبريل ٢٠٢٠استيقظ أعضاء حزب الله اللبناني على خبر تصنيف هذه الجماعة "منظمة إرهابية" في ألمانيا وبالتالي حظر كل أنشطته فوق التراب الألماني، وهو قرار كان متوقعاً، إذ تتخذ هذه المنظمة الموالية لإيران مواقف جد راديكالية في صراعها مع إسرائيل و"تدعو علنا ًلتدميرها بعنف" كما صرّح وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، وقد سبق للبرلمان الألماني أن أقر نهاية 2019 مذكرة تدعو الحكومة الفيدرالية إلى حظر نشاط هذا الحزب، وهي المذكرة التي وافقت عليها أحزاب الائتلاف.
ويمثل القرار الألماني ضربة جديدة للحزب المرتبط بإيران، بعد الحراك السياسي الواسع الذي انتفض على الطبقة السياسية في لبنان ومنها حزب الله، خاصة مع الاتهامات المتواصلة لهذا التنظيم العسكري-السياسي بالسيطرة على القرار السياسي لعدد من الحكومات اللبنانية في العقود الماضية.
وفي هذا الصدد، تقول مهى يحيى، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط، في مقال لها، إن "تمسك حزب الله بالوضع القائم (الوضع السياسي في لبنان) أفضى إلى تشويه الصورة التي يُحبّذ الظهور بها كمدافع عن الفقراء والمظلومين"، متابعة أن "مكانته كمدافع عن حقوق الشيعة في لبنان قُوّضت"، وأن "الشيعة يعتبرون أن حزب الله حزء من المنظومة الحاكمة التي ساهمت في الأوضاع المتردية".
إلّا أن الصحفي والباحث اللبناني، أمين قمورية، يرى أن "حزب الله هو القوة الأبرز على الساحة اللبنانية حاليا، وهو من يدير الحكومة الحالية". وعكس بقية القوى الأخرى، فالحزب "هو أكثر القوى السياسية ارتياحا على وضعها" وفق حديث الضيف لـDW عربية، بيدَ أن الضيف يستدرك القول إن حزب الله كغيره من القوى السياسية، تأثر بالأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ الحراك الشعبي، والتي فاقمتها الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
تأثير على مالية الحزب؟
تنظر الكثير من الجماعات الدينية والسياسية إلى ألمانيا كميدان للنشاط الاقتصادي الذي يدرّ عليها أرباحاً كبيرة، ومنها حزب الله. وقد سبق للنائب البرلماني من الحزب المسيحي الديمقراطي، ماريان فينت، أن تحدث عن أن ألمانيا تُعد بالنسبة لحزب الله "مكانا ًيجمع فيه المال"، متحدثاً لصحيفة محلية عن أن الحزب يموّل نفسه داخل ألمانيا بـ"الجريمة وتجارة السيارات وغسيل الأموال".
غير أن حزب الله يملك مصادر أخرى للتمويل، وليست السوق الألمانية بالنسبة له سوى إحدى المصادر، كما أنه لن يغامر بالاعتماد على تمويل قادم من دولة غربية تملك علاقات قوية مع إسرائيل. يؤكد قمورية هذا الكلام، بالقول إن الحزب يدرك منذ مدة أنه ملاحق، لذلك يعمل تحت إطار جمعيات وتنظيمات لا تحمل بالضرورة اسمه أو تعلن ارتباطها به.
كما يتوفر الحزب على مصادر تمويل متعددة منها هو ما غير مكشوف، يتابع قمورية، فضلاً عن أن مصدر تمويله الرئيسي يأتي من الحكومة الإيرانية ومن المموّلين الشيعة الكبار عبر العالم كرجال الأعمال، يوضح المتحدث، مشيراً إلى أن القرار الألماني لن يكون له تأثير مادي على الحزب، سواء على موازنته، أو امتداده العسكري.
تأثير سياسي داخل لبنان وخارجه
من الناحية السياسية، يبقى تصنيف حزب الله في خانة الإرهاب من لدن ألمانيا أمراً سلبياً للعلاقات الألمانية-اللبنانية، ما دام الحزب هو القوة السياسية في لبنان، وهو ما لمح إليه حزب اليسار الألماني، عندما رفض التصويت في البرلمان لصالح مقترح حظر أنشطة حزب الله، بدعوى أن هذا الإجراء "قد يُعقد العلاقات مع لبنان" حسب ما نقلته عدة وسائل إعلام. وترى ألمانيا في لبنان بلدا محوريا لاحتواء اللاجئين السوريين، وقد قدمت له ما يزيد عن 1.4 مليون يورو منذ عام 2012 حسب أرقام الخارجية الألمانية.
ويقول قمورية إنه يمكن استخدام القرار الألماني الجديد للضغط على تنظيمات لبنانية أخرى بدعوى أن لها علاقات مع حزب الله. لكن في الناحية الأخرى، سبق لدول أوروبية أن حظرت أنشطة حزب الله وعادت علاقاتها لتتحسن مع لبنان، ما يجعل من تأثير القرار معنوياً على لبنان أكثر منه سياسي، خاصة أن العلاقة الألمانية مع حزب الله مختلفة نوعا ماً عن الدول الغربية الأخرى، يقول قمورية، موضحاً أن برلين أدارت سابقاً مفاوضات غير مباشرة بين حزب الله وإسرائيل.
وخارج لبنان، يملك حزب الله أدوارا عسكرية كبيرة في سوريا، فميليشياته تحارب إلى جنب قوات النظام، وهو أمر لا تخفيه قيادة الحزب، إذ سبق لأمينه العام، حسن نصرالله أن توعد عام 2016 بوجود أكبر لقوات الحزب في سوريا وإرسال عدد أكبر من القادة بعد مقتل القيادي بالحزب مصطفى بدر الدين قرب دمشق. كما يتوفر الحزب على مليشيات في العراق، رغمأ ننصر الله سبق أن صرّح أن وجود حزبه في العراق لايزال متواضعا. وبالتالي، من شأن الإجراء الألماني، أن يؤثر، ولو بشكل محدود، على استراتيجية الحزب خارج لبنان.
إلّا أن هناك تأثيراً آخر خارج لبنان، لا يعني بالضرورة حزب الله. ويخصّ العلاقة بين ألمانيا وإيران، فبرلين تتبنى اللهجة المخففة بين بلدان الغرب الكبرى في التعامل مع إيران، وكانت برلين داعما رئيسيا للاتفاق النووي لعام 2015، وكذلك لخلق حلول سلمية لأيّ أزمة للغرب مع طهران، وهوما انعكس على العلاقات الاقتصادية بين الدولتين. لكن مع وصف حزب الله بالتنظيم الإرهابي، قد تتغير المعادلة وتنضم برلين في نظر طهران إلى حلف غير معلن يحاربها.
ويقلّل قمورية من تأثير الإجراء الألماني الجديد على العلاقات الألمانية-الإيرانية، فرغم أن "التضييق على حزب الله هو تضييق بشكل غير مباشر على إيران، إلّا طهران براغماتية جدا وتفكر ملياً قبل اتخاذ أيّ خطوة". ويوضح الضيف أن ألمانيا بالنسبة لإيران طرف مهم للغاية على الجانبين السياسي والاقتصادي، لذلك لن تعمل على استعداء علاقتهما.
الكاتب: إسماعيل عزام