جوتنبرج - مطلق ثورة الطباعة
٦ مارس ٢٠٠٦ولد يوهانس جوتنبرج عام 1400 ونشأ في مدينة ماينز القريبة من مدينة فرانكفورت، وهي المنطقة التي اشتهرت بخصوبتها الزراعية وجودة أشجار العنب فيها، لذلك كانت مركزا لعصر العنب من أجل صنع النبيذ. بدأ جوتنبرج حياته العملية في صك الذهب، ثم انتقل إلى العمل كناسخ. وهناك اقترب من عالم الكتب، وبدأ يهتم، بحكم خلفيته الفنية، بتقنية طباعتها وكيفية تحسينها.
يرى كثير من الباحثين أن تطوير اختراع الطباعة لم يحدث مصادفة في ماينز، ففي هذه المنطقة كانت تقنية العصر والكبس معروفة على نطاق واسع بسبب صناعة النبيذ، كما أن جوتنبرج نفسه بدأ حياته العملية في مجال صك الذهب الذي يعتمد على نفس التقنية. لذلك كان من المنطقي أن تلوح فكرة تطبيق نفس التقنية في مجال طباعة الكتب في ذهن الشاب جوتنبرج. وهذا ما حدث قرابة العام 1448.
طريقة الحروف المعدنية المتحركة
كانت تقنية طباعة الكتب قبل إنجاز جوتينبرج تعتمد على عمل لوح خشبي تبرز منه حروف الصفحة المراد طبعها، وكانت تلك الحروف الخشبية ثابتة لا يمكن إعادة استخدامها، مما يعني أن كل صفحة تحتاج إلى لوح خشبي جديد لطباعتها. مما جعل طباعة الكتب صناعة مكلفة وقليلة الكفاءة. أما طريقة جوتنبرج التي أحدث ثورة في عالم الطباعة فكانت في استخدام حروف معدنية متحركة سهلة الرص وتحتفظ بألوان الطبع على سطحها لمدة طويلة. سهولة صف هذه الحروف جعل بالإمكان إعادة استخدامها دون الحاجة إلى صبها من جديد كل مرة.
إضافة إلى تقنية الحروف المعدنية المتحركة طور جوتنبرج طريقة سهلة وسريعة لتحريك لوح الطباعة الذي تصطف عليه الحروف المعدنية، بحيث يمكن نقلها بسهولة لطباعة صفحة جديدة، مما ساهم في تقليص وقت الإنتاج، وزاد من عدد الكتب الممكن طبعها. وتقوم طريقة جوتنبرج في الطباعة على مبدأ كبس ألواح الطبع، التي تصطف فوقها الحروف، على الورق، فتضغط الأطراف المدببة للحروف على سطح الورق لتفتح مسامه وتحقنها باللون الذي تحمله، وبعد إنتهاء مرحلة الكبس تعود مسام الورق لتنغلق محتفظة بلون الطباعة فيها. وكنموذج مثالي لطريقته قام جوتنبرج بطباعة الكتاب المقدس كاملا، فخرج الكتاب آية في جمال الطباعة ودقة الألوان، ولا يزال يحفظ حتى اليوم ببهائه وجماله.
شرارة المعرفة
فتحت طريقة جوتنبرج الطريق أمام انتشار الكتب بشكل غير مسبوق في كافة أنحاء العالم. وأدى تداول الاكتشافات العلمية والفكرية إلى صحوة ثقافية كبرى استفادت منها الحواضر الأوروبية بشكل أساسي لكثرة المطابع التي نشأت فيها. كما مهدت الكتب المطبوعة لظهور الصحف حتى أصبح صدور جريدة دورية ومتجددة أمراً في متناول اليد. وزادت محتويات الصحف تنوعا، لتحمل العديد من الآراء وتفتح باب الحرية السياسية، فكانت المحرك الأول للحركات الديمقراطية التي غيرت وجه أوروبا.
وقد كافأت مدينة ماينتز ابنها بإنشاء متحف خاص به، يمكن فيه مشاهدة النسخ الأولى من الكتاب المقدس التي طبعها جوتنبرج بنفسه، كما يمكن لزوار المتحف طبع أسمائهم على ماكينة الطباعة التي استخدمها آنذاك. كذلك حملت جامعة ماينتز العريقة اسم جوتنبرج. ولا يقتصر الشعور بالامتنان والعرفان إلى هذا المخترع العظيم على مدينة ماينتز، فجارتها مدينة فرانكفورت أصبحت بفضل طريقة جوتنبرج مركزاً لطباعة الكتب في ألمانيا وفي أوروبا كلها. ونجحت في تنظيم معرض للكتاب لا يزال حتى اليوم واحدا من أهم معارض الكتاب في العالم.
دويتشه فيله