تلاميذ المدارس يؤسسون "شركات افتراضية"
٢٦ مايو ٢٠١٠لا تلقى مصطلحات مثل "الاقتصاد" أو "إنشاء الشركات" إقبالاً كبيراً لدى التلاميذ، الذين عادة ما تنقصهم المعلومات حول ما تعنيه كلمات مثل "التسويق" أو "دراسات الجدوى" أو "كيفية تطوير فكرة منتج ما" أو كيفية إيجاد التمويل اللازم لمشروع ما. لذلك سعى القائمون على الجائزة الألمانية لمؤسسي الشركات إلى تخصيص جائزة لتلاميذ المدارس لتشجيعهم على خوض هذا المجال منذ سن مبكرة. وعن هدف هذه المسابقة تقول نادية توبر، مديرة المشروع، في حوار مع دويتشه فيله: "هدفنا هو أن نشجع الشبيبة على الاهتمام بمجال الاقتصاد وبالتالي نؤهلهم للمستقبل، لأنهم في هذه الفترة من حياتهم عادة ما يطرحون أسئلة حول الأعمال التي تناسبهم وعن مواهبهم". وتضيف توبر، بأن القيام بمشاريع "افتراضية"، يتيح لهؤلاء التلاميذ الفرصة للاحتكاك بعالم الاقتصاد الحقيقي ولإطلاق العنان لأفكارهم دون تعريض أنفسهم لخطر حقيقي في السوق، وهو ما يمكنهم من اكتساب مهارات تساعدهم في مستقبلهم المهني.
"لعبة" قريبة من الواقع
كذلك تشير توبر إلى أنهم اختاروا أن تتم المسابقة على صورة لعبة لتشجيع المراهقين على المشاركة فيها. ويقدم المشاركون في المسابقة أفكارهم عن طريق الإنترنت بحيث يتقدم تلاميذ المدارس كفرق عمل، ويقدم كل فريق فكرة لتأسيس شركة ما. ويتم قبول كل المشاريع حسبما تؤكد نادية توبر، إلا إذا كانت مشاريع غير قانونية أو غير واقعية. ثم يطلب من الشباب القيام بمهام محددة ليتمكنوا في نهاية الأمر من تحديد كل التفاصيل الخاصة بمشروعهم، فيكون عليهم مثلاً القيام باستطلاعات رأي أو دراسات للسوق.
لكن القائمين على المشروع لا يتركون الشباب وحدهم "في عالم الاقتصاد الواسع" حسبما تؤكد توبر، فكل مجموعة من التلاميذ تبحث عن "مدرب خبير" من الشركات الداعمة للمشروع لمساعدتهم. وتضيف أن هذا المدرب يوفر للشباب "الاتصال الأول بعالم الاقتصاد الحقيقي"، كما يقدم له المتسابقون ما توصلوا إليه من نتائج وأفكار ليقيمها ويساعدهم على تحسينها.
ويقوم بتمويل المشروع عدد من المؤسسات المالية والصحافية الألمانية كمصرف شباركاسه ومجلة شتيرن بالإضافة إلى القناة الثانية في التلفزيون الألماني ZDF وشركة بورشة، وذلك بدعم من وزارة الاقتصاد والتكنولوجيا. وتقدم تلك الجهات القائمة على المشروع الدعم للتلاميذ ولمدرسيهم، الذين عادة ما يكون لهم دور كبير في تشجيع التلاميذ على المشاركة في المشروع، وفي مساعدتهم خلال كل مراحل المشروع. وهو ما يؤكده فولفغانغ غنتسكه، أحد التلاميذ الخمسة الفائزين بجائزة المسابقة لعام 2009، في حديث لدويتشه فيله قائلاً: "لقد جاءت فكرة مشاركتنا في هذه المسابقة من خلال مدرس الفصل الذي شجعنا وعرض علينا أن يساعدنا في وقت فراغه بشكل تطوعي".
المشروع الفائز: فرشاة أسنان تقلل من زيارات الطبيب
وبالفعل تحمس فولفغانغ غنتسكه ومجموعة من زملائه لتلك الفكرة، وتمكنوا من ابتكار فكرة مشروع فرشاة أسنان الكترونية افتراضية، تسمى إي دنت. وتساعد هذه الفرشاة في اكتشاف الأمراض أو الالتهابات داخل فم المريض، دون الحاجة لزيارة الطبيب، عن طريق مجسات خاصة. وقد تعلم فريق العمل الكثير خلال فترة المسابقة التي امتدت على مدى أربعة أشهر. ويؤكد غنتسكه بأنه كان عليهم أن يخططوا لعملهم بدقة وأن ينظموه فيما بينهم. وأوضح غنتسكه بأن فريق العمل تلقى مساعدة ودعما كبيرين من كل القائمين على المشروع، وخاصة المدرب المسؤول عنهم و"مدير اللعبة" الذي يطلق عليه "مستر إس" والذي يعطي النصائح والتوجيهات. ويضيف غنتسكه بأنهم تعلموا خبرات لا تقدر في هذه المدة القصيرة، بالإضافة إلى أن فكرتهم أهلتهم للفوز بالجائزة الأولى. ويعبر عن لحظات الفوز قائلاً: "لقد فوجئنا باختيارنا ضمن أفضل عشرة فرق ثم ضمن أفضل خمسة وفي النهاية فزنا بالجائزة الأولى، وبالطبع كان هذا رائعاً".
عملية تقييم المشاريع تتم على ثلاث مراحل حسبما تقول مديرة المشروع توبر، أولها هي التزام التلاميذ بالمدة المحددة لتسليم المهام، والقيام بها بشكل كامل. بعدها يتم تقييم كل مشروع من قبل شخصين، كما يتم اختيار أفضل 30 مشروعاً. بعد ذلك تقدم تلك المشاريع الثلاثون لفريق التحكيم لاختيار أفضل عشرة فرق. وتتم دعوة تلك الفرق العشرة إلى مدينة هامبورغ لتكريم أعضائها وتسليمهم جوائز مادية. كما تحصل أفضل خمسة فرق على فرصة للمشاركة في معسكر المستقبل، حيث تقام ورش عمل لتدريب المشاركين على كيفية تقديم أفكارهم للشركات، وكيفية تقديم أنفسهم للعمل، بالإضافة إلى تدريبات خاصة لمساعدتهم على اكتشاف مواهبهم ونقاط الضعف والقوة لديهم.
الكاتبة: سمر كرم
مراجعة: أحمد حسو