تونس.. إقالة وزيري الدفاع والعدل ومطالبات بـ"ضمانات دستورية"
٢٦ يوليو ٢٠٢١أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان اليوم الاثنين (26 تموز/يوليو 2021) غداة قراره إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد أعمال البرلمان، الأمر الذي تسبب بأزمة دستورية في البلاد.
وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان أن سعيّد "أصدر أمراً رئاسياً قرّر من خلاله إعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان". كما عطّل الرئيس التونسي العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية لمدة يومين.
واحتشد المئات تحت الشمس الحارقة أمام مبنى البرلمان التونسي اليوم الاثنين، تفصل بينهم حواجز معدنية أقامتها الشرطة، لرشق خصومهم السياسيين بالحجارة والزجاجات الفارغة والبيض. ووقف مئات من أفراد الشرطة للفصل بين أنصار الرئيس قيس سعيد ومعارضيه بعد أن أقال رئيس الوزراء وجمّد البرلمان في ساعة متأخرة من مساء الأحد في خطوة وصفها خصومه بأنها "انقلاب".
ويثير الصدام بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه أشباح مرحلة جديدة من التصعيد العنيف في شوارع تونس تعيد إلى الأذهان ذكريات الأيام الأولى بعد ثورتها أثناء المواجهات بين الإسلاميين والعلمانيين. وتمكن القادة السياسيون في ذلك الوقت، بمساعدة عناصر المجتمع المدني مثل نقابة العمال القوية، من التوصل لتوافق لتجنب صراع كبير عبر إبرام اتفاق قاد في نهاية الأمر إلى وضع دستور 2014.
المطالبة بضمانات دستورية
من جانبه طالب الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر المنظمات النقابية في البلاد، الرئيس قيس سعيد اليوم الاثنين بوضع ضمانات دستورية مقابل التدابير الاستثنائية التي أعلنت أمس الأحد، وعدم التوسع فيها.
وظل موقف الاتحاد، صاحب النفوذ القوي في الشارع، غير واضح منذ إعلان الرئيس سعيد تجميد البرلمان وإقالة الحكومة وتوليه السلطة التنفيذية. وأعلن الاتحاد، الذي يعد لاعباً أساسياً في هندسة فترة الانتقال السياسي في تونس منذ 2011، موقفه الداعم للحراك الشعبي ضد الفقر والفساد اليوم عقب اجتماع مكتبه التنفيذي.
وأكد الاتحاد على "وجوب مرافقة التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس بجملة من الضمانات الدستورية وفي مقدمتها ضرورة ضبط أهداف التدابير الاستثنائية بعيدا عن التوسّع والاجتهاد". ودعا أيضاً إلى مراجعة التدابير الخاصة بالقضاء لضمان استقلاليّته، في إشارة إلى إعلان الرئيس سعيد توليه بنفسه رئاسة النيابة العامة من أجل تعقب النواب المتورطين في قضايا بعد أن كان قرر رفع الحصانة البرلمانية عنهم.
وطالب الاتحاد بتحديد مدة تطبيق الإجراءات الاستثنائية والإسراع بإنهائها حتى لا تتحول إلى إجراء دائم، والتمسك بالشرعية الدستورية في أي إجراء يتخذ في هذه المرحلة الدقيقة. وأعلنت الرئاسة أنها ستصدر أمراً يضبط التدابير المنظمة للحالة الاستثنائية والتي ستستمر لمدة شهر مع إمكانية التمديد لها، وفق ما ذكر الرئيس.
صندوق النقد: مستعدون لمساعدة تونس
من جهته قال متحدث باسم صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين إن الصندوق على استعداد لمواصلة مساعدة تونس في التغلب على تداعيات أزمة فيروس كورونا وتحقيق تعاف "غني بالوظائف" وإعادة مالية البلاد إلى مسار مستدام.
وأضاف المتحدث، رداً على أسئلة من رويترز: "نراقب عن كثب تطورات الوضع في تونس... لا تزال تونس تواجه ضغوطاً اجتماعية واقتصادية غير عادية، منها تداعيات جائحة كوفيد-19 التي تسبب خسائر كبيرة في الأرواح، وتطلعات التونسيين إلى نمو أعلى وغني بالوظائف وشامل".
وتسبب تجاذب مستمرّ منذ ستة أشهر بين الرئيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم أكبر الأحزاب تمثيلاً في المجلس، بشلل في عمل الحكومة وفوضى في السلطات العامة، في وقت تواجه تونس منذ مطلع تموز/يوليو ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا. وسجلت البلاد حوالى 18 ألف وفاة من أصل 12 مليون نسمة، في أحد أسوأ معدّلات الوفيات جراء كوفيد في العالم.
م.ع.ح/ع.ش (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)