جولة بومبيو ـ أربكت الفرنسيين وأغضبت الأتراك والفلسطينيين!
٢٣ نوفمبر ٢٠٢٠قالت وكالة بلومبرغ للأنباء إن جولة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأخيرة بدت وكأنها تهدف إلى تلميع صورة الوزير المحافظ وتحسينها استعدادا لحملة رئاسية محتملة في عام 2024 ونظرا لأنه شخص غير مهتم بآداب الإتيكيت أو البروتوكول، فقد تسببت هذه الجولة الكبيرة في استفزازات لأولئك الذين شككوا في سياسة "أمريكا أولا" التي انتهجتها إدارة ترامب.
ومثل الرئيس ترامب، يرفض بومبيو الاعتراف علنا بفوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
بداية متعثرة من باريس
الرحلة التي شملت سبع دول، وهي واحدة من أطول الرحلات التي قام بها كوزير، قدمت دليلا على أن بومبيو يتطلع بالفعل إلى ما بعد حقبة ترامب، حيث كانت الرحلة مزدحمة بالتصريحات التي من المحتمل أن تجعل حياة بايدن صعبة، وتعد المسرح لمستقبله السياسي.
وقال شادي حامد، الزميل البارز في مؤسسة بروكينغز للأبحاث "إنه يقضي الشهرين الأخيرين في منصبه في إثارة غضب العالم.. إنه دور غريب يلعبه وزير خارجية الدولة في وقت حساس".
بدأت جولة بومبيو في باريس، وكان أول نشاط له قبل لقاء المسؤولين الحكوميين، هو لقاء خاص مع صحفيين من وسائل الإعلام الفرنسية اليمينية، بما في ذلك مجلة "فالور أكتويل"، وهي مجلة تعرضت لانتقادات وإدانة شديدة باعتبارها عنصرية، وتم وضعها قيد التحقيق الأولي من قبل ممثل الادعاء العام الفرنسي، بعد نشر صورة تظهر نائبة فرنسية سوداء وكأنها "أمة" من العبيد في أحد المقالات التخيلية.
قدم طلبا غريبا للأتراك
ذكرت وكالة بلومبرغ أن بومبيو اقترح في تركي أن يلتقي به وزراء الحكومة في مدينة إسطنبول، إلا أنهم رفضوا. وقد التقى برئيس الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. ووصف المسؤولون الأتراك بيان بومبيو بشأن الحرية الدينية في تركيا بأنه "غير ملائم للغاية"، بينما ألقى كبار مسؤولي وزارة الخارجية باللوم على تضارب المواعيد بشأن عدم سفره إلى العاصمة أنقرة.
وفي جورجيا، تدخل بومبيو في النزاع الدائر هناك بشأن الانتخابات، وأضفى الشرعية على حكومة اتخذت إجراءات صارمة ضد المحتجين الذين يطالبون بإجراء انتخابات جديدة.
النبيذ الأحمر في رام الله
بلغ بومبيو ذروة انعدام الدبلوماسية من خلال زيارة مصنع نبيذ في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، والذي أطلق اسمه على أحد منتجاته من النبيذ الأحمر، مع ملصق يقول صُنع بشكل شرعي، وذلك بسبب موقفه المؤيد للاستيطان.
زيارة لا يمكن تصورها تحت أي إدارة أمريكية سابقة، جمهورية أو ديمقراطية، نظرا لأن العائلات الفلسطينية ما زالت تطالب بحقها في الأرض التي تم بناء مصنع النبيذ عليها. وقالت صحيفة هآرتس ذات الميول اليسارية في مقال افتتاحي في اليوم الأخير لبومبيو في إسرائيل إنه "زار مستوطنات وشرب من الكأس المسمومة وأقر سلب الممتلكات.. هذه آخر أيام بومبيو. كم هو جيد أن يكون هذا هو الوضع".
أهداف بومبيو الحقيقية
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا فعل بومبيو كل ذلك؟ ما الذي كان مهما للغاية لدرجة أنه يستحق القيام برحلة في الوقت الذي بدأت فيه فرنسا وإسرائيل ودول أخرى عمليات إغلاق جديدة في محاولة يائسة للسيطرة على فيروس كورونا قبل عيد الميلاد؟
يظهر أنه تم التخطيط للجولة قبل الانتخابات الأمريكية بفترة طويلة، وجرت العادة أن يسافر وزراء الخارجية بشكل روتيني في نهاية عملهم في الفترة الفاصلة بين الانتخابات والتنصيب.
ورفض مسؤول كبير في وزارة الخارجية الامريكية، فكرة أن تكون الرحلة بمثابة جولة انتصار أو أنها كانت تهدف إلى تعزيز طموحات بومبيو. ووصف المسؤول الذي لم يعلن عن هويته الجولة بأنها مهمة دبلوماسيا حتى في ظل تفشي وباء كورونا، قائلا إن الإدارة ستواصل سياساتها طوال فترة وجودها في المنصب.
إلا أن الولايات المتحدة لم تشهد مثل هذا الوضع مطلقا، حيث لا يزال ترامب يرفض الاعتراف بخسارته في إعادة انتخابه كما أن الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة لا تزال تسجل أرقاما قياسية.
وقال مصدران مطلعان على محادثات بومبيو إن الأشخاص الذين التقى بهم تجنبوا إلى حد كبير مسألة الانتخابات الأمريكية. وقبل وقت قصير من مغادرته الولايات المتحدة، عندما سئل في إيجاز عما إذا كان يستعد لإدارة بايدن، قال بومبيو "أنا أستعد لانتقال سلس إلى إدارة ثانية لترامب".
وعلى الرغم من أنها بدت مزحة، إلا أن بومبيو تعرض لانتقادات للاستخفاف بأزمة الانتخابات في بلاده، نظرًا لأن الولايات المتحدة غالبا ما تتناول مشكلات الانتخابات في الدول الأخرى. وخلال زياراته، تجنب بومبيو منح أي فرصة للصحفيين لتوجيه أسئلة إليه بشأن المرحلة الانتقالية وبايدن. ولم يعقد أي مؤتمر صحفي أو إيجاز، وأرجعت وزارة الخارجية السبب إلى قيود فيروس كورونا.
زيارة الجولان
كما توجه بومبيو بمروحية إلى موقع عسكري تحول إلى منطقة سياحية في مرتفعات الجولان، حيث قال "تخيل، تخيل مع سيطرة (الرئيس السوري بشار) الأسد على هذا المكان، حجم المخاطر والضرر الذي يمكن أن يلحق بالغرب وإسرائيل وشعب إسرائيل."
وتوقف بومبيو أيضا في متحف يسلط الضوء على المساهمات التي قدمها غير اليهود لإسرائيل على مر السنين، وهو يسمى متحف "أصدقاء صهيون".
ونفى المسؤولون أن يكون بومبيو قد استهدف دفع سياسات لتصبح فخا أو مناورات مخادعة لبايدن إذا سعى للعودة إلى سياسة أقل تحيزا لإسرائيل فيما يتعلق بالفلسطينيين. وكان أكبر إعلان خلال رحلة بومبيو هو أن الولايات المتحدة ستسمح للبضائع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية بوضع ملصق "صنع في إسرائيل".
وسيكون من الصعب على بايدن التراجع عن مثل هذه التحركات، مما سيعرضه لانتقادات من الجمهوريين الذين سيترشحون للرئاسة في عام -2024 وربما يكون من بينهم بومبيو - بأنه ضعيف في دعمه لإسرائيل.
ح.ز/ ا.ع (د.ب.أ)