حاخامات يساعدون الفلسطسنيين في الضفة الغربية على جني الزيتون
٩ ديسمبر ٢٠١٢تتميز الطبيعة بين الخليل في الجنوب وجنين في الشمال بوفرة أشجار الزيتون، وجزء منها قديم جدا. وتعد زراعة الزيتون من تقاليد سكان هذه المنطقة وأساسا للقمة عيش أسر فلسطينية كثيرة، حيث تنتشر معاصر زيت الزيتون الذي يُصدر إلى الأردن. وكشفت دراسة أنجزها مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أن نسبة 14 بالمائة من الدخل الزراعي في الضفة الغربية تعود إلى هذا النشاط، كما وتعيش منه 80 ألف أسرة فلسطينية تقريبا.
الطرق إلى حقول الزيتون مسدودة
يقع حقل أسرة محمد التي تعيش في بلعين، وراء جدار عال يبلغ طوله 750 كيلومتر تقريبا. ورغم أن الإسرائيليون بنوا هذا الجدار، إلا أنهم لم يبنوه في أراضيهم، وإنما في المناطق الفلسطينية. وسبب ذلك، هو وجود مستوطنات يهودية في الضفة الغربية والتي أصبحت عمليا جزءا من إسرائيل منذ بناء الجدار. وهذا ما يدينه المجتمع الدولي ويعتبره انتهاكا لحقوق الفلسطينيين لأنه يجبرهم في حالات كثيرة على خوض صراع يومي على وجودهم، فالطرق إلى حقولهم مسدودة. "لا نستطيع أن نحرث الأرض وأن نعتني بالأشجار، ونتيجة ذلك محزنة فثمار الأشجار صغيرة كما يقول محمد.
تدمير 450 شجرة هذه السنة وحده
قبل بضع ساعات من حديثنا مع محمد، وصل عدد من الإسرائيليين إلى الجانب الآخر من الجدار للالتقاء عند نقطة التفتيش مع محمد وأمه رقية وإيمان وابنها الصغير عبد. وكان الحاخام ياهييل غرينيمان من منظمة الحاخامات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، قد نظم هذا اللقاء قبل أيام من ذلك مع رجال الشرطة المرابطين في مستوطنة موديعين عيليت اليهودية وضابط الجيش المسؤول عند الجدار.
التقى الحاخام ومرافقوه مع أسرة محمد لمساعدتها على حصاد الزيتون وخاصة لمنع اعتداءات محتملة على الأسرة الفلسطينية من قبل المستوطنين المتشددين الذين يعتبرون حقل الأسرة وجميع أراضي الضفة ملكية يهودية.
في غياب أصحاب الحقول الفلسطينيين يسرق المستوطنون الزيتون ويحرقون الأشجار. وتتكاثر مثل هذه الحوادث من سنة لأخرى. وبموجب ما قاله مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، نفذ المستوطنون في الأسابيع الماضية وحدها 553 من الاعتداء سرقوا خلالها ثمار 450 شجرة أو أضروا بها.
في بداية ذلك اليوم الذي التقى فيه الحاخام غرينيمان ومرافقوه مع أسرة محمد، بدا وكأن كل جهود الوساطة تبقى بلا جدوى، إذ أن بوابة الجدار بقيت مغلقة. ولذلك أجرى الحاخام بلا انقطاع مكالمات هاتفية، إحداها مع ضابط مسؤول عند الجدار. إلا أن هذه المكالمة أيضا بقيت بلا نجاح.
ينتمي غرينيمان إلى طائفة يهودية إصلاحية تعتمد على مبدأ "شفاء العالم". وغرينيمان و100 حاخام آخرون يعملون معه في منظمة الحاخامات المؤيدون لحقوق الإنسان، وهم مقتنعون بضرورة مساهمة كل يهودي تقي في تنفيذ العدالة في العالم. إلا أن هذه مهمة صعبة، وخاصة في إسرائيل.
"دولتنا فقدت حياءها"
ظهر فجأة جنود لفتح البوابة في الجدار. وهكذا أصبح بإمكان أسرة محمد ومساعديها الإسرائيليين في البدء في جمع الزيتون وغيره من الأعمال في البستان. وهذه ليست أول مرة يساعد فيها الحاخام غرينيمان ومرافقوه أسرة محمد. وهم يرون في مساعدتهم نوعا من التعويض المتواضع عما يتعرض له الفلسطينيين الفلسطينيون في إسرائيل. "فقدت دولتنا حياءها"، كما تقول هيدفا، وهي امرأة حازمة مؤيدة للأحزاب اليسارية، كما أن الدين لا يلعب أي دوري في حياتها.
نجح محمد ومساعدوه في جمع 50 كيلوغراما من الزيتون تقريبا. وهذه كمية تكفي لإنتاج تسعة ليترات من الزيت. وعلاوة على ذلك قلم محمد الأشجار وقلع الأعشاب في الحقل. ورغم أن كل هذا ليس أكثر من الحد الأدنى من العمل الذي يجب إنجازه في الحقل، إلا أنه أسرة محمد ومساعديها الإسرائيليين أجبروا على مغادرة الحقل في غضون أربع ساعات. وعند وصول أفراد الأسرة إلى نقطة التفتيش لم يكن هناك أي جندي. وعليه، فإنهم انتظروا عند الجدار مرة ثانية لمدة ساعات.