تنظيم القاعدة: وباء لا يغادر أرض العراق
٢٣ مارس ٢٠١٢شهد العراق هذا الأسبوع أعمال عنف كبيرة جدا راح ضحيتها أكثر من ثلاثمائة شخص بين قتيل وجريح.وقد سارع تنظيم القاعدة في العراق، الذي ينشط تحت مظلة ما يسمى بـ "دولة العراق الإسلامية"، إلى تبني الهجمات في بيان أشار إلى أنها (الهجمات) تأتي لضرب الخطة الأمنية التي أعلنت عنها الحكومة استعدادا لاجتماع - من أسماهم البيان - بالطواغيت العرب في بغداد"، وذلك في إشارة إلى القمة العربية المقرر عقدها الأسبوع المقبل في العاصمة العراقية.
الحكومة: "القاعدة ضعفت وهي تهاجر إلى سوريا"
وفي موازاة ذلك تصر الحكومة العراقية على أن نشاط القاعدة قد انحسر في العراق وهي تحتضر. وقد يكون إصرار السلطات العراقية على أن تنظيم القاعدة يضعف في العراق نابعا من مساعي هذه السلطة لشن حرب معنوية نفسية على التنظيم الإرهابي، لكن الصحفي والكاتب في صحيفة الشرق الأوسط وليد الزبيدي له رأي آخر، فقد ذهب في حديث مع DW عربية إلى أن "الحكومة والساسة العراقيون يعلنون باستمرار أنه تم القضاء على تنظيم القاعدة، بل إن رئيس الوزراء قد أعلن رسميا أن عناصر القاعدة وما يسمى بدولة العراق الإسلامية قد اتجهوا إلى سوريا ولم يعد لهم وجود في العراق، لكن بيانات التنظيم من الجانب الآخر وخاصة الذي أطلق بعد عمليات حديثة، تتوعد بأنها ستضرب في الأيام المقبلة الحكومة وكل المشاركين في العملية السياسية، وقد تحقق هذا التهديد كما تحققت التهديدات الأخرى".
واعتبر الزبيدي أن قوة التنظيم تفوق الاحتياطات التي تتخذها الحكومة بمراحل، لاسيما وأنه صار ينسق عمليات معقدة على مستوى عموم البلد في وقت واحد مشيرا بالقول: "رغم أن الحكومة تتخذ إجراءات واحتياطات أمنية كبيرة جدا في بغداد ومحيطها منذ أسابيع استعدادا للقمة، فإن اختراق القاعدة لهذه الاحتياطات يؤكد أن قدرة التنظيم تزداد وتنسيقه على مستوى مناطق العراق كافة يتسع ويتعاظم".
"القاعدة ضعفت لكن بديلها المحلي صار أقوى"
الكاتب الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب جاسم محمد، الذي شارك برنامج العراق اليوم من DWعربية بالتعاون مع راديو دجلة، نبه إلى "وجود خلط بين تنظيم دولة العراق الإسلامية، وهو تنظيم محلي أكثر قوة من تنظيم القاعدة، وبين تنظيم القاعدة أو ما يسمى الجهاد والتوحيد الذي هو فرع تنظيم القاعدة في العراق". وأوجز الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب جاسم محمد أسباب ضعف القاعدة بالنقاط التالية:
1. مقتل قياداتها وزعاماتها التقليدية الميدانية والسياسية.
2. ترهل قياداتها المتبقية وتقدمهم في السن.
3. تخلي طالبان عن تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان وهي معاقل القاعدة الأهم في العالم.
ولفت جاسم الأنظار إلى أن تنظيم دولة العراق الإسلامية يستعمل مفردات خطابية تميّزه عن تنظيم القاعدة الأم، فهو يخاطب طائفة من العراقيين وليس كلهم ، بتسميتهم بـ "أنصار السنة" و"الطائفة المنصورة"، فيما يخاطب الحكومة العراقية بتسميتها بـ "الصفوية".
"غياب القدرات الاستخبارية الأمريكية خلق خللا واضحا "
مدير المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية واثق الهاشمي تحدث إلى DWعربية مبديا رأيا آخر في هذا الموضوع، ومشيرا إلى أن "البيانات التي تبث عبر الانترنت ليست موضع ثقة كثير من الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب، فأي شخص ممكن أن يبنى أي عملية من خلال رسالة على الانترنت، لكن نوعا من الحدس قد تولد في وعي العراقيين، صاروا يعرفون من خلاله من يقف وراء الهجمات الإرهابية وأعمال العنف، فالهجمات الانتحارية تقتصر على القاعدة حصرا، فيما تتولى جهة معينة تنفيذ الهجمات بالعبوات اللاصقة، وتعتمد جهة ثالثة على السيارات المفخخة في تنفيذ هجماتها ". الهاشمي اعتبر أن الدولة العراقية ما زالت تفتقر إلى جهد استخباري يمكنها من التصدي لتنظيم القاعدة.
وقد تمكن 19 من قيادات تنظيم "دولة العراق الإسلامية" يوم الجمعة (23 آذار/ مارس 2012) من الهروب من سجن مديرية شرطة كركوك. تؤكد هذه العملية ضعف وهشاشة أجهزة الأمن، التي يلقي الجميع عليها باللائمة، ويتهمها بالتقصير والفساد وبأنها مخترقة. وقد ذهب الصحفي وليد الزبيدي إلى أن هناك خللا في مجمل منظومة الأمن، مشيرا إلى خطة الحكومة الأمنية وسياستها في هذا المجال لم تنجح في منع المسلحين من الوصول إلى وزارة الخارجية في المنطقة الخضراء ببغداد في تفجيرات الأمس، وهذا يؤشر فشل تدابير الأمن بمجملها.
الخبير جاسم محمد رأى أن قوات الأمن والجيش العراقية قد حرمت من مصادر المعلومات الأمريكية بعد انسحاب القوات الأمريكية من البلد "فلم تعد هناك صور جوية، ولا طائرات استطلاع، ولا عمليات رصد الكتروني، ولا عمليات تنصت فضائي على الاتصالات، ولا متابعات استخبارية لعناصر التنظيم عبر شبكاتهم الدولية، وبالتالي فإن الحكومة فقدت عنصر المباغتة والمبادرة الذي كانت تتفوق به على القاعدة إبان انتشار القوات الأمريكية وفعاليتها في العراق".
"أياد خفية تقتل شعب العراق من خلال القاعدة"
حيدر في اتصال من بغداد أشار إلى أنه طالب في كلية الإعلام ومنتسب لأحد أجهزة الأمن مبينا "أن تطورات الأوضاع في ليبيا ومصر وسوريا، ساهمت إلى حد كبير في تحقيق القاعدة لانسحاب تكتيكي من العراق، كما أن التنظيمات الأخرى المرتبطة بها ومنها دولة العراق الإسلامية بدأت هي الأخرى تنسحب بشكل منظّم من العراق، وقد أثبتت اعترافات منفذي هجمات القاعدة في مدينة حديثة وجود علاقة بين قاعدة العراق والقاعدة في سوريا".
حسين المالكي في اتصال من البصرة ذهب إلى أن القاعدة تنظيم عالمي يرسل متطوعين عرب لقتل العراقيين، كما يمكن أن يستهدف أي منطقة في العالم تنفيذا لمصالح دول لا تستطيع التدخل بشكل مكشوف لتحقيق أهدافها، فهو يمكن أن يكون واجهة لأي دولة في العالم بغض النظر عن توجهاتها العقائدية والسياسية.
ربيع في اتصال من الموصل أشار إلى أن تنظيم القاعدة موجود في كل العالم وفي كل عصر، "لكن هناك أياد خفية لا أريد أن أشير لها بالاسم هي وراء كل هذا الخراب، والمسألة لا تتعلق بصدام حسين، ولا بحزب البعث، ولا بقضية السنة والشيعة، بل هي اكبر من ذلك، والخلاصة أن العراق قد دمره الساسة ودول الجوار وبعض دول العالم التي تحارب شعب العراق". يشار إلى أن هذه الآراء هي لمستمعي برنامج عراق اليوم ونحن ننشرها احتراما لحرية الرأي.
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو