جدل حول مدى تأثير ألعاب الكمبيوتر على المجتمع

تعتبر "Doom" و "Counter Strike" من أشهر ألعاب الكمبيوتر العنيفة والمثيرة للجدل في الوقت الحاضر. فقد باشرت باتخاذ العنف وسيلة للّعب والتسلية مقارنة مع الألعاب السابقة. إلى ذلك، كان هذا التحول أحد أهم محاور مؤتمر عالمي لألعاب الكمبيوتر Clash of Realities عقد في مدينة كولونيا الألمانية وانتهى الجمعة الماضي. وفي هذا المؤتمر، ناقشت مجموعة من الخبراء مدى تأثير هذه الألعاب على المجتمع. وفي هذا الخصوص، يؤكد الباحثون وجود أدلة كثيرة على أن الألعاب العنيفة "تحوّل ممارسيها إلى أشخاص مولعين بإطلاق النار." على حد قولهم. ولعل الكارثة التي شهدتها مدرسة ألمانية في مدينة إرفورت عام 2002 عندما أقدم أحد تلاميذها على إطلاق النار بشكل عشوائي على تلاميذ المدرسة، لعلها أكبر مثال على تأثير ألعاب الكمبيوتر العنيفة على الشباب، فقد اتضح لاحقا أن التلميذ كان مدمنا على لعب Counter Strike

من الخطأ إلقاء اللوم على ألعاب الكمبيوتر فقط

ويعتقد الباحثون في هذا المجال أن الأمر يتطلب وقتا طويلا قبل ظهور أي تأثيرات على شخصية الإنسان الذي يمارس هذه الألعاب. وفي هذا الشأن يقول تيلو هارتمان وهو باحث في جامعة كاليفورنيا الجنوبية إنه "يجب التفريق بين شخص مهووس بإطلاق النار على الناس وآخر يمارس بشكل عادي ألعاب الكمبيوتر التي تختص بالقتل." وأظهرت الدراسات التي تبحث في الأثر الذي تتركه هذه الألعاب على الشباب أنه بعد فترة تمتد من 20 الى 30 دقيقة، هناك احتمال في ارتفاع قليل في نسبة العدوانية عند هؤلاء الشباب، وربما ظهور بعض السلوكيات الهجومية لديهم. ويضيف هارتمان أن الحصول على نتائج علمية دقيقة حول آثار ألعاب الكمبيوتر "بعيد المدى" وأن الأمر "يتطلب الخضوع الى اختبار يستغرق 45 دقيقة تحت ظروف علمية مكلفة جدا." في الوقت ذاته، طالب الخبير باستمرار الدراسات التي من الممكن أن توصل المهتمين إلى نتائج دقيقة في هذا الخصوص، متوقعا أن يستمر ذلك حوالي 4 سنوات.

يشار إلى أن أطول دراسة أجريت في هذا المجال في ألمانيا استغرقت سنة واحدة فقط، على حد قول الخبير. وطالب هارتمان بمواصلة هذه الاختبارات العلمية وأخذها بعين الاعتبار. ويؤكد هارتمان أيضا أنه من الغباء أن نحمل ألعاب الكمبيوتر وحدها مسؤولية انتشار السلوكيات العدوانية، قائلا أنه "من الأفضل البحث عن الأسباب في حياة الإنسان الذي يمارسها، إضافة الى دراسة مدى تأثير وسائل الإعلام في هذا المجال."

دور شخصية الإنسان وسجاياه

وعن دور شخصية الإنسان في تحوله إلى شخص عنيف، يقول هارتمان إنه "هناك اعتقاد سائد بين الباحثين يشير إلى أن اللاعبين الذين يظهرون بعض السلوكيات العدوانية تكون تلك التصرفات جزء من شخصيتهم." ويضيف المختص أن هناك بعض الأطفال الذين يعانون من التفكك الأسري أو يتعرضون باستمرار لأساليب مختلفة من العنف، الأمر الذي يزيد عندهم نسبة ظهور هذه السلوكيات العنيفة." من جانبه يرى كريستوف كلمت وهو عالم في معهد أبحاث الصحافة والاتصالات بكلية الموسيقى والمسرح في جامعة هانوفر أنه من الممكن أن يكون لألعاب الكمبيوتر تأثير ايجابي على شخصية ممارسيها. ففي حال حقق اللاعب نجاحات في اللعبة ومارسها بإتقان، فإن هذا يزيد لديه الشعور بالثقة بالنفس واحترام كبير للذات. ويضيف الخبير أن المتعة عظيمة عندما يشعر المرء بهذه الثقة عن طريق الضغط على الماوس أو لوحة المفاتيح، على عكس العالم الحقيقي الذي لا يعطي مثل هذا الشعور وأنه من الطبيعي أيضا أن يشعر الفاشلون في لعب هذه الألعاب بشعور مخالف، كأن يشعروا بالإزعاج مثلا. وعلى أي حال فإن صانعي هذه الألعاب أدخلوا الكثير من التسهيلات عليها، ليتمكن اللاعبون من إحراز أكبر عدد من الأهداف أو الانتصارات،" على حد قول الخبير. ويضيف كلمت أنه هناك بعض العوامل التي من الممكن أن تؤثر على اللاعب وتجعله يتصرف دون وعي. ولكن ليس بالضرورة أن يشعر الذي يلعب دور القاتل في لعبة ما بالضغط الحقيقي الذي يشعر به القاتل في العالم الواقعي. فالذي يمارس هذه الألعاب يمكنه التمييز بين اللعبة التي يلعبها والواقع الحقيقي الذي يعيشه".