تيران وصنافير.. مقدمة لرزمة حلول في المنطقة العربية؟
١٤ يونيو ٢٠١٧تتعالى الأصوات المصرية المعارضة لتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، إلا أن الغموض يكتنف الموقف السعودي، فالرياض وإن أكدت مراراً على رغبتها بتسلم الجزيرتين وعلى تبعيتهما لها، إلا أنها لم تبين ما مدى أهمية الجزر بالنسبة لها وما هو سبب تمسكها في هذا الوقت بالذات بأحقيتها بالجزيرتين.
رئيس اللجنة الخارجية لمجلس الشورى السعودي، زهير الحارثي، أكد في حوار مع DW عربية على الأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة السعودية لتسلم الجزيرتين، موضحاً أن "الدافع الأكبر للسعودية هو ترسيم حدودها البحرية". وقال السياسي السعودي: "إن أحقية هذه الجزر هو أمر محسوم، ومصر كانت تدير الجزر سابقاً، وآن الأوان لاستعادة السعودية لجزرها" بحسب وصفه.
محمد بن سلمان والجزر
وأكد عضو مجلس الشورى السعودي أن استعادة الجزر تتوافق ومخطط ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ورؤيته الاقتصادية المستقبلية (رؤية 2030)، حيث لمّح الأمير مراراً إلى أن السعودية لا تستفيد بشكل كامل من حدودها الواقعة على البحر الأحمر، وهو ما يريد الأمير محمد بن سلمان تغييره، للتمكن من تطبيق خطته الاقتصادية الخاصة بالسعودية، وبناء جسر الملك سلمان الذي سيربط بين السعودية ومصر، وسيعمل على دفع عجلة الاقتصاد المصري، من حيث تسهيل نقل البضائع وحرية الحركة للمسافرين. كما سيوفر من نفقات السفر وسيربط السعودية بمصر مباشرة، حسب النظرة السعودية.
وكان ابن سلمان قد أكد مراراً على أن تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر "جزر سعودية" و"لا توجد مشكلة مع مصر بشأنها". وفي رده على سؤال بشأن حديث الإعلام المصري عن العلاقات بين البلدين وأنها كادت أن تنقطع، أجاب الأمير: "العلاقات المصرية السعودية صلبة قوية، ولم يصدر موقف سلبي من الحكومتين تجاه بعضهما البعض، ولم تتأخر مصر عن السعودية ولا لحظة ولن تتأخر السعودية عن مصر أي لحظة، وهذه قناعة راسخة لدى القيادتين والشعبين في البلدين". هذا ما أكده السياسي السعودي الحارثي، الذي قال إن بعض وسائل الإعلام تحاول تعكير صفو العلاقة المصرية السعودية بطرحها المستمر لموضوع الجزيرتين.
أهداف داخلية وخارجية
لكن الخبير والمحلل المصري سامح راشد يرى في حوار مع DW عربية أن طرح موضوع الجزيرتين حالياً قد يكون معناه أن هناك "تفاهمات دولية حول موضوع الجزيرتين تم التوصل إليها"، مؤكداً أن "السعودية لها أكثر من هدف في موضوع الجزر، أحدها داخلي والآخر خارجي". فمن ناحية، ارتبط اسم الأمير محمد بن سلمان ارتباطاً وثيقاً بموضوع الجزر، وهو ما أكدت الحكومة السعودية عليه مراراً. ويوضح الكاتب والمحلل المصري أن "القيادة السعودية تريد التدرج في إظهار وتلميع صورة الأمير الشاب داخلياً من أجل تولي الحكم مستقبلاً، متجاوزة بذلك دور ولي العهد محمد بن نايف، الذي يُلاحظ تواريه عن الظهور أمام الإعلام".
ويشكك الخبير المصري سامح راشد في سرعة تطبيق رؤية 2030 التي تحدث عنها الأمير محمد بن سلمان، مشيراً إلى أن رؤية كهذه محتاجة إلى ثلاثة عقود على الأقل كي تصبح ممكنة، إلا أنه أكد في الوقت نفسه على ما قاله عضو مجلس الشورى السعودي بخصوص عدم تغير موقف السعودية بشأن الملفات الخارجية، وألمح إلى أن الأمير الشاب يحمل فكراً حماسياً في التصدي لإيران واستمرار عمليات التحالف العربي العسكرية في اليمن.
أهمية الجزيرتين في الحرب والسلام
هذا ويرى الخبير السعودي أن تنازل مصر عن سيادة الجزيرتين للسعودية يمثل جزءاً من الأمن القومي العربي ولا يعد انتقاصاً من السيادة المصرية على التراب المصري، بل ربما يشكل تطويراً للأمن الجماعي. وبحسب الحارثي، فإن تزايد القوة العسكرية السعودية سبب إضافي لعودة الجزيرتين إليها، وذلك انتفاء للحاجة لحمايتهما من قبل مصر.
يذكر أن جزيرة تيران - وهي الكبرى - تقع عند مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وتبعد ستة كيلومترات عن ساحل سيناء الشرقي وتبلغ مساحتها ثمانين كيلومتراً مربعاً. أما جزيرة صنافير فتقع شرق جزيرة تيران وتبلغ مساحتها نحو 33 كيلومتراً مربعاً.
وتكتسب الجزيرتان أهمية استراتيجية لأنهما تتحكمان في حركة الملاحة بخليج العقبة، وهما جزء من المنطقة (ج) المحددة في معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل. وتخضع الجزيرتان للسيادة المصرية منذ عام 1950.
صفقة دولية قادمة
في هذا الصدد، يفيد الخبير المصري سامح راشد بأن سيطرة السعودية على الجزيرتين قد تقود "لحالة سلام جديدة في المنطقة"، ووفقاً للخبير المصري فإن "تراجع القوى التقليدية في منطقة الشرق الأوسط وظهور الخطر الإيراني بصور أكبر أغرى السعودية برسم خريطة جديدة للمنطقة العربية والتفكير بحلول خارج الصندوق".
ويعتبر الخبير المصري أن استلام السعودية للجزيرتين قد يكون مقدمة لصفقة كبيرة تم التحدث عنها في الإعلام، بحيث يكون العرب وإسرائيل وإيران أطراف هذه الصفقة. ويرى راشد أن المنطقة قد تشهد "تقارباً بين الخليج وإسرائيل"، بحيث تصبح السعودية ملزمة بإقرار اتفاقيات رسميه مع إسرائيل، وهو ما قد يمهد لسلسلة حلول في المنطقة العربية يتم من خلالها تقبل إسرائيل بصورة أكبر في المنطقة العربية، كما سيتم طرح حلول ترضية للفلسطينيين، وستضمن السعودية حليفاً قوياً وهو إسرائيل في مواجهة إيران.
ولا يرى راشد أن الهدف الاقتصادي فقط هو المحرك للسعودية، إذ يقول: "الجسر الذي تريد السعودية بناءه يمثل عاملاً مساعداً لمصر أكبر منه للسعودية. الاقتصاد ليس الدافع الحقيقي الذي يحرك السعودية، مع أنها تريد إظهاره كذلك. الهدف هو تهيئة المنطقة لتغييرات سياسية قد تشهدها المنطقة العربية، والجزر هي المقدمة فقط".
الكاتب: علاء جمعة