تنافس عالمي على لقاحات كورونا والصين تستغل حاجة أفريقيا!
٧ فبراير ٢٠٢١ليس هناك طلب على شيء في العالم مثل الطلب على لقاح كورونا. والشركات المنتجة للقاح مثل فايزر وبيونتيك وموديرنا وأسترزانيكا يجمعها شيء واحد وهو توفيرها القليل من اللقاح. والجرعات المتاحة تصل إلى البلدان الغنية التي تتوفر على أموال.
وتفيد شبكة People´s Vaccine Alliance بأن سكان الدول الغنية يمثلون فقط 14 في المائة من سكان العالم، وقد اقتنت هذه الدول أكثر من نصف اللقاحات الواعدة. وأفريقيا في مؤخرة الطابور: وتفيد أنباء أن اللقاحات ستكون متوفرة في غالبية البلدان الأفريقية في أبريل/ نيسان 2022 على أقرب تقدير.
إحباط من الغرب
وقد طلبت أفريقيا حتى الآن نحو 900 مليون جرعة. وتتوقع مؤسسة الحماية من الأوبئة الافريقية أن تحتاج القارة إلى 1,5 مليار جرعة على الأقل لتطعيم 60 في المائة من مجموع السكان. وتأمين اللقاح وإقامة أنظمة توزيع قد يكلف حتى 10 مليارات دولار. وهذا يسبب إحباطا كبيرا. "يجب علينا كقارة وبلاد أن نكون مستقلين فيما يرتبط باللقاحات والمنتجات الصيدلانية"، يقول وزير الصحة الكيني موتاحي كاوغسي لـ DW. ويصيف أنه "من العبث فيما يخص القضايا الطبية الاعتماد على الدول الغربية. لا نريد أن نكون دوما الأخيرين ممن يتم التفكير فيهم". ووزيرة الصحة الرواندية السابقة بعثت برسالة مماثلة للغرب وقالت في حوار مع DW موجهة كلامها للدول الغربية "كونوا صرحاء وقولوا أولا شعبي. لا تكذبوا علينا وتقولوا نحن متساوين".
وصول الجرعات الأولى
جنوب أفريقيا حصلت مؤخرا على مليون جرعة من لقاح أسترزانيكا من الهند. ورواندا طلبت مليون جرعة من شركة فايزر الأمريكية ومن موديرنا، والشحنة الأولى ستصل في فبراير/ شباط الجاري. وأوغندا تنتظر الجرعات الأولى من موديرنا وفايزر وأسترزانيكا في أبريل/ نيسان القادم. ويأمل برنامج كوفاكس حتى نهاية العام في توفير 1,3 مليار جرعة لـ 92 بلداذو دخل منخفض. ومبادرة الصحة العالمية تعمل من أجل توزيع عادل للقحات كوفيد 19 للبلدان الفقيرة. لكن المبادرة بإمكانها فقط شراء اللقاحات المرخص لها من منظمة الصحة العالمية، ويشمل ذلك إلى حد الآن فقط لقاح بيونتيك- فايزر.
الالتفات إلى الشرق
وعليه فان بعض البلدان الأفريقية تبحث عن بدائل. وجزر السيشيل تقدم لقاح سينوفارم الصيني، وغينيا تقوم باستخدام لقاح سبوتنيك الروسي. وحتى كينيا مهتمة باللقاح الصيني. "نحن على اتصال مع أسترزانيكا وسينوفارم وفايزر"، أعلن وزير الصحة الكيني، وقال "لكن السؤال من لديه لقاح للبيع أصلا؟ أوروبا استنفدت كل شيء".
ولا يستخدم الجزء الأكبر في أفريقيا لقاح سينوفارم، وإنما كل ما يمكن الحصول عليه من لقاح مهما كان مصدره، كما يقول أريك أولاندر، مؤسس منصة "مشروع الصين أفريقيا". وحتى لو أن فايزر توفرت فجأة على ما يكفي من اللقاح، فإن ذلك لن يحل مشاكل أفريقيا، لأن "هذه اللقاحات لم تُنتج لصالح بلدان نامية، إذ يجب تجميدها"، يقول أولاندر منتقدا. ويضيف أن "هذه اللقاحات في كثير من الأحيان غير صالحة لغالبية البلدان النامية، لأن البنية التحتية لتخزينها غير متوفرة". والصين وروسيا تؤكدان في المقابل أن لقاحاتهما متاحة ويمكن تخزينها في ثلاجات. وقد وعد الرئيس الصيني بوضع لقاحات كورونا الصينية رهن إشارة دول الجنوب أي أفريقيا.
"أوروبا وأمريكا تركزان على نفسهما وتقدمت الصين واستثمرت الكثير لولوج سوق اللقاح الأفريقية"، يقول خبير الشؤون الأفريقية روبرت كابيل من جانمعة لايبزيغ الألمانية لـ DW. وقد قدم الاتحاد الأوروبي الكثير من المال لمنظمة الصحة العالمية لتأمين لقاحات للبلدان الأفريقية، لكن الصين كانت مستعدة للتوزيع.
المنقذ عند الحاجة
ومن خلال ذلك يمكن أن يزداد نفوذ وتأثير الصين في أفريقيا. فمنذ سنوات دخلت الصين والدول الغربية في سباق من أجل ممارسة تأثير سياسي واقتصادي أكبر في أفريقيا. والصين قامت بتمويل مشاريع للبنية التحتية في العديد من البلدان الأفريقية. وتتهمها الدول الغربية بوضع عينها على الموارد الطبيعية للقارة السمراء. وحتى في بعض البلدان الأفريقية زادت خيبة الأمل من التأثير الصيني في السنوات الأخيرة. وهذا قد يتغير الآن، فإذا "تمكنت الصين من تسليم اللقاحات وإنقاذ جزء كبير من الأفارقة، فهل تعتقدون أن هؤلاء سينظرون بسلبية للصين؟" تسأل وزيرة الصحة الرواندية السابقة.
حسابات سياسية
إريك أولاندر من "مشروع الصين أفريقيا" يرى أن وراء الحملة الصينية للتطعيم حسابات سياسية بحتة: "فهي فرصة لسحب البساط من تحت قدم الخصم الأمريكي والأوروبي. فلما لا تستغل الصين ذلك؟".
والحقيقة هي أن الصين والهند وحتى روسيا عكس الأوروبيين مستعدة لإنتاج اللقاحات بكميات لا يمكن منافستها. لكن إلى حد الآن لم يتأكد من خلال دراسات مستقلة مدى فاعلية اللقاح الصيني. وحسب معطيات الحكومة الصينية تصل الفاعلية إلى 79 في المائة.
وأفريقيا ستتذكر في المستقبل جائحة كورونا لفائدة الصين، كما يفيد أولاندر. "والأوروبيون سيعودون يوما ما إلى أفريقيا وسيقولون: نحن شريك أفضل من الصينيين، والأفارقة سيقولون: أين كنتم عندما كنا في حاجة إليكم؟".
سيليا فروليش/ م.أ.م